انتهت الجلسات الجهوية ال 5 للتشاور الوطني حول التنمية المحلية بعنابة بالموافقة على جملة من التوصيات تصب كلها في اعتماد بدائل أخرى تخرج الجماعات الوطنية من حالة الجمود والاتكالية إلى المبادرة في التكفل بانشغالات المواطنين وتسوية المشاكل المتراكمة. وكشفت مضامين الاقتراحات التي اعتمدت في ساعة متأخرة من ليلة الإثنين والثلاثاء بقصر الثقافة والفنون ل «بونة» جدية علاج قضايا معقدة متراكمة عجزت السلطات المحلية وحدها على تسويتها لأسباب عدة منها نقص الموارد والصلاحيات والتداخل الوظيفي بين المركز والمحيط والسياسة المنتهجة التي لا تشرك المجتمع المدني في القرار والخيار. وتبقيه مجرد ديكور لا يلجأ إليه إلا عند المواعيد الانتخابية والمواسم السياسية. من هنا يفسر لماذا تأخرت الجلسات الجهوية التي حضرتها ولايات الشرق ال 8، عنابة المحطة المستضيفة لها قالمة، سوق أهراس، الطارف، تبسة، سكيكدة، قسنطينة، ميلة في المصادقة على ما قررته من تدابير عاجلة تصحح الخلل وتعيد التوازن إلى معادلة التنمية المستديمة الملبية للانشغالات والاحتياجات. وتفسر كيف خرجت عن المألوف الجلسات التي يديرها المجلس الاقتصادي الاجتماعي للتشاور المفتوح مع مختلف مكونات الأمة والمجتمع تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في اجتماع مجلس الوزراء يوم 02 أوت الماضي. والكيفية التي سير بها النقاش والحوار دون النظر إلى المحطة وكأنها مجرد لقاء بروتوكولي فرضته أجندة عابرة. على العكس من ذلك لم يكتف المشاركون سواء ممثلو الجهاز التنفيذي أوالمنتخبون المحليون أو الجمعيات بقاعدة «الحضور من أجل الحضور» وقبول ما يعرض عليهم من أفكار تبدو جاهزة لكنهم توقفوا عند أدق التفاصيل تجاوبا وتأكيدات محمد الصغير باباس رئيس «الكناس» في مداخلاته المتعددة بضرورة التحرر من القيود والإملاءات والطابوهات في إقرار توصيات تكون في مستوى تطلعات الإصلاحات العميقة التي تشكل المشاورات المحلية واجهتها الأخرى. وقد عاشت «الشعب» وقائع الجلسات الجهوية بعنابة التي سبقت موعدي برج بوعريريج والعاصمة قبل الجلسات الوطنية نهاية ديسمبر الداخل التي تتوج المسار التشاوري بأكمله ضمن البرنامج الوطني للإصلاحات ليتم إرسال التقرير في نهاية المطاف إلى رئيس الجمهورية واعتماده في السياسة الوطنية البديلة. على هذا الدرب سارت الورشة الأولى الخاصة بديناميكية جديدة للتنمية المحلية المرتكزة على احتياجات السكان. وشددت في خلاصتها التي تمت بعد نقاش ساخن على ضرورة ملاءمة وسائل ومهام الجماعات المحلية والإصلاح المالي بصفة ينهي حالة العجز في ميزانية المجالس المنتخبة. وشددت كذلك في حوصلتها المعروضة على المسامع في آخر الأشغال على حتمية تكفل الجماعات المحلية ببعض نفقات التسيير واختيار البرامج التي تلبي الاحتياج السكاني دون الإبقاء على مركزية القرار وتداعياته السلبية. من جهتها ذكرت الورشة ال 2 وموضوعها إعادة تأهيل الخدمة العمومية على إقامة علاقة ثقة بين الإدارة والمواطن ومراجعة أساليب إدارة شؤون الرعية بصفة تعزز التماسك الاجتماعي وتضمن المنفعة العامة. وذكرت كذلك بمطالب ملحة اعتبرت ناقوس خطر لا يمكن الاستهتار بها. وتخص تكفل الدولة الموسع بالخدمات العمومية التي ترصد لها الأموال الطائلة ولا تحسن في الأفق. والأمثلة تعطيها وضعية المستشفيات والمرافق التربوية والمواصلات وغيرها من القطاعات التي فقدت مضمونها بفعل التسيب وعقلية البايلك وقاعدة «تخطي راسي». وأبرزت الورشة ال 3 حول نموذج الحكامة المحلية أهمية التحرك العاجل لإقامة علاقات متوازنة دائمة بين المجالس المنتخبة والهيئات التنفيذية وعلاج الاختلال والتصادم بينهما في الكثير من الحالات المتضرر الأول والأبدي المواطن. كما كان التأكيد في التوصية على واجب كسر الاتكالية المفرطة على الإدارة المركزية التي تتمادى في ضبط برامج ومشاريع لا تناسب دائما الاحتياجات المحلية الملحة. ولم تبتعد الورشة ال 4 على هذا الخط في وضعها الإصبع على الجرح حول موضوع الأولويات والاحتياجات. وذكرت في هذا المقام بواجب التكفل بالشباب باعتباره عصب التطور والإصلاح. ونادت الورشة في علاج إشكالية الشباب والتنمية المحلية بمراجعة آليات التشغيل ودعم المشاريع المصغرة والخروج من النظرة السياسية في التعامل مع ملف الشباب بمنحه فرص عمل دائمة مستقرة مولدة للتشغيل والثروة تخرج الفئة من حالة الانتقالية الدائمة.