شرع المجلس الاقتصادي الاجتماعي ''كناس'' في خرجات ميدانية للنظر في كيفية إحداث انطلاقة جديدة للتنمية المحلية اعتمادا على حوارات ونقاشات مع مختلف الحساسيات والقوى الفاعلة دون إقصاء. وضبط المجلس رزنامة دقيقة يعول عليها في المشاورات مع القاعدة المكلف بها من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة على ضوء التوصيات الواردة في اجتماعي مجلس الوزراء يومي 29 أوت و02 ماي الماضيين. وتصب التوصيات في ضرورة تقرب الجهاز التنفيذي من المجلس الاقتصادي الاجتماعي وجعل منه مرجعية في عرض اقتراحات الحلول لمشاكل متراكمة تسمح بالتكفل بانشغالات المواطنين والجمعيات ومختلف مكونات المجتمع المدني. وكشف محمد الصغير باباس رئيس المجلس في لقاء مع الصحافة مؤخرا الخطوط العريضة لخارطة الطريق المعتمدة من «الكناس» تنفيذا للمهمة المكلف بها من أعلى قمة هرم السياسي في الجزائر. وأكد أن المجلس الذي اشتغل على مدار ال3 أشهر بلا انقطاع حدد بموجبها خطة العمل الميداني بالجزائر العميقة محطتها الأولى تندوف. وتجري اللقاءات المحلية التي تشمل 23 ولاية كبرى، وتنظم فيها 6 جلسات جهوية تكون العاصمة آخر محطتها قبل الجلسة الوطنية نهاية العام الجاري، عبر ثلاث قنوات أساسية متكاملة المقصد والغاية في صدارتها المواطنين والمنتخبين المحليين ثم الإدارة. ويراهن على القنوات الثلاثية المصدر والمنبع في جمع المعلومات الكفيلة بتحريك التنمية المحلية. وهي تنمية ينتابها الكثير من الخلل والضعف ليس لسبب مادي ما دامت الموارد متوفرة وتضخ بلا توقف من الخزينة العمومية لتمويل مشاريع من الوزن الثقيل، لكن لنقص التسيير وتقاعس بعض المنتخبين في التكفل بهموم من انتخبوهم في وقت مضى وتمادي علاقة التصادم بين المجالس والهيئات التنفيذية وبلوغها حالة الانسداد في الكثير من البلديات. وهناك عامل مهم في المعادلة المختلة التوازن وجدت الاهتمام البالغ من مجلس الوزراء الأخير المشدد على تجاوزها بأسرع ما يمكن، ويتعلق الأمر بإقصاء المواطن من البرامج الإنمائية في اغلب الأحيان وعدم إشراكه في المخططات السامحة بضبط برامج تأخذ في الحسبان مشاكله وتطلعاته دون النظر إليه كوعاء انتخابي، يلجأ إليه وقت الاقتراع، ويترك وشأنه يغرق في النسيان على مدار العام. من هذه الزاوية يتحرك المجلس الاقتصادي الاجتماعي في خرجاته الميدانية لمقارعة الواقع المحلي وحصر إشكالية جموده جاعلا من اللقاءات المبرمجة مع الحساسيات ومكونات المجتمع فضاء الاستماع للانشغالات حول كيفية تحسين الإطار المعيشي للمواطنين والتكفل الصحي بهم وفتح أمامهم فرص العمل والتشغيل لمواجهة بطالة كثيرا ما كانت عاملا مغذيا للانفجار والتململ والاحتجاج وما تبعه من تداعيات خطيرة على الأمن الاجتماعي والاستقرار. يتحرك المجلس الاقتصادي الاجتماعي المعزز بفريق عمل يشمل 60 إطارا في مختلف التخصصات بعضهم تقلد مناصب قيادية في أعلى أجهزة الدولة وحقائب وزارية من اجل توسيع حلقة الاستماع إلى كل الفاعلين في المجتمع من شباب ونساء وجمعيات مدرجة في جوهر الإصلاحات المتعددة الأوجه التي تخوضها الجزائر بتعميق التجربة الديمقراطية اعتمادا على استقلالية القرار دون اتكالية على احد. ويحرص في اللقاءات المحلية على مبدأ الصراحة والشفافية في نقل الانشغالات دون الاكتفاء بتدوين التقرير البروتوكولي، وهي مسألة يشرك فيها الإعلام الجزائري بمختلف ألوانه ومشاربه باعتباره احد الروافد الكبرى في نقل الحقائق ولو مرة تطالب بها الإصلاحات.