كشف وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية في تنصيب الولاة عن خارطة طريق لهذا القطاع الاستراتيجي الذي تمر عبره كل مشاريع التنمية ويتوقف عليه التطور والبناء والأمن. وذكر الوزير مطولا بخارطة طريق المعدة للجماعات المحلية المراهن عليها في إحداث الاستقرار الاجتماعي بعد موجة الاضطرابات والاحتجاجات التي تطبع الحياة اليومية مشكلة ديكورا يهدد النسق الاجتماع والنظام العام. وجاءت هذه الخارطة في سياق السياسة الوطنية التي تضع انشغالات المواطن وهمومه في قائمة الاستعجالات. وتسند المهمة والمسؤولية للجماعات المحلية التي تحولت في ظل المعطياة الجديدة ليس فقط إلى قوة اقتراح لتعقيدات قائمة متراكمة بل مبادرة بتسويتها في موقعها الزماني المكاني دون تركها تتراكم وتفرز مضاعفات خطيرة كثيرا ما يصعب التحكم فيها وتولد حالة من الانفجار والتوتر. وشدد على هذا الطرح الذي ظل محل اهتمام المقررين وصانعي السياسة الوطنية في جلسات التقييم القطاعية التي طرحت بدائل أخرى للتسيير الإداري للجماعات المحلية تجعلها مصدر اتخاذ القرار وحل المشاكل المحلية اعتماد على قرار افليمي مسئول بدل انتظار المؤشرات الفوقية وترك المواطن المهموم المغلوب على أمره يطرق أبواب الإدارة المركزية وتقبل الأعباء في سبيل تسوية مشاكل حلولها بالولايات. وكان التأكيد اكبر على هذا المتغير في اجتماع مجلس الوزراء الذي كشف فيه لأول مرة عن الدور المنتظر للجماعات المحلية ووظيفتها الجديدة خاصة بالنسبة للبلدية التي باتت تعمل في إطار مشروع القانون الجديد الذي منحها صلاحيات موسعها وكسبها مسؤولية الشريك في القرار الإنمائي واتخاذ المشاريع الأنسب للدائرة الإقليمية في خلق الثروة والشغل والقيمة المضافة وجلب الإيرادات التي تحتاجها في تلبية احتياجات ملحة بعين المكان. لقد كان ولد قابلية واضحا في هذا الأمر مزيلا كل لبس وغموض موضحا أين تبدأ وظيفة البلدية وأين تنتهي، وفي أي شيء يكمن صلاحياتها ومهامها؟ وكشف بالملموس عن الخطوط العريضة للسياسة الجماعات المحلية التي تحتل فيها البلدية حلقة مركزية. واظهر اللقاء الصحفي كيف تشغل البلدية حيزا كبيرا في إصلاح هياكل الدولة ومؤسساتها وإرساء معالم النظام الديمقراطي حيث التشاور في الرأي وعدم الإقصاء قاعدة متبعة لا تقبل المساس والخرق. لقد كانت البلدية من صميم اهتمام السياسة الوطنية في تعزيز الأمن الاجتماعي وتهدئة الغليان المتصاعد من كل مكان تركه أزمات متراكمة بلغت درجة التعقيد القصوى. ولم تفعل المجالس المنتخبة الشيء الكثير في تسويتها وكسب ثقة مواطن منحها الصوت على أساس برنامج انتخابي يحمل طموحه ويترجم مشاكله. ولم يفكر في التلاعب به والنظر إليه كمجرد وعاء انتخابي يعبد به الطريق إلى المجلس المحلي. وكان التأكيد على البلدية الأخرى التي تستشير المواطن في مشاريع تخصه وتتحرك عاجلا لتسوية ما هو ممكن ومخول لها من تعقيداته وليس الدخول في انسداد لا مخرج منه بفعل التناحر الحزبي والتحالفات المصلحية وصفقات تقاسم الريع والنفوذ. من اجل هذه البلدية الجديدة المتحولة إلى مصدر قرار على مستواها اتخذت جملة من التدابير المدرجة في الإصلاح. وهي تدابير لم تكن وليدة الساعة ولم يفرضها طارئ لكن تطلبتها الرؤية البعيدة حول الصيغة التي تكون فيها الجماعات المحلية في صدارتها البلدية بطبيعة الحال. فقد زودت البلدية بإطارات جامعية غايتها تثمين مواردها البشرية لرفع مستوى التسيير والتنظيم والمراقبة المالية.وخضع الأمناء العامون إلى دورات تكوين وتربص في التسيير الإداري الأنجع.وحلت أزمة مديونية الكثير منها من خلال شراء قسط منها ودعما المالي السنوي. ودعمت من خلال ضبط التسيير المالي لها بتعيين مراقبين ينتظر تعميمهم على كل مجلس بلدي في أفق 2012. وتجري مراجعة تشريع ترقية الاستثمار بشكل يعالج الاختلات الإنمائية والتوازن الإقليمي. واكبر الإجراءات وأقواها سياسيا إضفاء الوضوح على صلاحيات المجلس الشعبي البلدي وعلاقاته بالإدارة التنفيذية المحلية التي كثيرا ما يطبعها التوتر والتشنج والمجابهة مع الوالي. وهي حالة تسوى بإحداث التوازن بين البرنامج الانتخابي الذي أوصل «المير» إلى كرسي البلدية وبرنامج الإدارة المحلية التي هي حريصة على تنفيذ السياسة الوطنية على أحسن وجه دون وضعها محل الشكوك والمساومة.