منع الإنتماء الحزبي والقيام بدور الرقابة الشعبية ثمّنت جمعيات ومنظمات من المجتمع المدني، مسعى التغيير الذي تنتهجه الجزائر لتبدي استعدادها من خلال تقديم اقتراحات لإثراء مسودة الدستور، مطالبة في ذات الوقت بإجراء عملية تطهير للجمعيات «الطفيلية» التي لا وجود لنشاط فعلي لها في الميدان. هذه الانطباعات والآراء رصدتها «الشعب» من خلال اتصالات برؤساء بعض الجمعيات. إستشارة واسعة فتحت لكل الأطراف والفاعلين للمشاركة في إثراء مسودة الدستور ويمثل المجتمع المدني أحد هؤلاء الفاعلين. فكيف يرى هؤلاء لمعالم التعديل الدستوري في الشق الخاص بالمجتمع المدني. زبدي: تسهيلات لإنشاء جمعيات في شتى المجالات دعا مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك وإرشاده لإجراء عملية غربلة والإبقاء على الجمعيات التي تنشط فعليا في الميدان، مشيرا إلى ان هناك جمعيات تعمل تحت غطاء جمعوي ولها تقارب سياسي. واعتبر ان هذا الواقع هو الذي أضر بالجمعيات النزيهة، مؤكدا ان هذه الغربلة ستُكسب الثقة التي يبحث عنها المواطن في الإدارة، وتوفرها له الجمعية وتساهم بذلك في إعادة الأمل فيه. ولفت في هذا السياق، إلى تسجيل نسبة جد قليلة من المتطوعين، بسبب بعض الممارسات الحاصلة في بعض الجمعيات، ما يدفع بالمنخرطين إلى النفور من العمل التطوعي. من هذا المنطلق، اعتبر ان التسهيلات لإنشاء جمعيات في شتى المجالات الممكنة، لا يكون له إلا الوقع الحسي بالوعي، وعلى التضامن وعلى رفاهية المواطن الجزائري. وثمن زبدي في هذا الإطار، التسهيلات التي ستمنح من زجل إنشاء جمعيات، لكن الجمعيات المدنية التي تعمل لخدمة المجتمع وليس لتحقيق أغراض أخرى، مستبشرا بالاتجاه القائم لاعتماد الرقابة الجمعوية. واعتبر أن الرقابة الشعبية تكون من خلال تنظيمات، لما له من أثر إيجابي، خاصة على الإدارة المحلية والتي سوف ترى مواطني منطقتها يتدخلون في الشأن المحلي، التنظيمي والتسييري ويقدمون النصح ويساهمون في التنمية المحلية. مالحة: فتح الباب أمام الجمعيات في المرافقة من جهته طالب أحمد مالحة رئيس الجمعية الوطنية للعمل التطوعي، بفتح الباب أمام المنظمات والجمعيات، في المرافقة والديمقراطية التشاركية، مشيرا إلى أن أزمة فيروس كورونا المستجد، بينت أن المجتمع المدني ومنظمات الشباب لها دور في حل الأزمات. ودعا في هذا الإطار، الى ضرورة رفع العراقيل التي كانت تصطدم بها الجمعيات في تنظيم نشاطها، وهو واقع عاشته جمعيته، التي تعرضت - كما قال- الى هذه الممارسات، ليؤكد في ذات الوقت ان هناك ارادة في تعزيز دور المجتمع للمدني. واعتبر مالحة ان الجمعية تبقى تلعب دور الوسيط بين المواطن والسلطة المحلية. ويبرز هذا فكرة المسؤولية المجتمعية، و- بحسبه - لابد ان تكون للمؤسسات الاقتصادية الكبرى مسؤولية اجتماعية، تتشارك فيها مع المجتمع المدني في حل الأزمات. والمطلوب - كما قال- ان يكون هناك تناغم بين هذه المؤسسات والمنظمات والسلطات. طنكة: جعل المجتمع المدني قوة فاعلة تحدث رئيس الإتحاد الوطني للمستثمرين الشباب رياض طنكة، عن مسودة مشروع الدستور التي تطرقت لدور الجمعيات، واعتبر أن ذلك سيعطيها نفسا جديدا لتساهم في بناء الجزائر الجديدة، لأنها تعد لبنة أساسية في الفعل المجتمعي. ومن خلال قراءته الأولية للوثيقة، قال إنها تعزز الحريات أكثر من خلال رفع القيود على تأسيس الجمعيات، بعد بروز تحولات جذرية في النظام الاجتماعي السياسي. وأكد طنكة على أهمية جعل المجتمع المدني قوة فاعلة وشريكا أساسيا للسلطات العمومية، ضمن ديمقراطية تشاركية، مبنية على أسس أكاديمية، لأن المجتمع المدني أظهر في كل الأزمات والمحن التي عرفتها الجزائر أنه حاضر. ودعا إلى تمكين المجتمع المدني من أداء دوره الأساسي في المجتمع في إثراء القرارات الهامة للدولة، مع تحصينه من كل الأيديولوجيات السياسية، وذلك بدعم مكوناته من إطارات والنشطاء معنويا وماديا. عفان: مشاركة الشباب في بناء المؤسسات طالب سفيان عفان، رئيس الجمعية الجزائرية للبيئة والمواطنة، إضافة مادة تتعلق بتمكين الشباب من المشاركة الفعلية في بناء المؤسسات وتحملهم المسؤولية وتشجيع التكوين والتأهيل في مختلف الميادين لتحقيق التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنشودة. وقدم بعض الاقتراحات حول مشروع تعديل الدستور، بعد اطلاعه مع مجموعة من أعضاء الجمعية على مسودة تعديل الدستور، منها تحديد طبيعة النظام (برلماني أو شبه رئاسي)، إلغاء منصب نائب الرئيس وتعزيز صلاحيات رئيس الحكومة. ويرى ضرورة تدعيم صلاحيات رئيس الحكومة، ويكون ذلك من خلال تعيين أعضاء الحكومة من الكتلة الفائزة بالأغلبية البرلمانية، وكذا تثمين دور فعاليات المجتمع المدني، بحسب رأيه. كما يرى أنه من المهم إضافة فقرة في الديباجة، تتعلق بالتوازن في التنمية، لاسيما بمناطق الجنوب والهضاب العليا، مشيرا إلى أنه على الدولة العمل على جودة التكوين والتعليم وعليها أن تتخذ التدابير الضرورية لترقية مؤسسات التعليم والتكوين والتعليم المهنيين وتشجيع الابتكار. وبالنسبة للمتحدث، فإن ثمة مقترحات أخرى يرى أنه من الضروري ان تتضمنها مسودة الدستور، منه إنشاء مجلس أعلى للتكوين وترقية الحرف والمهن، إنشاء مجلس أعلى استشاري لحماية الطفولة، إنشاء مجلس وطني للغات يسعى لترقية اللغات والموروث الثقافي. وركز عفان على أهمية تدعيم استقلالية هيئات الرقابة واستقلالية مجلس المحاسبة والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، نظرا للدور الهام والحساس الذي تضطلع به هذه الهيئات في مرحلة التطهير من مخلفات الماضي. ولا يستثنى المجلس الأعلى للقضاء من الاقتراحات التي قدمها، حيث ركز كذلك على إعادة النظر في تشكيلة منحه الاستقلالية، ومنح رئاسته لقاض ينتخب من بين أعضائه. إلى جانب إخضاع الجماعات المحلية للرقابة اللاحقة، تكريس استقلالية الجماعات المحلية وحرية إدارة الجماعات المحلية، ناهيك عن حذف عبارة عدم التركيز من مشروع التعديل، بالإضافة الى إلغاء ما جاء من تعديل في المادة 23 من مشروع التعديل المتعلق بالجمع بين الوظائف، وخلق مناصب، لأنه ليس مجاله الدستور وإنما القانون، على حد قوله. ويرى رئيس الجمعية الجزائرية للبيئة والمواطنة، أن تعديل الفقرة 2 من المادة 40 أيضا ليس مجالها الدستور وإنما القانون، لتصبح المادة كما يلي: «تحمي الدولة المرأة من كل أشكال العنف، وتهيّئ الحماية المادية والمعنوية لضحايا العنف». كما يقترح كذلك، إضافة مادة المحاماة كمهنة حرة ومستقلة تشارك في تحقيق العدالة والدفاع عن الحقوق والحريات، ويتمتع المحامي بالضمانات القانونية التي تكفل حمايته وتمكينه من أداء مهامه في كل الظروف.