لم يعد الإنخفاض المسجل في عدد الحالات الوبائية والوفيات وانتشارالأمراض بالصورة التي كان عليها قبل المخطط الصحي الذي تجسد من خلال تطبيق البرامج الخماسية الخاصة بالصحة الجوارية التي تم إعتمادها بالقطاع في ولايتي الشلف وعين الدفلى، لكن وعلى الرغم من تلك الأموال المرصدة لإنجاز هذه المشاريع والهياكل التي برمجتها السلطات الولائية إلا أن النقائص العديدة التي تحدث عنها السكان والمنتخبون ويكشفها الواقع بالمنطقتين يتطلب جهودا إضافية لما تحقق وعمليات وتكفل فعال لإزالة مظاهر الغبن والمعاناة التي وقفت عليها »الشعب« ميدانيا. تشخيص الواقع الصحي الذي لم يسلم من أثار الوضع الأمني الذي شهدته عدة بلديات بولايتي الشلف وعين الدفلى أين تم غلق وتخريب عدة منشآت صحية خاصة بالمناطق الريفية، تبرزه تلك النقائص المسجلة رغم الجهود التي بذلت خلال هذه السنوات لتدارك الوضع وإصلاح ما أفسده التخريب وعبث به سوء تسيير للهياكل الصحية بالجهتين اللتين سارعت الى تطبيق المخطط الوطني للصحة العمومية والجوارية التي مازالت تعتريها بعض العثرات والنقائص التي حولت يوميات السكان الى معاناة ومتاعب واستغاثات يومية لتدارك الوضعية المسجلة ميدانيا. قاعات مغلقة ومداشر بدون هياكل صحية وقطع 20 كلم من أجل أخذ حقنة فاتورة التخريب لبعض الهياكل الصحية وإعادة ترميمها بلغ ملايين الدينارات في بلديات الولايتين اللتان نجحتا في فتح بعضها بعد تسجيل عودة السكان الى مناطقهم الأصلية كما هو الحال بمناطق الشلف وعين الدفلى حيث مكن سكان الزنادنية ببلدية الشرفة وأولاد زينوتي بالعطاف وأولاد برحمة ببلدية زدين من إزالة الغبن ولو جزئيا رغم نقص الأدوية وبعض التجهيزات ومحدودية الكشوفات الطبية المبرمجة من طرف الإدارات الصحية. في وقت لازالت بعض قاعات العلاج خاصة بعين الدفلى مغلقة كما هو الحال بمنطقة واد الحد ببلدية عريب حيث تواجه أزيد من 65 عائلة مازالت مستقرة بمنطقتها النائية الآمنة، غير أن الصعوبات التي تواجهها يوميا في التنقل وقطع حوالي 20 كلم للوصول الى مقر بلدية عريب لأخذ حقنة وتلقيح الأطفال والكشف الطبي، وهذا بسبب القاعة المغلقة والتي تحتاج الى ترميم حسب رئيس البلدية الذي إعترف بالمعاناة اليومية التي يكابدها هؤلاء السكان. كما يواجه سكان سدي جلول ببلدية جندل وأولاد علي ببلدية جليدة وتغلسيا ببلدية الجمعة أولاد الشيخ الواقعة في جهة الجنوب الغربي لعاصمة الولاية، وهو ما أكده التقريرالصحي للمديرية الأخير. ومن جانب آخر يستغرب سكان الحمامة بالجهة الشمالية لمدينة مليانة عاصمة جبال زكار الأشم عن إنعدام الطبيب بقاعة العلاج المبنية حديثا حسب البرلماني مراد بوصلحيح. أما في منطقة الكوان والقرية باتجاه دشرة الزمول بواد الفضة فغياب قاعة العلاج التي من المفروض أن تكون بجوار المسجد للتكفل الصحي بسكان الجهتين، البالغ عددهم أزيد من 2000 نسمة حتمت عليهم التنقل الى مركز البلدية لأخذ حقنة خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال في الحالات المرضية حسب أقوال إحدى العجائز التي تكفلت بهذه المهمة رفقة زوجة إبنها »هذه مهمة صعبة ياولدي وماقدرناش عليها، مابغاوش اشوفو لنا« حسب قولها المتحصر على الوضعية التي طالت منذ سنوات. الصورة لا تختلف بالنسبة لسكان الشناقرة وعواجة القاطنين وسط سلاسل جبلية يحيط بها نسيج غابي وتعزلها أودية تحول دون التنقل اليومي لمقر بلدية الماين الواقعة في الجنوب الغربي لعاصمة الولاية عين الدفلى على مسافة أزيد من 50 كلم، حيث تعزف معظم النساء على قطع مسافة طويلة للوصول الى مركز البلدية إلا في الحالات المستعجلة جدا حسب أقوال شيوخ المنطقة، كون السلاسل الجبلية والتضاريس القاسية لاتسمح بذلك في ظل انعدام الطريق »المشي أخذ من حياتنا الكثير وصرنا لانقدر« يقول أحد الشيوخ الذي وجدناه يتعكز على قضيب من أغصان شجرة البلوط. هذه الظروف القاسية فرضت على العائلات التداوي بالأعشاب والأدوية التقليدية المعروفة بالمنطقة. نقص الأدوية والتجهيزات وإنعدام سيارات الإسعاف ولعل من مظاهر النقص التي تواجه عدة هياكل صحية بمناطق ومداشر كثيرة بالولايتين هي التي كانت وراء تلك المعاناة التي تتخبط فيها العائلات القاطنة بالوسط الريفي أو حتى بعض المجمعات الحضرية التي تعاني من النقص الواضح في الأدوية البسيطة منها خاصة في حالة الحوادث التي تتطلب الإستعجالات الاولية لإنقاذ حياة المصاب قبل نقله الى أقرب مؤسسة إستشفائية أو عيادة عمومية. ناهيك عن التجهيزات القديمة وحالات التعقيم وما يصاحبها من أخطار محدقة، كون هذه الهياكل لاتنال حصتها من التجهيزات أثناء عمليات التجديد للأدوات الطبية مما يجعل الممرضين أمام حالات يصعب التكفل بها في ظل النقص المسجل الذي طالما اشتكى منه المكلفون بتسيير هذه الهياكل التي بعضها لايحمل إلا الإسم. يحدث هذا في ظل إنعدام سيارات الإسعاف لدى هذه الهياكل، الأمر الذي يدفع هؤلاء بالمغامرة الى نقل المريض في سيارة خاصة، مما يعقد من وضعية المريض الذي قد يفقد حياته أثناء قطع هذه المسافات، وإن وجدت هذه السيارات فهي غير قادرة على تلبية الطلب المتزايد خاصة عندما تكون في مهمة مماثلة أو خارج إقليم البلدية المعنية. هذه الوضعية صارت تثير قلق العائلات خاصة تلك التي تعاني من أمراض مزمنة سواء تعلق الأمر بالنساء أو الشيوخ والأطفال الأبرياء. معضلة القابلات وضعف التغطية في المناوبة الطبية مازالت رعاية الأمومة وضعف التغطية في المناوبة الطبية إحدى المعضلات المطروحة بحدة رغم ما تخصصه الدولة من برامج وحملات وقائية وتحسيسية الخاصة بطب النساء وتوفير الصحة الجوارية المطلوبة أثناء الليل والنهار حسب البرنامج المخطط من طرف وزارة الصحة، غير أن الطلب الكثير والنقص الكبير حوّل يوميات سكان المناطق النائية ومنها البلدية الريفية الى متاعب وصراع أصبح هاجس السكان والعائلات. فقلة القابلات وإنعدامها في مناطق عديد يجعل حياة المرضى من النساء في خطر دائم، حيث يتعذر عليهن إجراء الكشوفات والمتابعة لصحتهن أثناء فترات الحمل والصعوبات التي تواجهها خلال هذه المدة، مما يؤثر سلبا على وضعية الجنين وصحة الحامل حسب قول أحد المعنيات التي رفضت الكشف عن إسمها وإنما أرادت رفع ندائها للجهات المعنية للنظر في هذه المعضلة. ورغم النقص المسجل إلا أن مدرسة شبه الطبي بالعطاف لم تفتح لها فرعا لتدارك النقص المسجل بالمناطق الريفية التابعة لمقاطعة الجهة الغربية من ولاية عين الدفلى. أما فيما يخص بالمناوبة فالأمر أصبح معقدا كما هو الحال ببلدية مصدق خاصة بالقاعة المتعددة الخدمات الصحية التي مازالت بدون مناوبة طبية، مما يحتم على السكان قطع 17 كلم للوصول الى توقريت أوالمستشفى القريب هذا إن توفرت وسيلة النقل أثناء الليل، وإذا تعذر ذلك فعلى المصاب أن يتحمل نوبات المرض وقد يصل الى حالة وفاة في ظروف قاهرة. ونظرا لإستفحال هذه المعضلة، بادرت البلدية الى تخصيص مبلغ مالي من ميزانيتها لبناء قاعة استعجالات للتخفيف من المعاناة القاسية التي أنهكت أبناء المنطقة خاصة الفقراء منهم حسب مصادر من البلدية. أخطار الأمراض الوبائية ومظاهر التلقيح لعل البرامج الوطنية المعتمدة في مكافة أخطار الأمراض الوبائية عن طريق التلقيح بكل أشكاله، هي التي أفرزت هذا التراجع والإنخفاض المحسوس في النسب الضئيلة للأمراض المعدية خاصة بالوسط الريفي الذي مازال بعيدا عن النتائج المقبولة بالمدن والحواضر نظرا لعامل التربية الصحية والتوعية والتحسيس الذي يتفاوت من منطقة الى أخرى حسب المعطيات التي تقرها المصالح الصحية بالولايتين. ففي ولاية الشلف تشير التقارير الصحية التي الموجودة بحوزة »الشعب« وكذا بعض تصريحات المعنيين، الى الإنخفاض في الحالات المرضية خاصة في وباء التيفوئيد وإلتهاب الكبد حيث لم تسجل سوى 65 حالة للتيفوئيد و25 حالة لمرض إلتهاب الكبد خلال سنة 2000 لتنخفض خلال سنة 2011 الى 15حالة لإلتهاب الكبد ولاشئ للتفوئيد، كما تراجعت نسبة التسممات من 550 حالة خلال 2008 الى 220 حالة خلال 2010. في حين نسب التلقيح ضد مرض السل وشلل الأطفال وإلتهاب الكبد قد بلغت سنة 2007 ما نسبته 3،90 بالمائة و1،94 بالمائة خلال 2010. وهو تراجع قد يتفاقم إن لم تراجع الجهات المختصة والمعنية حساباتها خلال هذه السنة مادامت وزارة الصحة كشفت عن دعم منحته الحكومة لتغطية النقص المسجل في هذا المجال. كما على الأولياء التقرب من أبنائهم ومراقبتهم اليومية لحركتهم يقول نائبة مدير مستشفى الشرفة الذي استقبل هذه الأيام حالات وبائية وعددها 15حالة مصابة بمرض إلتهاب الكبد. كما طالب السكان في عدة جهات كانت تحت عدسة »الشعب« خلال الأيام الفارطة الجهات المعنية الى التنقل الميداني الى المناطق الريفية التي أصبحت عرضة لبعض الحالات، ناهيك عن حالات الفقر التي لا تسمح لبعضهم بالتكفل الصحي اللائق حسب تصريحاتهم. إنجازات للإستثمار في الجانب الصحي بالولايتين بالمقابل لم تتوقف عمليات إنجاز المشاريع الصحية بولايتي عين الدفلى والشلف حيث تم تدعيم القطاع بهياكل جديدة كما هو الشأن، ببلديتي بوقادير وواد السلي اللتان شهدتا انجاز مصلحتين استعجاليتين وعيادة متعددة الخدمات ببني حواء وعلاج بالمناطق الأكثر معاناة بالجهتين، بالإضافة تزويد هذه الهياكل والمؤسسات بالتجهيزات لتجاوز النقص المسجل خاصة بالمناطق الريفية التي وبالرغم من هذه البرامج إلا أنها لازالت في حاجة ماسة الى جهد آخر لضمان التغطية اللازمة خاصة في مصالح الأمومة وطب النساء والأطفال الذي مازال يسجل عجزا. وهي التعليمات التي حرص مسؤولي الولايتين على تجسيدها ضمن المخطط الصحي داخل 71 بلدية موزعة على تراب المنطقتين اللتان إستعادتا عافيتهما الأمنية، فيما لازالت بعض التجمعات السكانية خاصة القاطنة داخل البيوت القصديرية والطوبية بحاجة الى رعاية وتحسين ظروفها المعيشية على اعتبار »أن الوقاية خير من العلاج« على رأي العاملين بالقطاع الطبي والصحي.