تنسيق تام في الغرب مابين إسرائيل والولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية للضغط على إيران من أجل التخلي عن برنامجها النووي، وإلا المزيد من العقوبات بقصد تركيع هذا البلد المناوئ لإسرائيل وللهيمنة الأمريكية وتوابعها في الغرب، أو هي الحرب التي دقت طبولها في تل أبيب .. ويجري إعداد الرأي العام الدولي لتمريرها على طراز ما جرى من قبل في العراق تحت مبررات كاذبة مثل امتلاك نظام صدام حسين لأسلحة دمار شامل وعلاقته بالقاعدة وإسقاط نظامه الديكتاتوري. وهو ما أثبتت الأحداث اللاحقة، بعد احتلال العراق قبل 8 سنوات، كذبه لاعتماده على تقارير الاستخبارات الأمريكيةوالغربية على السواء. ولهذا تتوزع الأدوار والجهود الغربية من دون إستبعاد أي خيار بما فيه الخيار العسكري الذي يجري تلميعه، مع الترويج بأن الحكومة الإيرانية أصبحت معزولة دوليا وأن الصين وروسيا تشاركان الغرب مساعيه لمنع إيران من إمتلاك السلاح النووي..! لكن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أعرب يوم الاثنين الماضي عن قناعة موسكو بأن العقوبات ضد النظام الإيراني قد استنفدت بالكامل، بل أنه اعتبر ما يجري حول إيران مؤخرا وخاصة بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، هو أشبه بالمحاولة للإطاحة بالنظام. مؤكدا على أنه من الضروري حلّ المسألة الإيرانية بالطرق الدبلوماسية. وفي رأي وزير الخارجية الروسي، أن التهديد بمزيد من العقوبات ضد إيران بعد أن فعل مجلس الأمن كل ما يمكن إعتباره ضغطا عقابيا بخصوص البرنامج النووي الإيراني، ناهيك عن أن التهديد بضربات جوية معناه إبعاد إمكانية التوصل إلى حل تفاوضي. ولقد أشار سيرغي لافروف تحديدا، إلى أن تقرير الوكالة الدولية لم يتضمن أي جديد، داعيا الوكالة إلى كشف إسم البلد الذي قدم الوثائق لاعداد هذا التقرير..! ورغم ذلك لا يجد الرئيس الأمريكي غضاضة في أن يتكلم بإسم العالم، وكأنه قد حصل على توكيل منه لضرب إيران. ففي تصريحاته بمؤتمر صحفي عقده الأحد الماضي، عقب إختتام قمة منتدى التعاون الإقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك) في هونولولو بجزيرة هاواي الأمريكية، يقول بكل بساطة: أن العالم أصبح متحدا ضد البرنامج النووي الإيراني. وإذا كان أوباما قد أجرى فعلا محادثات منفصلة مع نظيريه الروسي ديمتري مدفيديف والصيني هوجيتاو، على هامش قمة أبيك، وأوضح أن الزعماء الثلاثة اتفقوا على هدف واحد بخصوص الملف النووي الإيراني، فإن الرئيس الروسي والصيني لم يعلنا صراحة عن مثل هذا الموقف في ختام لقائهما مع أوباما. ولم يضيفا أي جديد على موقفهما المعارض لتشديد العقوبات على إيران وتحذيرهما من عواقب اللجوء إلى الخيار العسكري. ويبدو أن العالم الذي يتكلم باسمه الرئيس أوباما، هو الصدى القادم من الدول الأوروبية ومن إسرائيل ذاتها. إذ قال رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو خلال إجتماع حكومته الأسبوعي يوم الأحد الماضي، أن إيران أقرب إلى الحصول على قنبلة نووية مما يعتقد، لكنه لم يذكر أشياء غير معروفة عن برنامجها، داعيا الدول الكبرى لاتخاذ كل الخطوات الكفيلة بوقف برنامجها النووي. في حين إختتم بقية عالم أوباما ونتنياهو المتمثل في إجتماع وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي في بروكسل، بإرجاء فرض عقوبات إضافية ضد إيران وسط إنقسام كبير بخصوص الخيار العسكري، الذي قالت بريطانيا بأنه يجب طرح جميع الخيارات على الطاولة. لكن يبدو أن إيران قد تعودت على مثل هذه التهديدات التي تعتبرها ضمن حرب نفسية متواصلة ضدها بالاعتماد على وسائل الإعلام الغربية المتحكم فيها من قبل اللوبيات المالية الصهيونية، وهي إن كانت في هذه المرة قد أحدثت بلبلة إعلامية وسياسية في العالم، فإنها لن تثنيها في التراجع عن مواصلة برنامجها النووي السلمي الجاري في شفافية تامة والخاضع للتفتيش الدوري من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي أصبحت تصدر تقارير مسيسة في عهد مديرها العام الجديد.