تودّع عنابة سنة 2020، وقد حققت بعض الانجازات في مجال المشاريع التنموية، في حين سجلت تأخرا في البعض الآخر منها، لاسيما في السكن بمختلف الصيغ والذي يكاد يكون النقطة السوداء بهذه المدينة، ذلك أنه كان يثير في كثير من المرات استياء واحتجاج العديد من السكان.. عنابة وكغيرها من باقي ولايات الوطن عصفت بها في بداية الأمر جائحة كوفيد-19، لتتوقف بها مختلف المشاريع إلى أجل غير مسمى، إلا أنه ومع مرور الوقت بات العالم على علم بأنهم في مواجهة فيروس فتاك لا يعرفون متى نهايته، بحيث لم يصبح عائقا أمام مواصلة المشاريع التنموية، تحت إشراف السلطات الولائية والتي لم تتوان في تنظيم خرجات ميدانية والوقوف على مدى تقدم المشاريع وتسليمها في 0جالها المحددة. مناطق الظل في الواجهة وتعد مناطق الظل من بين أكثر المناطق التي أولتها السلطات المحلية الاهتمام، تجسيدا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، حيث استفادت هذه السنة من سيولة مالية معتبرة، لإخراج سكانها من العزلة التي يعيشونها، وضمان العيش الكريم لهم، من خلال تهيئة الطرقات، توفير الماء الشروب، الكهرباء، الغاز والإنارة العمومية، إلى جانب توفير المطاعم المدرسية، النقل والعلاج، إذ تشهد العديد من مناطق الظل بعنابة الانطلاق في هذه المشاريع على أمل الانتهاء منها مع حلول السنة الجديدة، على غرار المقاطعة الإدارية «ذراع الريش» والتي تتواصل بها مشاريع التهيئة عبر مختلف الأحياء، حيث تم تنصيب مؤسسات الأشغال للتهيئة الخارجية المتضمنة الطرقات، الجدران الواقية، الإنارة العمومية والشبكات المختلفة، كما استفادت المقاطعة من منشآت تربوية للأطوار الثلاثة، مشاريع موجهة للشباب، على غرار ملعب رياضي جواري بالعشب الاصطناعي، إلى جانب مشروع انجاز الملحقة الإدارية الجديدة خرازة. وتعد بلدية «التريعات» من بين المناطق التي استفادت مؤخرا من برامج تنموية هامة، حيث خصص لها مبلغ مالي قدر ب 124 مليار سنتيم بهدف تجسيد 64 مشروعا لإعادة تهيئتها، إلى جانب بلدية «شطايبي» والتي استفادت بدورها من 78 مشروع تنموي، حيث تتواصل بها الأشغال رغم الجائحة لبناء مرافق تربوية وترفيهية وقاعات للعلاج، وأخرى خاصة بالرياضة، الطاقة، الأشغال العمومية، النقل، والسياحة.. إضافة إلى بلديتي العلمة والشرفة، اللذان سخرت لهما السلطات المحلية مليار و900 مليون سنتيم، وبلدية سيرايدي التي تتواصل بها المشاريع، خاصة فيما يخص إعادة تأهيل الطريق البلدي الرابط بين رأس الحمراء وواد بقرات على مسافة 8 كلم، وكذا مشروع تهيئة الأرصفة المقابلة لتجمع المنتخبات الوطنية، بالإضافة إلى مشروع انجاز ثانوية، وإصلاح وتعبيد الطريق القروي عين بربر. غير أنه في الوقت الذي تعرف فيه بعض أحياء عنابة وتيرة متسارعة لاستكمال المشاريع التنموية، إلا أن أحياء أخرى ما تزال تعاني التهميش ولا مبالاة المسؤولين، وتأخر في عمليات التهيئة، على غرار حي الريم، خرازة، 300 مسكن تساهمي، أول ماي.. وغيرها ممن ما يزال سكانها يطالبون بالتفاتة السلطات المحلية. السكن.. بين الفرحة والاحتجاج ما يزال السكن يشكل العائق الأكبر بولاية عنابة، حيث لم تشهد هذه المدينة على مدار سنة 2020 توزيع ما كان منتظرا من قبل سكانها، لتكون الاحتجاجات لطالبي السكن هي الغالب بشوارع بونة، على غرار مكتتبي السكن الترقوي المدعم «lpa» البركة الزرقاء بالبوني، الذين طالبوا بمقابلة المسؤول الأول على القطاع، ومناشدته التدخل العاجل لإيجاد حل لهذا المشروع السكني الذي انطلقت به الأشغال في 2013، دون أن يرى النور إلى يومنا هذا، إلى جانب الكثير من القاطنين بالسكنات الهشة والفوضوية، والذين ما يزالون ينتظرون تجسيد السلطات الولائية لوعودها بترحيلهم في أقرب الآجال. بالإضافة إلى مكتتبي عدل 2، والذين نظموا بدورهم عديد الاحتجاجات بسبب انتظارهم لسكناتهم التي قاربت 07 سنوات، لتمن السلطات المحلية عليهم مؤخرا بتوزيع قرارات الاستفادة لمكتتبين من حصة 252 سكن من مجموع 837 مسكن بصيغة «عدل2»، وذلك في إطار برنامج البيع بالإيجار بالمدينة الجديدة بن مصطفى بن عودة، في انتظار تعميمها على بقية المكتتبين. وبالمقابل مشاريع سكنية هامة أعلنت عنها سلطات الولاية، على أمل تجسيدها قريبا على أرض الواقع، على غرار تخصيص حصة سكنية قدرها 2999 وحدة بصيغة العمومي الإيجاري، توضع تحت تصرف لجان الدوائر من أجل السماح لفرق التحقيق للبلديات لمباشرة مهامها، حيث استفادت في هذا الإطار بلدية عنابة من 295 وحدة سكنية، وعادت 100 وحدة سكنية لبلدية التريعات، و550 وحدة سكنية لبلدية واد العنب، في حين استفادت بلدية برحال من 553 وحدة سكنية، وبلدية البوني من 494 وحدة سكنية، في حين خصص لبلدية عين الباردة 132 وحدة سكنية، و785 وحدة لبلدية الحجار، و90 وحدة سكنية لبلدية شطايبي، مع التأكيد بأن الأشغال جارية في مشاريع سكنية أخرى، سيتم الإعلان عنها وتوزيعها لاحقا، ناهيك عن قرب الانطلاق في عملية انجاز 1026 وحدة سكنية بصيغة البيع بالإيجار، والمتبقية من مشروع 2500 وحدة سكنية بالقطب الحضري الجديد بذراع الريش. بعث وترقية الفلاحة وفي المجال الفلاحي تسجل ولاية عنابة المجهودات المبذولة من طرف الفلاحين في بعث وترقية الفلاحة، ورفع التحدي في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، حيث عرفت سنة 2020 انطلاق زراعة السلجم الزيتي «الكولزا» ببلدية وادي العنب، في أول تجربة نموذجية لتنمية هذا المحصول، والذي يعد من ضمن الزراعات الصناعية التي تعوّل الجزائر على بعثها ابتداء من الموسم الفلاحي الجاري، بهدف المساهمة في تقليص وارداتها من الزيوت النباتية والأعلاف، بالإضافة إلى قيمتها الاقتصادية في إنتاج زيت المائدة، حيث أن الأهداف المسطرة برسم موسم 2020 /2021 هو زراعة 103 هكتار من السلجم الزيتي. .. وللثقافة حديث آخر لا يفوتنا الحديث هنا عن الشأن الثقافي بعنابة، والذي بالرغم من الجائحة إلا أنه عرف انتعاشا كبيرا من خلال الفضاء الافتراضي، الذي أعاد روح الإبداع لبونة ولمثقفيها الذين كثفوا من أعمالهم وجددوا التواصل فيما بينهم ومع قرائهم وجمهورهم، في مجال الأدب، والفن السابع الذي شهد إطلاق أول بوابة رقمية للفيلم القصير في الجزائر، إلى جانب أبي الفنون حيث أطلق مسرح عز الدين مجوبي الجهوي تحت شعار «اقعد في دارك المسرح يجي حتى لعندك» برنامجا تفاعليا لنشاطات فنية وثقافية لتقريب أبي الفنون من سكان بونة أكثر، على غرار «مسرح العائلة»، مسابقة «احكيلي حجاية»، مسابقات في الرسم ومسابقة المسرح الفردي «وان مان شو»، إضافة إلى الفن التشكيلي والصالون الافتراضي الأول للصورة الفوتوغرافية الذي تشرف عليه مديرية الثقافة لولاية عنابة، ناهيك عن مسابقة «الشاب العازف»، «المنشد الصغير»، «المبدع الأدبي الصغير»، و»مسابقة في الرسم»، وكل هذا لخلق جو من الترفيه في الوسط العائلي وتجاوز حالة الملل في ظل الحجر المنزلي المفروض على الجزائريين بسبب الوباء. وهنا لا يمكننا الحديث عن الثقافة دون أن نشير لرحيل الملاك الأبيض، الذي يعد خسارة كبيرة للفن الجزائري والعربي، حيث ودعت الساحة الثقافية خلال 2020 أيقونة المالوف حمدي بناني الذي سخر حياته لخدمة الفن الراقي والأصيل في الجزائر، ليرحل الملاك الأبيض ويترك وراءه أكثر من 40 ألبوما فنيا، يحوي أجمل وأرقى الأغاني، والتي ستبقى خالدة وشاهدة على أروع ما قدمه للفن صاحب الكمان الأبيض، وعميد أغنية المالوف.