يتّجه قطاع الصيد البحري رفقة مشاريعه الإستثمارية في تربية المائيات عبر الرقعة البحرية لولاية الشلف، التي تتوفّر على 4 موانئ هامة نحو استغلال عدة أنواع من الثروة السمكية، التي فاقت 6518 طن حسب إحصائيات إدارة القطاع وغرفة الصيد البحري ضمن أهداف إقتصادية ترمي لجعل القطاع كبديل لعائدات المحروقات التي تعرف هزات كبيرة، بالإضافة إلى كونه خزّانا هاما لتفعيل آليات التشغيل وخلق الثروة برأي خبراء ومتعاملين مع القطاع. حسب المؤشّرات الاقتصادية للقدرات الإنتاجية الهامة للقطاع بالولاية، وكذا الإمكانيات المتوفرة، فإنّ الأرقام التي كشف عنها مدير الغرفة الولائية للصيد البحري وتربية المائيات بالشلف، قدور لعطاف، تجعل المنطقة مرشّحة للدخول في منظومة إقتصادية كانت قد باشرت في تجسيدها وزارة القطاع انطلاقا من سياستها الجديدة، والتي وجدت لها صدى بالولاية من خلال حجم الإستثمارات المجسدة خاصة في تربية المائيات التي أعطت نتائج مشجّعة، يشير مدير الغرفة الولائية. امكانيات لوجستيكية ورهانات التّشغيل عملت الغرفة الولائية للصيد البحري منذ تأسيسها سنة 2002 على تنظيم المهنة والمهنيين بمنطقة تنس كمرحلة أولى، ثم أعقبتها مناطق أخرى استمدت نشاطها من طول جبهتها الساحلية التي تمتد على مسافة تفوق 128كلم ابتداءً من منطقة بني حواء شمالا إلى غاية بلدية الظهرة غربا. هذه المسافة الطويلة والشّاسعة مكّنت من إنشاء وإنجاز ميناءين للصيد بكل من تنس والمرسى وملجأين بكل من سدي عبد الرحمان وبني حواء، بعدد من الصيادين يفوق 3160 منخرطا من بينهم 1800 يمارسون نشاط الصيد البحري حسب مسؤول الغرفة، الذي أكّد لنا أن حجم النشاط وممارسيه يختلف من موسم إلى آخر وحسب الظروف المناخية، غير أن تعزيز أسطول الصيد البحري بموانئ الولاية ب 28 سفينة من نوع «جيبيته» مكّن من تفعيل هذا النشاط. وبخصوص عملية الصيد التي تعد من أكثر الأنواع إقبالا عليها، فإن المركبات المخصصة لها قد بلغت 86 مركبة يستغلها 72 ناشطا، بالإضافة إلى 20 سفينة من نوع سونار ومركبات للمهن الصغيرة ينشط بها حوالي 120 صيادا. ولم تتوقّف ممارسة هذه المهنية عند هذا الحد بل تعدّت إلى استعمال سفن صيد النزهة التي يشتغل بها 1600 مسجل، حسب ما هو مقيد لدى مصالح غرفة الصيد البحري، يشير مديرها الولائي قدور لعطاف. وسط هذا الزخم الكبير من المركبات التي عاينا نشاط عمالها وهم يتأهّبون للإبحار بمركباتهم وشباكهم التي خضعت للمراقبة والصيانة اليومية، يقول الصيادون المهنيون الذين لم يتردّدوا في الكشف عن النقائص الخدماتية التي يواجهونها خلال نشاطهم، والتي رفعوها للجهات المعنية كمؤسسة تسيير الموانئ والصيد البحري التي وعدت بحلها تدريجيا، حسب مديرها معمر بن موسى، الذي حقق رفقة مدير الغرفة فتح سوق الجملة لمنتوجات الصيد لأول مرة وسط ميناء تنس. وهو الرّهان الذي طالما كان من مطالب المهنيين وتجار التجزئة الذي يقصدون المنطقة من أغلب ولايات الوطن، مما يجعل أسعار هذه المواد بسوق الجملة مفتوحة حسب نظام العرض والطلب، يشير ذات المتحدث. وجد قطاع الصيد البحري في تربية المائيات من خلال عمليات الاستزراع مجالا لتنويع منتوجات الصيد، التي كان آخرها حسب لعطاف قيام أحد المستثمرين باستزراع «البلاعط» بهدف إعطاء دفع لتسويق هذا المنتوج المطلوب محليا وفي الأسواق الدولية، خاصة وأن المناخ ونوعية المياه التي تنعدم بها مظاهر التلوث في محيطنا الإقليمي، يجعل هذا النوع من المنتوج ذات قيمة غذائية وتسويق رائج، حسب مؤشرات عمليات السوق، يقول محدثنا. ولتحقيق هذه الآليات الإستثمارية في تربية المائيات التي انتهجتها مصالح القطاع لإنعاش منتوج الصيد البحري، وجعله إحدى ميكانيزمات تحريك الآلة الإقتصادية التي تعول عليها السياسة الجديدة لوزارة القطاع تمّ الشروع في تجسيد هذه الرهانات من خلال تنفيذ عمليتين في تربية المائيات ببني حواء، وبنفس الحجم في منطقة المرسى مع عمليات أخرى ببلدية سدي عبد الرحمان بالجهة الغربية لمدينة تنس. وعن تحقيق هذه الأهداف الإقتصادية في الإنتاج والتسويق، سجّلنا دخول 3 مشاريع استثمارية من جملة 8 عمليات مرحلة التسويق، إثنان منها ببلدية بني حواء وواحدة بالمرسى وأخرى انتهت من عملية استزراع البلاعط، فيما تبقى المشاريع الأخرى في مرحلتها الأخيرة، وهو ما سيضاعف في نسبة التشغيل المسجلة حاليا، يشير محدثنا. وبالرغم من هذه الحركية في تجسيد المشاريع الإستثمارية في تربية المائيات، تبقى عمليات التسويق يشوبها بعض التراجع في المدة الأخيرة حسب المدير الولائي للصيد البحري، عبد الرحمان عباد، الذي كشف لنا عن وجود 300 طن مازالت بحوزة أصحاب المزارع، وهو تراجع مؤقت بنظر ذات المسؤول الولائي عن القطاع. إنتاج فاق 6518 طن سنويا وفي سياق هذه التحديات الإقتصادية الكبرى التي شرع فيها القطاع تنفيذا للسياسة الوطنية الجديدة المعتمدة في قطاع الصيد البحري، الذي يبحث عن موقع له في دفع عجلة تطوير الإقتصاد الوطني بعد الإختلالات التي سجلها قطاع المحروقات متأثرا بإنعكاسات السوق العالمية، فإن قطاع الصيد البحري قد وجد نفسه أمام البحث وتفعيل ميكانيزمات الرفع من القدرة الإنتاجية للإقتصاد الازرق، حيث سجل إنتاج الولاية حسب مؤشر إدارة القطاع 5618 طن يضاف إليه منتوج تربية المائيات بما فيها أحواض الفلاحين ما يفوق 1000 طن من هذه المواد. وحسب التوقعات التي كشفت عنها مديرية الغرفة، فإن الكميات المنتجة ستعرف قفزة نوعية بالنظر إلى حجم الإمكانيات المتوفرة ورغبة أصحاب المشاريع بتجسيد التزاماتهم في تطوير عمليات الإنتاج من خلال دخول المشاريع المتبقية حيز الإستغلال، يقول ذات المسؤول الولائي عن الغرفة. أما بخصوص التراجع المسجل في مادة السردين بالمقارنة مع الأنواع الأخرى، فقد أرجعه ذات المسؤول إلى نقص الثروة السمكية في المناطق المخصصة للصيد البحري في إقليم الولاية وإلى التأخر في فترة ممارسة الصيد بالمقارنة مع السنوات المنصرمة، حيث سجّلنا انطلاقا من ماي وإلى غاية أكتوبر، زيادة عن الظروف المناخية وتغيير السمك لهيئته بالنظر إلى الراحة البيولوجية الخاصة بأنواع الأسماك ماعدا السردين الذي تبدأ فترته من فاتح ماي إلى غاية 31 أوت من كل سنة. وأشار لعطاف إلى أن الأنواع المنتجة حاليا هي السردين والأسماك الزرقاء والبيضاء والقشريات (الجنبري الملكي)، الذي يبقى من الأنواع ذات الجودة الرفيعة، والذي مع الأسف ليس في متناول كل المستهلكين حسب معطيات السوق المحلي والوطني، مشيرا إلى أن دخول أحد المستثمرين في إنتاج التونة الحمراء بمنطقتنا سيدعّم عملية الإنتاج بالولاية، التي تبقى مفتوحة على مشاريع أخرى كونها لازالت في معظمها عذراء بنظر المختصّين في القطاع. سوق الجملة للمنتجات الصّيدية فضاء لتنظيم الأسعار دفع المستهلك والمهنيّون ضريبة التسويق الفوضوي وعدم استقرار الأسعار والتجاذبات التي ظلت تطالها خلال السنوات المنصرمة، حيث ساد منطق التهم المتبادلة في تحديد سقف الأسعار، والتي عادة ما تحرم المستهلك من شراء كيلوغرام من «اللحم الطري»، وتارة أخرى تتهاوى فيه الأسعار وتسقط سقوطا حرا، وهو ما تنجر عنه خسائر تلحق المهنيين والمنتجين على وجه العموم. وقد يجبر البعض على رمي منتوجه اليومي في البحر مرة ثانية، كما حدث في السنوات المنصرمة في إحدى المناطق بمستغانم، وهذا بسبب انعدام عملية ضبط التسويق تحت سقف هيكل واحد يخضع للمراقبة وليس تسقيف الأسعار داخل ذات الفضاء لأن العملية مفتوحة على منطق العرض والطلب، يقول مدير الغرفة. وتبقى عملية تجميع المنتوج ومراقبته ومتابعته من طرف إدارة مؤسسة تسيير الموانئ والصيد لهذا الفضاء الذي يتسع لأكثر من 2000 طن من المنتوج، يعد إضافة أخرى ونقطة تحول إيجابية، يقول مدير المؤسسة معمر بن موسى، الذي التقينا به على عجل بفضاء ذات السوق الذي حضرت «الشعب» يوم إفتتاحه بالميناء، وهو ما يسمح بعملية البيع التي ينشطها تجار أغلب ولايات الوطن الذين يتوافدون يوميا على بلدية تنس لنقل هذا المنتوج إلى ولاياتاهم وبلدياتهم بل إلى القرى والمداشر عن طريق تجار التجزئة الذين عادة لا يخضعون للمراقبة من طرف مصالح التجارة خاصة فيما يتعلق بظروف تسويق هذه المواد والشروط الواجب توفرها حفاظا على صحة المستهلك. الأخطبوط والتونة في الأسواق العالمية وبحسب مسؤول الغرفة، فإن الخطوة التي باشرتها وزارة القطاع في الإقتصاد الأزرق دفع مصالح الصيد البحري ومن ورائها مديرية القطاع إلى تبني منظومة تهدف إلى جعل قطاع الصيد البحري كبديل لإقتصاد المحروقات، الذي ظل مربوطا بما تحركه الأسواق العالمية وتأثيراتها على العائدات البترولية وانعكاساتها على تحقيق التنمية المحلية بكل قطاعاتها. وتعمل مصالح القطاع بما فيها المهنيون والمستثمرون على كسب رهانات المشاركة بقوة أو ما سمي ب «الإقتصاد الأزرق»، الذي اعتمدته السلطات المركزية والذي من شأنه أن يفتح آفاقا واعدة نحو انعاش الإقتصاد الوطني، إنطلاقا من الصيد البحري بما فيه تربية المائيات وسط البحر والمياه المدمجة العذبة التي يستخدمها الفلاحون، والتي من المنتظر أن تصل توقعات انتاج الأسماك بها على المستوى الوطني 100 ألف طن في آفاق 2025، يقول لعطاف. وبخصوص عملية التصدير، فالعملية تتعلق بترخيص من وزارة القطاع وبالتنسيق مع وزارة التجارة لتصدير المنتوج الخاص بتربية المائيات نحو الخارج. هذا الطموح والرغبة لهما ما يبررهما خاصة إذا علمنا أن منتوج ولاية الشلف في بعض الأنواع من الأسماك يسوّق نحو وهران ومنها نحو الخارج عن طريق أحد المتعاملين الخواص، والأمر يتعلق بمنتوجي «التونة» و»الأخطبوط»، هذا الحضور في التصدير يمنح المنطقة قوة إقتصادية ذات إمكانيات متعددة لتسويق عدة منتوجات أخرى نحو الأسواق الأجنبية، يقول مدير الغرفة. عصرنة التّكوين وآفاق واعدة وجد قطاع الصيد البحري الذي عاد للواجهة بفضل الخطوة التي أقدمت عليها وزارة القطاع بمعية المديرية العامة للغرفة، مناخا مناسبا للدفع بالقطاع لإنتاج الثروة، والحصول على عائدات من العملة الصعبة عن طريق التصدير للمنتوج الذي يمتلك المواصفات التنافسية للمنتوج العالمي، غير أن تحقيق هذه الآفاق وبلوغ هذا الطموح يتطلب عصرنة التكوين والمتابعة لتحسين أداء المهنيين ميدانيا مع التنويع في الوسائل والتجهيزات المخصصة لهذا الغرض. وعن هذه الأطر التكوينية، أكّد لنا مدير الغرفة أن التابعين للقطاع يستفيدون من فترات تكوينية داخليا وخارجيا، زيادة عن المهنيين الذين تمت تسوية وضعيتهم باستفادتهم من تكوين خاص حسب الرتب «بحار مؤهل»، «كهروميكانيكي، «ربان سفينة» و»رئيس صيد ساحلي»، والعملية تتم بملحقة المعهد الوطني العالي للصيد البحري وتربية المائيات المتواجد ببلدية المرسى بالشلف، بالإضافة إلى عمليات تكوينية تقوم بها الغرفة الولائية على مستوى البلديات 6 بإقليم الولاية، زيادة عن تنظيم دورات تكوينية أخرى بالتنسيق مع الملحقة. في هذا السياق، سجلت الغرفة لهذه السنة ما يقارب 1300 مسجل من الشباب كهدف لنقل الإطار النظري نحو التطبيق الميداني، الذي لم يغفل الفترات التكوينية في مجال الغطس العادي والإحترافي، الذي يشهد إقبالا كبيرا وهذا ضمن عمل تنسيقي مع ملحقة المرسى، بالإضافة إلى دورات أخرى في السلامة والأمن البحري استجابة لشروط المنطقة البحرية العالمية التي تعد الجزائر عضوا فيها.