الشعب الفلسطيني وقيادته سيسقطان مؤامرة القرن يؤكد السفير الفلسطيني بالجزائر، أمين مقبول، في هذا الحوار الذي خصّ به «الشعب»، أن ما أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي، من خطة يزعم أنها تخدم السلام في فلسطين، ماهي إلا «مؤامرة» تستهدف الاستحواذ على القدس الشريف، وطمس الحقوق الوطنية للفلسطينيين والتصفية النهائية للقضية المركزية للعرب والمسلمين. ويكشف أن الخطة الجائرة لا تستهدف الاستحواذ على ما تبقى من فلسطين فحسب، وإنما السطو على الأراضي والمقدسات العربية والإسلامية، لذلك من الضروري استنهاض العمل العربي والإسلامي المشترك لحماية أولى القبلتين وثالث الحرمين. «الشعب»: لماذا يجب على الفلسطينيين، رفض خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أطلق عليها في الإعلام العالمي «صفقة القرن»؟ السفير الفلسطيني: هي مؤامرة أطلق عليها صفقة القرن تضليلا وكذبا وهي ليست صفقة، وإنما مؤامرة على الشعب الفلسطيني وعلى الأمة العربية. الشعب الفلسطيني وقيادته، رفضا هذه المؤامرة، لأنها تريد أن تذله وتريد أن تنحي القدس كعاصمة لدولة فلسطين، وتخرج أجزاء من الأراض الفلسطينيةالمحتلة من السيطرة الفلسطينية إلى السيطرة الإسرائيلية وتُضيّع حق العودة للاجئين، وتشكل كيانا هزيلا للفلسطينيين بدلا من الدولة الفلسطينية المستقلة حسب قرارات الشرعية الدولية وحسب أيضا مبادرة السلام العربية. الإدارة الأمريكية، قفزت وضربت عرض الحائط كل قرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذلك مبادرة السلام العربية التي تنصّ على أن السلام ممكن أن يكون في حالة الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، وبما فيها الجولان السورية وأيضا حل مشكلة اللاجئين بالتوافق، وبعد ذلك ممكن أن يكون هناك سلام . الإدارة الأمريكية داست على كل هذا، وأعلنت بصلافة ووقاحة، واستعلاء ضم مدينة القدس إلى الكيان الصهيوني واعتبارها مدينة موّحدة وغير قابلة للتقسيم وعاصمة لدولة إسرائيل، هذا لوحده كان كفيلا بأن تعلن القيادة رفضها القاطع وأنها ستُسقط هذه المؤامرة ولن تمر. وهذا لوحده أيضا، كفيل بأن يقف العالم العربي والأمة الإسلامية في وجه هذه المؤامرة التي تُضيّع مدينة القدس، والتي تستبيح الحقوق الوطنية للفلسطينيين وللعرب أيضا. كما نعرف أيضا، أن ترامب أهدى هضبة الجولان السورية للكيان الصهيوني وليس القدس لوحدها، وبالتالي هذه المؤامرة ليست موجهة ضد الفلسطينيين فحسب وإنما الأمة العربية، وبالتالي لابد رفضها من قبل الجميع من القيادات العربية، والأمة الإسلامية، باعتبار القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين، وبالتالي تهم العرب والمسلمين والمسيحيين أيضا. ولهذا رفضتها القيادة الفلسطينية وستقاوم وستقاتل لإسقاط هذه المؤامرة. - «الشعب»: بالنظر لكل ما بذله الرئيس الأمريكي من اجتهادات حثيثة لتحقيق الوعود التاريخية للكيان الصهيوني منذ انتخابه رئيسا لأمريكا سنة 2016، هل بات واضحا اليوم، أننا أمام تحالف أمريكي - إسرائيلي لتصفية نهائية للقضية الفلسطينية، باعتبارها قضية مركزية للعرب والمسلمين؟ في الحقيقة هي ليست مؤامرة جديدة، وإنما تمتد إلى عام 1917، يوم وضع اللورد البريطاني بلفور، ما يسمى بوعد بلفور المشؤوم ومنح اليهود أرض فلسطين ليقيموا عليها وطنهم. جاء اليوم الرئيس الأمريكي ترامب ليكمّل هذا الوعد وهذه المؤامرة ليفتح المجال للكيان الصهيوني ليتمكن ويتمدّد في الأراضي الفلسطينية والعربية. وبالتالي هذه مؤامرة قديمة لها علاقة بالحركة الصهيونية كحركة سياسية تضم عددا كبيرا من اليهود وأيضا عددا كبيرا من المتصهينين المسيحيين، وبالتالي الآن، سيطرت الحركة الصهيونية اليمينية المتطرفة على الإدارة الأمريكية في الولاياتالمتحدة وهي التي تسوق الرئيس ترامب وهي التي توجّهه نحو هذه المواقف المخزية والتآمرية، وهو يقع تحت تأثير الثلاثي القذر حوله، صهره غاريد كوشنر وجيسون غرينبلات (المبعوث الخاص) وسفيره اليهودي لدى الاحتلال ديفيد فريدمان. - ماهي أدوات القيادة الفلسطينية للتصدي لهذه المؤامرة وإسقاطها؟ الأخ الرئيس أبو مازن، سجّل أنه لن يقدّم على بيع القدس، لأن المطروح كان أن الإدارة الأمريكية وعدت ب 50 مليار دولار، وهم يعتقدون أن القدس تساوي هذا المبلغ. نحن قلنا لهم وعلى لسان القيادة، أن القدس أغلى مما يمكن أن تتصوروه، وليس بمئات المليارات. القدس، ذرة الأمم وعاصمة فلسطين ولا يمكن بيعها بالأموال. والقيادة الفلسطينية تملك الكثير من الأسلحة والأفعال التي يمكن أن تقوم بها، وأولى هذه الأفعال، أن ترفض هذه المؤامرة، ولن يجد ترامب فلسطينيا واحداً لا في الداخل ولا في الخارج يقبل بها أو يوقّع عليها، هذا السلاح الأول، سلاح الرفض، سلاح المقاومة، سلاح وقوف الشعب الفلسطيني أجمع كما يشاهد العالم اليوم، ينطلق في كل مكان في الداخل والخارج ليقول لا لصفقة القرن، لا لمؤامرة القرن. أيضا، يستند الرئيس الفلسطينيين والشعب الفلسطيني، على العمق والدعم العربيين، وما جرى السبت، بمجلس جامعة الدول العربية كان جيدا جدا، لأن العرب جميعهم دون استثناء أعلنوا رفضهم لهذه الخطة الزائفة، وأكدوا تمسّكهم، بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني والقرارات الأممية وأيضا مبادرة السلام العربية التي تنص على إقامة الدولة الفلسطينية فوق الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس. القمة الإسلامية التي أصدرت نفس القرار، الاتحاد الإفريقي، الاتحاد الأوروبي وكل دول العالم التي وقفت وتقف مع الحق الفلسطيني وتتمسّك بقرارات الشرعية الدولية، وسنذهب أيضا لمجلس الأمن الدولي والأممالمتحدة التي أصدرت لوائح تعتبر الاستيطان غير شرعي وتعتبر أن إقامة الدولة الفلسطينة على حدود 1967، الحل الأنسب وما دون ذلك أراض محتلة. كل هذا، إضافة إلى سلاح المقاومة الشعبية الذي يستمر، ويتصاعد في وجه الاحتلال، إلى جانب اتخاذ المواقف اللازمة والضرورية لوضع حدّ للاحتلال من خلال العصيان المدني والمقاطعة الاقتصادية إلى غير ذلك من الأدوات. لن تمرّ هذه المؤامرة التي تستهتر وتذل وتقفز على الحقوق الفلسطينية وقرارات الشرعية الدولية والأمة العربية، وهناك شعب فلسطيني حي تدعّمه الأمه العربية ويدعمه كل أحرار العالم. - نفهم من هذا، أنه على الرئيس الأمريكي استيعاب، أن سياسة التمكين للأمر الواقع في إصدار قرارات جائرة منحازة للكيان الصهيوني، لا يمكن أن تكون واقعا على ما يتقبّله الشعب الفلسطيني المقاوم؟ في الحقيقة سياسة الأمر الواقع، قائمة منذ سنوات، ولم تخلق حقائق على الأرض. هي يمكن أن تخلق واقعا على الأرض، لكن هذا الواقع لا يمكن أن يكون حقيقة، طالما أن الشعب الفلسطيني والأمة العربية ترفضه. النضال الوطني الفلسطيني مستمر منذ 100 عام ويمكن أن يستمر 100 عام أخرى، وطالما هناك شعب متمسّك بحقوقه لن تمر أية مؤامرة وأية محاولة أمريكية. هناك كذب وافتراء تقوم به الإدارة الأمريكية ودوائر الصهيونية العالمية وإعلامها تحاول أن تظهر العالم وبعض الدول العربية تدعم هذه المؤامرة وهذا انكشف بشكل واضح في موقف الدول العربية جميعها، ربما بعض الدول موقفها أكثر ليونة، ولكن الجميع متفّق على رفض هذه الخطة والجميع متمسّك بحقوق الشعب الفلسطيني. وأنها تمسّ بالحقوق الدينية والقومية للأمة العربية والإسلامية، وبالتالي كل ما يشاع بشأن تواطؤ بعض الدول العربية كذب وبالتالي نأمل من القوى السياسية على اختلافها ألا تهون من مواقف الدول العربية وأن تذكره على حقيقته. - سمعنا أصواتا، تقول إن الفلسطينيين يرفضون كل شيء طيلة العقود الماضية. الآن عليهم القبول بالخطة الجائرة أو الصمت، كيف تردون عليهم؟ هذه أحد الأكاذيب التي تسوّقها الإدارة الأمريكية، والإعلام الصهيوني. بالعكس، الفلسطينيون قبلوا الكثير الكثير، وأخذ عليهم أنهم قبلوا. قبلوا قرار التقسيم، قبلوا قرارات الأممالمتحدة، قبلوا قرارات الاعتراف بإسرائيل قبلوا حتى أوسلو. .قبلوا حتى لم يعد شيء يتنازل عليه الفلسطينيون. لم يبق سوى ملابسهم، وبالتالي العكس هو الصحيح، لم تمر فرصة على الفلسطينيين لم يقبلوها، الذين يرفضون ويساومون ويراوغون هم الكيان الصهيوني الذي لم يقبل بأية اتفاقية أو مبادرة عربية أو دولية والتاريخ شاهد على ذلك. الفلسطينيون، قبلوا كثيرا من المبادرات ولم يأخذوا شيئا، واليوم يقولون لا، كما قالوا لا أمام التنازل عن حق الشعب الفلسطيني، والكل يعلم أن فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، لكنهم قبلوا بفلسطين على 22 بالمائة من الأراضي التي احتلت عام 1967، وهذا تنازل كبير جدا، ولا يمكن لأحد أن يتنازل أكثر. ويؤخذ على الفلسطينيين فيما بينهم أنكم تنازلتم يا أيها الفلسطينيون. وبالتالي الإدارة الامريكية والإعلام الصهيوني، يروج لأكاذيب بالقول اننا نضيّع الفرص، ولكن الشعب الفلسطيني يدرك تماما أنه لم يبق شيء للتنازل عليه وبالتالي يتمسكون بالشرعية الدولية وبقرارات الأممالمتحدة ومبادرة السلام العربية والانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967، بما فيها القدس والجولان، هذا هو الحل المنطقي العادل الذي يمكن أن يؤسس للسلام في المنطقة غير ذلك يؤسس لحرب مستدامة أكثر من 100 عام أخرى. - فور إعلان المؤامرة الأمريكية، من قبل ترامب وبجانبه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجميع قال آن أوان المصالحة، والرئيس أبومازن أرسل وفدا إلى غزة لدعم وتجسيد هذا المسعى، هل ننتظر أخبار إيجابية في قادم الأيام؟ أعتقد أن الأوان آن منذ زمن، وليس الآن، والانقسام هو عار وجرح في الجسم الفلسطيني وأثّر سلبا على القضية الفلسطينية، لا أريد أن أدخل بأسباب الانقسام ومن دفع إلى الانقسام ومن دعمه وموّله، ولكن الشعب الفلسطيني الآن سيحاسب، كل من يستمر فيه. والفلسطينيون، بكل أطرافهم ومن كل الأطياف السياسية أدركوا أن الانقسام أضرّ بالشعب الفلسطيني وأضر بحقوقه الوطنية. حاليا هناك تحرّك جيد ومأمول أن يوصل إلى إعادة اللحمة للشعب الفلسطيني الموحد في الحقيقة موّحد حول موقف الرفض الصارم والقاطع لهذه الصفقة والمؤامرة، ولكن يحتاج إلى إعادة ترتيب بيته الداخلي والاتفاق على برنامج سياسي موحّد وآليات نضال متفق عليها، هذا كل ما نحن بحاجة إليه، والأيام القادمة ستخرج للفلسطينيين برامج واتفاقات وآليات عمل جامعة.