عرفت وضعية فئة ذوي الاحتياجات الخاصة تحسنا ملحوظا في ولاية جيجل، من خلال الهياكل وتأطير عمليات التكفل بهم لمساعدتهم على ابراز قدراتهم التي تمكنهم من الاندماج في المجتمع. وتوجد بجيجل 6 مراكز خاصة، ثلاث منها تخص فئة المعوقين ذهنيا البالغ عددهم 3865 شخص، وتتراوح الطاقة الاستيعابية لهذه المراكز ما بين 80 إلى 120 معاق، أما المراكز الأخرى، فتتوزع على فئة الصم والبكم والمعاقين حركيا، إضافة إلى دار للعجزة والمعوقين بدائرة العوانة التي دخلت حيز الخدمة سنة 2010. وقد وصل عدد المعاقين بجيجل، حسب آخر الإحصائيات إلى 12909 معاق، حيث تحتل البلديات الكبرى من بينها جيجل، ميلية والطاهير المراتب الأولى، وبالرغم من وجود هذه المراكز التي تسعى إلى تحسين وضعية المعاق صحيا و نفسيا، إلا أن المجتمع الجيجلي مازال مقصرا في حق هذه الفئة ولم يسهل عليهم الحركة والتنقل وذلك بإنشاء مصاعد خاصة بهم في العمارات التي يقطنون بها أو المؤسسات التي يقصدونها، حيث أن معظمهم يعانون من عدم وضع تسهيلات لهم، مما يضطر أهاليهم إلى حملهم أو إيجاد طرق أخرى لإيصالهم، زيادة على هذا غياب التكفل المعنوي والحسي لهذه الفئة، حتى أن الكثير من المعاقين وخاصة منهم المعاقين ذهنيا يتعرضون لسخرية واستهزاء الأقران. ناهيك عن وجود عائلات لا تتقبل فكرة إعاقة أبنائها، ويصل بهم الأمر بهم إلى إهماله وعدم منحه العلاج في المؤسسات الخاصة خجلا من نظرة الناس إليهم، مما ينعكس سلبا على حالته ويزيد الوضع تعقيدا، وهناك من تجرد من قيم الإنسانية واستغنى عن فلدة كبده بمجرد أنهم يعانون من عاهة خلقية وما دار الطفولة المسعفة بالميلية إلا خير دليل على ذلك، حيث يتواجد بها مجموعة من الأطفال المعاقين الذين تخلت عنهم عائلاتهم. وقد أجمع الأخصائيون النفسانيون على ضرورة فهم أن الجهود المبذولة من أجل تحسين صورة المعاق بالولاية ليست مسؤولية المؤسسات الحاضنة له بقدر ما هي تمثل تضافر جهود الدولة والمجتمع ككل. وعلى هذا يعمل المجتمع المدني لجيجل على دعم المعاقين بكافة مناطق الولاية، ويبلغ عدد الجمعيات الناشطة في مجال المعاقين أزيد من 10 جمعيات منها »مدرستي أنا أيضا« و»جمعية المرأة المعاقة« وكذا »جمعية السبيل«، وتعمل هذه الجمعيات على مد يد المساعدة للمعاقين سواء كانت مساعدة معنوية أو مادية وتشجيعهم على تطوير قدراتهم واستثمار الملكات التي لديهم، وتنشط هذه الجمعيات بكثرة في المناطق النائية للولاية من أجل تأهيلهم للحياة الاجتماعية الدراسية والمهنية، وذلك بإلحاقهم بالمؤسسات المخصصة لهم والموزعة عبر البلديات الكبرى للولاية والتي تكون مجانية وأغلبها تمتلك نظاما داخليا ما عدا المركز الطبي البيداغوجي للمعاقين ذهنيا بمدينة جيجل، نظرا للعجز الذي سجله على مستوى طاقمه التربوي. وتركز هذه المراكز على تطوير وتحسين قدرات المعاق بحسب نوع الإعاقة، وتعتبر مدرسة الصم والبكم المدرسة التي حققت نتائج ايجابية في التعامل مع هذا النوع من الإعاقة في السنوات الأخيرة بفضل تطور الوسائل والتقنيات المستعملة وكفاءة مؤطريها. كذلك سجلت ملحقة المركز الطبي البيداغوجي للمعاقين ذهنيا بوسط المدينة تقدما ملحوظا خاصة على مستوى الأطفال المصابين بمرض التوحد، حيث أدمج طفلين لديهما هذه الإعاقة في مدرسة ابتدائية مع تسخير مرافقين نفسانيين لهما، وتبقى هذه التجربة رائدة من نوعها على مستوى الولاية. وعليه، فإن المؤسسات الخاصة بالمعاقين باتت تحصد ثمرة جهودها المبذولة منذ سنوات، فهي تعمل على إدماج المعاق سواء في السلك الدراسي أو التمهيني، حيث أن كل مركز يحتوي على ورشات لتعليم مختلف الحرف والمهن لاكتشاف المواهب التي تتمتع بها هذه الفئة، فالطفل ياسر وهو معاق حركيا أبهر الجميع بقدرته وروعة رسمه على الخزف، إضافة إلى شبان آخرون برعوا وأدهشو الجميع بالإرادة التي جعلتهم يتفوقون في دراستهم كأمثال خالد وزينب وهاجر، أو من خلال العروض المقدمة المكونة من لوحات فنية والتي تجذب الحضور في مختلف المناسبات والاحتفالات. وستنظم غدا مديرية النشاط الاجتماعي حفلا بمناسبة اليوم الوطني للمعاق لإبراز مختلف المواهب من عروض مسرحية وموسيقية وتوزيع للجوائز على الفائزين في التظاهرة الرياضية التي قام بها الأطفال المعاقين، الأسبوع الماضي.