أثارت إشاعات عدم جواز أداء سنّة إبراهيم الخليل بنحر أضحية عيد الأضحي، خوفا من انتقال عدوى فيروس كورونا، وسط المواطنين وعلى شبكات التواصل الإجتماعي. يتساءل جزائريّون عن مدى صحة ذلك، خاصة وأنّه لحد الآن لم تفصل السّلطات في المسألة، في وقت أجمع فقهاء الدين على أنّه في مثل هذه الحالات يحتكم للعلم والفتوى تصدر عن طريق الاجتهاد. وافق المجلس الوطني المستقل للأئمة وموظفو قطاع الشؤون الدينية والأوقاف رأي أغلبية المواطنين القاضي بنحر أضحية العيد لغياب دليل علمي يثبت تسبّب النحر في انتشار الفيروس. وأكّد المجلس، في اجتماع استثنائي بتقنية التّحاضر عن بُعد، أنّه يتابع بإهتمام وقلق كبيرين، الأصوات الداعية لإلغاء شعيرة الأضحية، مصنّفا الجدل القائم في خانة تشويش أذهان المواطنين حيال هذه الشّعيرة العظيمة، رغم عدم وجود أي دليل علمي يثبت تسبّبها في زيادة انتشار الوباء وتفشّيه. وأوضح بيان المجلس الذي نشر على موقعه أمس، أنّه إذا تمّ الأخذ بأسباب السّلامة والوقاية، فإنّ لا شيء يمنع إقامة شعيرة النحر، مشكّكا في نوايا هؤلاء تجاه شعائر الأمّة ورموزها، وحمّل الجهة الوصيّة مسؤولية حفظها. من جهته، أوضح عبد الكريم ليشاني، إطار بوزارة الشؤون الدينية في تصريح هاتفي، أنّ الجواب عن هذا الموضوع من صلاحيات لجنة الفتوى على مستوى الوزارة، بحكم أنّها على اتصال بوزارة الصحة ولديها كل المعطيات والمستجدّات حول الوباء، وبناءً عليها تصدر الفتوى عن طريق لجنة الفتوى المخوّلة لإصدار الأحكام لاسيما وأنّ عدد الإصابات بفيروس كورونا في ارتفاع. تجدر الإشارة، إلى تباين الآراء خاصة بعد اقتراح عضو بمجلس الأمة إلغاء أضحية العيد تفاديا لتجمّعات الذّبح وانتشار العدوى، وهو ما أثار تذمّر بعض المواطنين، معتبرين أنّ الأضحية من شعائر الدين الإسلامي لا يمكن إسقاطها. ورغم تحذير الأطباء من النحر، يرى الدكتور محمد بقاط بركاني عضو اللجنة الوطنية لرصد ومتابعة انتشار فيروس كورونا بإمكانية الأضحية، في حال استمرار كورونا، بينما سارع الولاّة إلى غلق أسواق الماشية بعد أسبوع من فتحها. وعي المواطن حجر الزّاوية في أي وقاية بما أن رأي الطب مهم في هذه الوضعية لأن الأمر يتعلق بحفظ صحة المواطن، أكّد الدكتور محمد ملهاڤ، بيولوجي وباحث في علم الفيروسات، أنّه لا ضير في القيام بنحر أضحية العيد إذا احترمت التدابير الوقائية، خاصة التباعد الجسدي وتجنّب الإزدحام في الأسواق، موضّحا أنّه «لا حرج ولا خطر في نقل العدوى، يبقى العيد كسائر أيام السنة إذا تمّ نحر الأضحية في المنزل دون الاختلاط بالجيران». ونبّه المتحدّث إلى أن ما يروّج عبر مواقع التّواصل الاجتماعي، بخصوص عدم امكانية نحر أضحية عيد الأضحى المبارك خوفا من انتشار عدوى كوفيد 19، يبقى متعلّقا بوعي المواطنين. وحسبه، الخطر لا يكمن في الأضحية بل في عدم احترام شروط النّظافة والتّباعد الجسدي. ملهاڤ: لا ضير في النّحر إذا احترمت الإجراءات الوقائية دعا ملهاق كل من يريد تأدية هذه السنة الحميدة، إلى التقيد بإجراءات الوقاية، وارتداء الكمامات وغسل اليدين ابتداءً من شراء الأضحية إلى غاية النحر لتفادي نقل العدوى، مشيرا إلى أنّ النفخ في الأضحية يكون بوسائل ميكانيكية وليس عن طريق الفم لتفادي نقل العدوى. وحذّر الباحث في علم الفيروسات من عودة فيروس كورونا بقوة في أي لحظة، موضّحا أنّ «وعي المواطن حجر الزاوية في أي سياسة وقائية»، وأرجع الإرتفاع في عدد حالات الإصابة إلى عدم احترام التباعد الجسدي، كما أن المواطن لايزال غير مصدق بوجود الوباء، وهو لب المشكل، ويعتقد البعض الآخر أن تخفيف إجراءات الحجر في بعض الولايات ورفعها في ولايات أخرى معناه أن الفيروس أصبح من الماضي. وفي انتظار إصدار لجنة الفتوى قرارها، ما على المواطن إلا الامتثال لرأي الفقهاء والأطباء، لأن الأمر يتعلق بحياتهم وليس لأغراض أخرى، مثلما تحاول بعض الأطراف الترويج له وتغليط الرأي العام.