تسعى الجزائر إلى التركيز على الإدماج الاجتماعي للمساجين الذين يبلغ عددهم 58 ألف نزيل منهم 800 امرأة، وبعد نجاحها في سياسة أنسنة السجون من خلال البرامج الضخمة التي أطلقتها منذ أكثر من 10 سنوات. بوغرارة حكيم وأكد أمس مختار فليون المدير العام لإدارة السجون أن الإمكانيات والميزانيات الضخمة التي سخرتها السلطات الهدف منها التفكير فيما بعد عقوبة السجن من خلال التكفل بنزلاء المؤسسات العقابية نفسيا واجتماعيا لمساعدتهم على تجاوز السلبية، وتحفيزهم ليصبحوا أفرادا فاعلين في المجتمع. وقال المتحدث أمس في الندوة حول التخطيط الاستراتيجي لتسيير المؤسسات العقابية التي احتضنها فندق «الماركير» بالعاصمة أن الشراكة مع بريطانيا في هذا المجال ستساهم في تطوير قدرات المؤسسات العقابية في الجزائر على التعامل مع المساجين والتكفل بهم من خلال الاستعانة بتجارب الآخرين والاستفادة من برامج تكوين للموارد البشرية. وثمن فليون الشراكة التي تربط الجزائر والاتحاد الأوروبي وبريطانيا من خلال المركز الدولي للدراسات السجنية بلندن والتي من شانها أن تساهم في تطوير وتعزيز ممارسة حقوق الإنسان. وقال أن مكافحة الجريمة تتطلب معالجة وتكفلا، ولهذا يجب التخلص من النظرة الردعية للسجناء وقد باشرت الجزائر سياسة متكاملة في هذا الجانب من خلال إعادة تهيئة 81 مؤسسة عقابية من أصل 130 مؤسسة، لتصبح مطابقة للمعايير العالمية. وفي سياق متصل، أعلن عن تسلم إدارة السجون 11 مؤسسة عقابية جديدة مع 4 مراكز للأحداث، وتحدث عن رفع عناصر السلك الطبي إلى 854 طبيب و23 جراح أسنان و110 صيدليين و550 مختص نفساني، وتم تخصيص 102 جناح في المستشفيات والعيادات تضم 1689سرير. وصرح فليون أن ارتفاع عدد الناجحين في مختلف مسابقات شهادة الباكالوريا والتعليم الأساسي يعكس مدى الجهود الكبيرة للسلطات والتجاوب الكبير من النزلاء حيث قفز عدد المتمدرسين من 1182 في 1999 إلى 25 ألف في 2011 بينما ارتفع عدد المستفيدين من التكوين المهني من 797 في نفس الفترة إلى 31 ألف في سياق تمكين هذه الفئة من الاندماج السهل بعد الخروج من المؤسسة العقابية. السجون الجزائرية مفتوحة للمنظمات غير الحكومية والإعلام أكد وزير العدل حافظ الأختام الطيب بلعيز أن المؤسسات العقابية الجزائرية مفتوحة أمام وسائل الإعلام وجمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية للاطلاع على ظروف المساجين الجزائريين. وقال المسؤول الأول عن قطاع العدالة في كلمة ألقاها الأمين العام للوزارة نيابة عنه أن الجزائر ليس لديها ما تخفيه في هذا الجانب لأن الإصلاحات التي باشرتها الدولة الجزائرية منذ 1999 أخذت بعين الاعتبار تعزيز وترقية حقوق الإنسان. وأرجع بلعيز، نجاح الإصلاحات إلى الشراكة التي أبرمتها الجزائر مع عديد الدول التي لها تجربة في هذا المجال ومنها بريطانيا التي ساهمت في إثراء الندوة من خلال حضورها المتميز مع الجزائر منذ 2007 تاريخ تجسيد مخططات الشراكة والتعاون في مجال تسيير المؤسسات العقابية ومختلف المجالات الأخرى. وأشار بلعيز إلى الاستراتيجية الوطنية التي كان هدفها تعزيز الهياكل القاعدية وعصرنتها في هذا القطاع مع وضع الإدماج كأولوية لاستكمال الإصلاحات. وتحدث مارتينيز ممثل سفارة الاتحاد الأوروبي بالجزائر عن استعداد الاتحاد الأوروبي للاستجابة لطلبات الجزائر في سياق تطوير وترقية المؤسسات العقابية وقال بان هذه الشراكة خصص لها الاتحاد الأوروبي 17 مليون أورو. وأضاف أن الدول الأوروبية مستعدة للتعاون مع الجزائر من خلال عمليات التوأمة وتكثيف الندوات والملتقيات. وقدم سفير المملكة المتحدةبالجزائر مارتن روبير صورة شاملة عن العوامل التي تتحكم في استراتيجيات تسيير المؤسسات العقابية وفقا للدراسات التي يقوم بها المركز الدولي للدراسات السجنية بلندن حيث بات عدد السكان ومبدأ سلامة المساجين والاندماج والتخطيط عوامل مهمة لبناء سياسات تسيير السجون. وأشاد مارتن روبير بمجهودات الجزائر التي تنطلق من اتفاقيات معاملة الأسرى المعدلة في 1976 وجدد استعداد بريطانيا للتعاون في هذا الشأن وخاصة في مرحلة الإدماج التي تعتبر أهم خطوة حاليا بعد توفير الحد الأدنى للتكفل بالمساجين لما لهذا القطاع من أثر على تحقيق الاستقرار الاجتماعي على المستوى المحلي والإقليمي.