سجل الخبير عبد الرحمان مبتول، عدم استجابة السوق النفطية بالشكل المنتظر لاتفاق «أوبك والشركاء» باتفاقهم العسير على تخفيض 10 ملايين ب/ي خلال الفترة من 1 ماي إلى 30 جوان القادم، موضحا أن سعر برميل برنت بلغ 31.82 يوم 10 أفريل مقابل 33 دولارا يوما من قبل، فيما بيع الوسيط الأمريكي ب23.21 دولارا. وأوضح أن تخفيض 10 ملايين برميل يرتكز على فرضية تراجع الطلب العالمي بنسبة 10/11٪ فقط، بينما وباء كورونا أحدث انهيارا عنيفا في الطلب العالمي بنسبة 33٪ ما يعادل حوالي 30 مليون برميل يومي. وحول آفاق أسعار الذهب الأسود، بعد اتفاق الخميس الماضي، الذي تمخض عن اجتماع جرى عن بعد، أشار مبتول إلى أن الاستهلاك العالمي من النفط ارتفع بنسبة 1.5٪ بين 2017 و2018 مواصلا تقدما منتظما في الزيادة منذ عشر سنوات، ليصل في 2019 حوالي 99.7 مليون ب/ي بحسب معطيات الوكالة الدولية للطاقة. وشكلت منظمة «أوبك» حوالي 40٪ من الإنتاج العالمي للنفط الخام، واستوردت الصين في نفس الفترة 11 مليون برميل ما يمثل 11/12 بالمائة من الاستهلاك العالمي. وبعد أن شخّص مؤشرات الوضع المالي الراهن في ضوء تقديرات قانون المالية 2020، معتبرا أنه مثل باقي البلدان في العالم خاطئ، باعتماد سعر برميل 50 دولارا مع سعر سوقي ب60 دولارا ومعدل صرف 123 د.ج مقابل 1 دولار ونسبة تضخم 4.08٪ ومعدل للنمو 1.8٪ (مقابل 2,06٪ في تقديرات 2019)، أشار إلى أن التداعيات تكون سلبية على البطالة في ظل ساكنة تقدر ب44 مليون نسمة في 1 جانفي 2020، منها 12.5 مليون نسمة ناشطة. وكان صندوق النقد الدولي توقع نسبة البطالة قبل أزمة كورونا 12٪ في 2020 و13.5٪ في 2021. علما أنه، بحسب بنك الجزائر الاقتصاد الموازي، يسيطر على 33٪ من الكتلة النقدية المتداولة و50٪ من القيمة المضافة خارج المحروقات، فيما حوالي 5 ملايين من التعداد النشط غير مؤمَّن اجتماعيا، مما يصعب التكفل بهم، إلى حانب ضيق السكن وتداعياته البسيكولوجية. في ظل هذا الركود الاقتصادي، يضيف مبتول، أن توقعات مداخيل سوناطراك ب35 مليار دولار في 2020 مع احتياطي للعملة الصعبة ب51.6 مليار دولار نهاية السنة الجارية، يكون من الصعب بلوغها في ظل الأزمة الراهنة التي فقد فيها البترول والغاز أكثر من 50٪ من السعر. وبالنسبة للجزائر، كما يضيف، إذا تم احتساب تخفيض 200 ألف برميل يومي، تضاف إلى تراجع حجم الإنتاج المادي لسوناطراك منذ 2008، فإن الفارق الذي يخسر بالنسبة للبترول، علما أن الغاز يمثل 33٪ من المداخيل (غاز مميع 26٪ وغاز طبيعي 74٪ عبر «ميدغاز» إسبانيا و»ترانسميد» عبر إيطاليا) يعرف تراجعا ب50٪ تبعا لقرار 9 أفريل يكون بمعدل 4 ملايير دولار. ودعا إلى اعتماد سيناريوهات عديدة لمواجهة الوضع، بوضع في المعادلة سياسة جديدة للدعم ورؤية إستراتيجية للانتقال الطاقوي ومراجعة عميقة للإصلاحات الهيكلية لكل النظام الاقتصادي. وذكر أنه بسعر 66 دولارا للبرميل، بلغت مداخيل سوناطراك 34 مليار دولار في 2019، موضحا بالأرقام مدى الخطر الناجم عن التبعية المفرطة للنفط، وبمعدل 60 دولارا في 2020 تكون المداخيل في حدود 31 مليارا مع تخفيض 4 ملايير بفعل تقليص الإنتاج ب200 ألف ب/ي، مما يعطي إجمالي 27 مليار دولار، بينما بسعر 50 دولارا تكون الإيرادات 25.7 مليارا، وب40 دولارا ب/ي يرتقب 20.6 مليارا وب30 دولارا يكون رقم أعمال الشركة التي يتنفس بها الاقتصاد والبلد 15.5 مليارا، مع مراعاة نسبة من الآبار تفقد مردوديتها التجارية في هذه الحالة. مثل هذه الأرقام تستوجب التمعن لرسم المعامل المستقبلية التي تضمن إنجاز التوجهات الوطنية في ظل عولمة شرسة، زادها حدة فيروس «كوفيد-19»، واضعا العالم برمته أمام تحديات مفتوحة على حروب غير معلنة، تتعلق بالمياه، الغذاء، البيولوجيا والرقمنة، إلى جانب البيئة، مما يستدعي التفكير بعمق وضمن رؤية إستراتيجية شاملة تراعى كافة الجوانب لتأمين بقاء شعلة النمو وتحفيزها أكثر حول حتمية الإنتاج خارج المحروقات ومن بوابة اقتصاد المعرفة المخرج الآمن من نفق الأزمة.