كشف المؤتمر الدولي الثاني المنظم بجامعة «هواري بومدين»، حول تكنولوجيا وديمومة الخرسانة التي تدخل في مجال بنايات معينة، عن غياب عامل الديمومة الذي يضمن صلابة ومتانة المنشآت ويطيل في عمرها ويجعلها قادرة على مقاومة العوامل الطبيعية أهمها الزلازل والفيضانات. وأكدت السيدة خرشي فطوم، باحثة جامعية في كلية الهندسة المدنية بجامعة باب الزوار، أن كل البنايات في الجزائر تقريبا، لم يدمج في إنجازها معيار الديمومة، ولا تنص عليه التشريعات، في حين أن هذا العامل داخل في التصنيف الحديث المعتمد في الدول الأوروبية. وتساءلت الباحثة عن سبب غياب هذا الجانب، بالرغم من الكم الهائل من البحوث ونوعيتها الموجودة في الجامعات، لكنها غير مستغلة تماما، مؤكدة بأن هناك 100 باحث قدموا عصارة أفكارهم في أبحاث، لكن هذه الأخيرة بقيت حبيسة الأدراج (وزارة التعليم العالي والأشغال العمومية). وأضافت في سياق متصل، بأن الباحثين الجزائريين ليسوا مدمجين في المشاريع الكبرى بصفة كبيرة، فالصناعيون على سبيل الذكر يلجأون لطرق غير قانونية للحصول على البحوث التي يحتاجونها. وذكرت في هذا الصدد، تجربة مرت عليها، حين توجهت ببحث إلى مؤسسة معينة، والتقت بصاحبها، وحاولت أن تقنعه بجدوى البحث المقدم، والذي حصل أن هذا الصناعي قام بالاتصال بصاحب البحث وتم توظيفه، بدون المرور عبر مركز البحث، وهذا عمل تراه غير أخلاقي وغير مشجع. بالاضافة إلى غياب عامل الديمومة التي تظهره العيوب التي نراها على البنايات التي شيدت خلال العشرية الماضية، من آثار التصدعات والشقوق، ليس هناك عدم اهتمام تقول الباحثة خرشي بالجانب المتعلق باختيار مواد البناء والمراقبة التي تحتاجها الخرسانة. وكشفت في سياق متصل، أن عمر البنايات الحالية لا يتعدى 50 سنة، لتدخل بعدها بصفة إجبارية مرحلة الترميم، في حين أن عامل الديمومة يمكن أن يضاعف مدة بقائها بنفس الصلابة والمتانة، وهو ما يحاول الباحثون التوصل إليه في أبحاثهم. غير أن البنايات لا تفتقد إلى العوامل المذكورة، وإنما إلى الناحية الجمالية التي تبقى غائبة لدرجة أن كل المنشآت تبدو متشابهة تماما وتفتقد للمسة الفنية التي تعطيها روحا وتبعث الراحة لمن يراها، فلماذا غياب هذا الجانب في البناء. هذا السؤال الذي طرحته «الشعب» وأجابت عنه الباحثة قائلة، أن عدم الاهتمام بالجانب الجمالي والفني في البنايات راجع إلى أنه «بدون ثمن»وأنه ليس هناك تمويل لأصحاب المشاريع خاص بهذا الجانب، لذلك ترى أنه من الضروري تشجيع المهندس المعماري لوضع عامل الجمال والفن ضمن المعايير المعتمدة في البنايات. وأكدت في سياق متصل، على العلاقة الوطيدة بين الجانب الجمالي وعامل مقاومة البناية للعوامل الطبيعية وهو ما يلاحظ من خلال البقع التي تظهر على العديد من البنايات في الجزائر. وبالرغم من أهمية البحوث في مشاريع البناء والتعمير، إلا أن هناك نقص في اللقاءات في هذا المجال، وهذا ما حاولت أن توضحه ذات المتحدثة في معرض ردها على سؤال متعلق بهذا الموضوع، قائلة أن الطبعة الثانية للمؤتمر نظمت بعد 10 سنوات من الطبعة الأولى وهذا غير كاف، لأن مثل هذه اللقاءات هي التي تجمع الباحثين وتشكل لهم فضاء للنقاش وتبادل الأفكار، مشيرة بأنه تم ما بين الطبعتين تقييم مشاركة مخابر وطنية للبحوث في مجال الديمومة. وتجدر الإشارة، أنه قد تم خلال هذا اللقاء الذي يدوم ثلاثة أيام تقديم مداخلات تقنية قدمها عدد من الأساتذة وباحثين جامعيين.