أكّد الشاعر والناقد المصري يوسف شعبان في حوار ل ''الشعب''، أنّ روايات مولود فرعون اعتبرت بالنسبة للمثقفين العرب والنخبويين رواية من الأدب الكلاسيكي، ومن المرجعيات التي تصلح لتدريس الأدب، واستخراج قيم نقدية وفكرية عليا منها. وأشار إلى أنّ الثقافة الجزائرية ترفرف في سماء القاهرة، وأنّ هناك أعمالا روائية أخرى تنشر في أعرق دور النشر المصريةّ، داعيا في نفس الوقت إلى توطيد العلاقات الثقافية أكثر بين مصر والجزائر. ̄ الشعب: أكّدتم في حديثكم أنّ مولود فرعون يعتبر أول روائي عربي تترجم روايته ''يوميات معركة الجزائر'' إلى اللغة العربية في القاهرة، ونُشرت على حلقات في شكل مسلسل بجريدة ''المساء'' المصرية، ما الذي لمستموه في أعمال مولود فرعون دون غيرها من الروايات العربية؟ @@ يوسف شعبان: بالنسبة لرواية ''ابن الفقير'' أعتقد أنها من الروايات الأولى التي تحدثت عن حياة كاتبها، مستثمرة في ذلك على ما أعتقد ما كتبه طه حسين في روايته ''الأيام''، أو ما كتبه محمود عباس العقاد في ''سارة''، ولكن روايات مولود فرعون تتميز بكونها رواية وليست سيرة ذاتية، ومن حيث توجهها الأدبي فهي رواية واقعية، كما وُصفت في ذلك الوقت، واعتبرت بالنسبة للمثقفين العرب والنخبويين بأنها رواية من الأدب الكلاسيكي، ومن المرجعيات التي تصلح لتدريس الأدب، واستخراج منها قيم نقدية وفكرية عليا. بالنسبة لرواية ''الأرض والدماء''، أرى بأنها تتوسط ما كُتب في الأربعينيات مثل روايات ''قنديل أم هاشم'' ليحي حقي، و''عصفور من الشرق'' لتوفيق الحكيم، ومقدمة لما كُتب فيما بعد مثل ''موسم الهجرة إلى الشمال'' للطيب صالح، و''محاولة للخروج'' لعبد الحكيم قاسم، لماذا؟ لأن هذه الرواية تتحدث عن الثقافتين العربية والشرقية بشكل عام، والرواية الفرنسية، تتحدث عن ثقافة بلد محتل وبلد آخر استعماري يحاول أن يُحل بكل أشكاله اللغة والصفات والسمات والمعمار البلد الذي يحتله. فرواية ''الأرض والدماء'' هي رواية الإعلان عن شخصية جزائرية قومية عربية إلى حد كبير جدا، ومن قرأها سوف يلاحظ أن شخصية ''ميري'' وهي زوجة ''عامر'' الابن الذي أتى من فرنسا تحاول بقدر الإمكان البحث عن مكان لها في الأرض الجزائرية، والنساء الجزائريات لم يستطعن تقبلها، ومن هنا تنشأ العلاقة أو التمرد الحاد على مثل هذه الثقافة. وأعتبر ''يوميات معركة الجزائر'' التي نُشرت في باريس في 1962 وترجمت لأول مرة في القاهرة، عملا دراميا، وعملا روائيا طالما أنه لا يوجد هناك تعريف نهائي للرواية فهو عمل درامي كامل، من حيث الشخصيات والأحداث، خاصة وأنها واقعية. ̄ ألا تعتقدون أنّه في الوقت الراهن أضحى هناك قلة الاهتمام بالروايات الجزائرية في مصر، عكس الروايات التي كانت تصدر في سنوات الستينيات والسبعينيات، كما حدث مع أعمال مولود فرعون؟ @@ لا على العكس هناك أربعة روايات منشورة للطاهر وطار في القاهرة، منها رواية ''قصيد في التذلل''، كما صدر لنفس الروائي ثلاثة روايات في ''دار جلال''، وهي أكبر وأعرق مؤسسة للنشر في مصر، حيث نشرت له ''عرس بغل''، ''الحوات والقصر'' و''الشمعة والدهاليز''، بالإضافة إلى ذلك نُشرت رواية أخرى لعبد المالك مرتاض، كما أن هناك كتابات وروايات كثيرة منشورة في الهيئة المصرية العامة للكتاب، ومؤخرا الرواية التي تحدثت عنها هي ''ابن الفقير'' أُعيد نشرها في ''هيئة قصور الثقافة''. وأنا أظن أن ما حدث بين مصر والجزائر لأسباب كانت استثنائية، وخارجة عن السياق، لن يكون لها مستقبل بشكل من الأشكال وستعود رغم أنف الجميع، فالثقافة الجزائرية ترفرف في سماء القاهرة. ̄دعوتم خلال مشاركتكم في ملتقى ''مولود فرعون'' إلى توطيد العلاقات بين الدول العربية، لا سيما بين الجزائر ومصر، كيف يمكن تجسيد ذلك، لكن بعيدا عن التظاهرات، حيث ما يلاحظ هو أن هذه العلاقات مناسبتية؟ @@ نعم...ذلك صحيح، أعتقد أن وزارتي الثقافة الجزائرية والمصرية تبدلان جهدا كبيرا في ترسيخ العلاقات الثقافية فيما بين البلدين، هذا الجهد أولا هو احتفالي بشكل عام، لأنه لا توجد كيانات غير رسمية، أو كيانات صغيرة تستطيع القيام بهذا الجهد، لابد من جهد رسمي بين الوزارتين في مصر أو الجزائر، نشر أعمال متبادلة، أسبوع للثقافة الجزائرية في القاهرة، والعكس. أظن أن ذلك قائم في الجزائر على الأقل، لكن أنا أشكو فقط من مساحة الإعلام المخصصة لمثل هذه المؤتمرات، فأنا أحضر إلى مؤتمرات ليس بصفتي مصريا، ولكن أحضر وسط تونسيين ومغربيين وفرنسيين، لكن من المفترض أن يكون هناك أسابيع، وهو ما يجب أن تقوم به وزارة الثقافة. ̄ تربطكم علاقة بالجزائر، وكانت لكم زيارات عديدة لهذا البلد، هل تغنّى يوسف شعبان الشاعر بالجزائر في كتاباته؟ @@ نعم كتبت كثيرا في الصحف المصرية، عن مؤتمر ''فرانز فانون''، أعددت ملفا في جريد أخبار الأدب، وهي جريدة هامة جدا، كما أعددنا ملفا عن الروائي رشيد بوجدرة والذي له صيت ذائع في القاهرة، وكتبت أيضا عن الروائي الراحل صاحب رائعة ''اللاّز'' الطاهر وطار. ̄ هذا عن كتابتكم في الصحف المصرية، وماذا عن أشعاركم؟ @@ لم أكتب عن الجزائر في أشعاري، لكن هناك آخرون كتبوا عنها وتغنوا بجمالها وبطولاتها، في الحقيقة أنا لا أحب كتابة الأشعار المرتبطة بالمناسبات.