يبقى المجتمع الجزائري في حاجة إلى سبل ومن يرسخ في ذاكرته ثقافته الأصيلة التي تعكس هويته وانتماءه للمنطقة، حيث يعد الفن البناء بكل أشكاله الطريق المختصر لإثراء وبعث الثقافة الوطنية وسط المجتمع الجزائري.. نجد السينما من أهم الفنون التي بإمكانها المحافظة على الهوية الوطنية، هذه الأخيرة التي تعكس قبل كل شيء حضارة وتاريخ المنطقة، ولا يختلف اثنان في الدور الكبير الذي يلعبه الفن السابع في رسم الهوية، حيث يستطيع أن يحقق ما تعجز عنه الكثير من السبل، كما بإمكانه هدم وكسر الثقافة المحلية لأي منطقة والدخول في غمار العولمة، هذه الأخيرة التي بإمكانها إدخال أشياء وسلوكات غريبة وبعيدة كل البعد عن الثقافة الحقيقة للمجتمع. حتى أهل الاختصاص دعوا في الكثير من المناسبات والفعاليات الى ضرورة النهوض بالسينما الجزائرية، مؤكدين أنه إذا لم ينتج الجزائريون أفلامهم وصورهم الخاصة سيأتي من الخارج من سيتكفل بانجازها في مكانهم، وبالتالي إدخال ثقافات من الممكن أن تكون لا تتماشى والثقافة المحلية لهم. ومن بين كبار أبناء السينما الجزائرية الذي رأى أن الفن السابع في بلادنا يشهد وضعا صعبا خصوصا وأننا نبحث دائما عن من يحفظ الذاكرة الجزائرية، المخرج ومنتج العديد من الأفلام التي رسمت لها اسما في المحافل الدولية أحمد راشدي، حيث أكد أن الفن الجزائري أصيل والمجتمع الجزائري يحتاج إلى من يرسخ في ذاكرته الثقافة الأصيلة ويصور له حياته بطابع فني أنيق وراق، كما دعا إلى وجوب سير السينما نحو الأمام، لأنها تحتاج الى دفعة قوية، مؤكدا ''أن القطاع السمعي البصري قطاع استراتيجي اذا أحسنا استغلاله في النهوض بالثقافة الجزائرية والعربية أيضا.'' كما كان للمخرج عمار العسكري ذات الموقف، حيث أكد في مرات عديدة ل''الشعب'' أن للجزائر تاريخ يمتد آلاف السنين ومن المفروض أن ''نستغله سينمائيا، وفي مجال الإبداع السمعي البصري أيضا في إنارة الطريق للأجيال القادمة''، كما أكد صاحب فيلم ''دورية نحو الشرق'' أن السينما يجب أن تلعب دورها في تأريخ مراحل هامة في حياتنا، وأوضح في هذا الصدد أنه من الممكن توظيف هذا التاريخ في أفلام عن حضاراتنا لما قبل التاريخ وعن شخصيات تركت بصمتها، لأن الآخر يكتشفنا ويقوم بتقديم ثقافتنا على مقياسه. لكن السؤال الذي يبقى يطرح نفسه، لماذا السينما الجزائرية لم تصل إلى المستوى المطلوب وتبقى دائما منطوية على نفسها وعاجزة في تقديم وفعل ما تستطيع فعله؟ في حين أن الجزائر تمتلك المواهب وتمتلك أيضا مادة خام يمكن تحويلها الى فن حقيقي يدخل البيوت الجزائرية من الباب العريض، غير أن المشكل الذي يجد إيجاد الحل له هو التكفل بالتكوين الجيد لكوادر تستطيع أن تعيد للسينما الجزائرية مكانتها، خاصة وأنها تحمل في أرشيفها عدد لا يستهان به من الإنتاج السينمائي خصوصا فيما يتعلق بالثورة الجزائرية، هذه الانتاجات التي حصدت العديد من الجوائز في الفعاليات والمهرجانات الدولية، وما تزال إلى اليوم تحتل مكانة مرموقة عند المشاهد الجزائري. وللوصول إلى المبتغى، على أهل الاختصاص أبناء الفن السابع في الجزائر الاهتمام بما يحصل في المجتمع، مع تصوير واقع معيشي والاهتمام أيضا بيوميات المواطن الجزائري والتطلع إلى أحلام الشباب وترجمتها عن طريق الصورة والصوت، وإنتاج عمل راق من شأنه أن يجلب ويخطف أنظار المشاهد. وهذا لا يعني غفلة السينمائيين وإهماله لعالم السينما، حيث أن هناك أسماء وجهود يراد من خلالها النهوض بالفن السابع الجزائري، إذ أن هناك إرادة حقيقية في وضع إستراتيجية لإعادة بعث السينما خصوصا ودفع الثقافة الجزائرية عموما مع المحافظة عليها، وحمايتها من زوبعة العولمة التي تأتي على الأخضر واليابس.