تتشكل من 39 حقيبة وزارية متعددة القطاعات والتخصص، تتفق على جوهر واحد، تسيير المرحلة الحساسة بطريقة مغايرة لعهدات سياسية أثّرت على مسار تطور البلاد ونهضتها وتطلعاتها. هي تشكيلة الحكومة الجديدة برئاسة الوزير الأول عبد العزيز جراد، التي كشف عنها الناطق الرسمي للرئاسة، حاملة شعار التغيير الجذري والإصلاحات العميقة، يفرضها التحول الذي التزم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بخوضه، واعدا إسناد مهام المسؤولية للكفاءات والنخب والشباب حاملي الشهادات. ما يميز حكومة جراد بالإضافة إلى تضمنها وجوها مألوفة وأخرى أعيدت لها حقائب وزارية، كفاءات تتقلد هذه المناصب لأول مرة وإسناد المهام ل 5 وزيرات في قطاعات لها مكانتها وأولويتها، كالتكوين المهني، الثقافة، البريد والمواصلات، التضامن الوطني، البيئة والعلاقة مع البرلمان. يلاحظ من خلال فحص التشكيلة الحكومية، احتفاظ وزير الاتصال بوظيفة الناطق الرسمي للحكومة أسوة بالمنصب المستحدث على مستوى رئاسة الجمهورية ممثلا في الوزير المستشار للاتصال الناطق الرسمي، ما يعطى القناعة بالتوجه السياسي البديل، حيث تعزّز خلاله مؤسسات الدولة وظيفتها في الاتصال والتواصل مع المواطن والمحيط وتفرض تقليدا مرسّخا: استيقاء المعلومة من مصدرها للقضاء على الأخبار المغلوطة المفبركة «فايك نيوز». للوقاية من هذا الخطر وتصحيح المعادلة، جاءت تعليمة رئاسة الجمهورية بضرورة أخذ المعلومة من مصدرها محدّدة وكالة الأنباء الجزائرية مرجعا واحدا وحيدا في هذا الشأن. نتذكر جميعا كيف انتشرت الأخبار الكاذبة (fake news) منذ انطلاق الحراك السلمي، وباتت عناوين بارزة براقة عبر وسائل إعلام تقليدية وأخرى حديثة افتراضية، مكرّسة واقعا مشوّها، مؤججة الوضع، مشكّلة خطرا على تماسك الجبهة الوطنية والأمن الداخلي والاستقرار. وكان الرئيس تبون حريصا على هذا الأمر منذ البداية، مؤكدا الضرورة الحتمية لإصلاح الخلل، قائلا بوضوح أنه مع تفتح الإعلام وتطوره، لكن وفق آليات ضبط وأخلاقيات مهنية، التي هي شرط أساسي لبلوغ احترافية تفرضها السلطة الرابعة، سريعة التطور في مشهد رقمي مخترق ممن لا علاقة لهم بنزاهة ومصداقية العمل الإعلامي، هدفهم التلاعب بعقول الناس وجعلها فضاء خصبا لتلقي الأخبار الكاذبة الموجّهة. إن إسناد مهمة الناطق الرسمي للوزير المستشار لدى رئاسة الجمهورية ووزير الاتصال بالحكومة، لصاحبي خبرة وتمرّس، هو الاختيار الناجع للتّغيير المنشود في مسعى استكمال الدولة الوطنية، المبني على منظومة إعلامية سليمة ومنسجمة تجعل الخبر مقدسا والتعليق حرا، بعيدا عن ال «فيك نيوز». إنه المنهج الآمن المتبع من أجل تحصين المجتمع من أفكار وأخبار مضلّلة تشكل خطرا محدقا على النظام الأمني وسلامة الوحدة الوطنية، التي تستوجب إعلاما مسؤولا ويقظا يرافق مسار بناء الجزائر الجديدة.