2021..أمل في الصّحة، العافية، العلم، العمل والتّضامن «أمل الجزائري الأول في عام 2021، هو تعاون الجميع لبناء دولة قوية، بعمق حضاري وتنوع ثقافي، اجتماعي، بيئي واقتصادي، وبموقع استراتيجي جنوب القارة الأوروبية وعلى ضفاف البحر الأبيض المتوسط وبوابة القارة الإفريقية، بتعزيز الحريات والحقوق مع عدالة مستقلة تمنع الظلم والاستبداد» تمر سنة كاملة توالت أيامها متثاقلة ومتأرجحة بين أمل، فرح، حزن وتعب، عاش فيها المجتمع على اختلاف أطيافه والعالم أجمع أحداثا متعاقبة لا تصلح إلا لأن تكون سيناريو فيلم خيالي، لكنها الحقيقة والواقع الذي تنتهي تفاصيله اليوم لتبدأ أخرى غدا مع تباشير اليوم الأول من عام 2021، ينتظر فيه الجزائريون أياما أفضل، بعد الإعلان عن انطلاق عملية التلقيح مع بداية شهر جانفي. تنقل لكم «الشعب ويكاند» اليوم آراء مواطنين ومختصين حول سنة مضت وتطلّعاتهم لعام 2021. 2020..سنة استثنائية بكل المقاييس تميّزت سنة 2020 بكثير من الأحداث التي صنعت الاستثناء وأبانت عن شعب لا تكسره الأزمات ولا السقطات، حيث قال مصطفى هاشمي، موظف، سألته «الشعب» عن سنة 2020 فأجاب: «هي سنة مثقلة بالأحزان بسبب كل هؤلاء الأحبة الذين فقدتهم بعد إصابتهم بالوباء الذي صنع الفارق هذه السنة، ففي شهر واحد توفي والدي، أختي وزوجتي، شهر واحد كان كافيا لأكون اليتيم والأرمل، وجب عليّ التسلح بالصبر ولولاهما لفقدت عقلي، فالأمر بالنسبة لي كان فوق قدرة استيعابي وتحمّلي، ولكن قدر الله وما شاء فعل، ماذا أفعل وهو قضاء الله وقدره، لن أخفي عنكم إن قلت لكم أن سنة 2020 بالنسبة لي هي مقبرة دفنت فيها البشرية الكثير من أبنائها». واستطرد مصطفى قائلا: «كانت الأزمة الصحية أهم محرك لأحداث هذه السنة تناسى فيها الجميع همومهم، وأصبح الخروج من الوباء سالما دون فقد للأحبة أسمى أهدافهم، فكانت العطلة الاستثنائية بمثابة العودة الى حياة لم نعرفها من قبل، حياة أغلب أوقاتها في المنزل، اضطررنا خلالها الى تعلم معنى تحمل الآخر، اقتربنا من إخوة لم نكن نعرف تفاصيل شخصياتهم، لكن الموت جعلني أعي معنى الوحدة والقهر، وقيمة العائلة والروابط الأسرية التي وضعت في امتحان صعب هذه السنة». سمية باشيري، موظفة في شركة متعددة الجنسيات، قالت عن سنة 2020 وتطلعاتها لسنة 2021: «يتفق الجميع حول تميزها وخصوصيتها، والحمد لله أنني اليوم حيّة لأتحدّث عنها، فعند بداية الوباء كنا نظن أنها نهاية العالم لا محالة، لكن مع مرور الوقت وجدنا أنفسنا امام حالة استثنائية لم نعرفها من قبل، فأنا امرأة لم تعرف معنى المرأة الماكثة بالبيت من قبل، هذه السنة استطعت أن أكون أُمّاً بكل المقاييس، فكانت 2020 فرصتي لأتعرّف على أبنائي عن قرب، كانت العطلة الاستثنائية التي استفدت منها سببا في إعادة حساباتي وأولوياتي في الحياة». وأضافت سمية أنّ 2021 ستكون حتما سنة مختلفة بكل المعايير لأنها ستنطلق والبشرية تترقب نجاح اللقاح في القضاء على الوباء، ستكون سنة لتكون الجزائر الوطن الذي يكفي ويكون للجميع، فبعد ما يقارب السنة من توقف الحراك بسبب الإجراءات الوقائية، الكل أصبح يعي أكثر التحديات التي تنتظرنا في المستقبل، سواء كانت شخصية أو عامة، فالأهم الآن بناء مجتمع قادر على مجابهة كل الأخطار المحيطة به». الطبيب أمحمد كواش: 2021..تحديات ورهانات قال الدكتور أمحمد كواش عن 2020 إنها سنة التحديات، المفاجآت، وإعادة الحسابات، حيث أكد: «تعلّمنا فيها ألاّ شيء ثابت في هذه الحياة، نتوقّع فيها كل الاحتمالات السيئة لتجنب الأسوأ، وضعت نصب أعيننا الإسراع بالتدابير الاستباقية لمواجهة كل الظروف مهما كانت طبيعتها، فبين عشيّة وضحاها أصبح الكثيرون بدون عمل، ولا دخل ولا مصدر رزق ما أثّر على حياتهم». وأضاف كواش أن سنة 2020 «جعلتنا نركّز تفكيرنا على التحضير لكل الاحتمالات لتحقيق الاستقرار في الحياة، بالنسبة لي كطبيب وباحث فقدت فيها بعض الأحبة والأهل والأصدقاء رغم ذلك كانت سنة تحدٍّ لمواكبة كل الأحداث، ومرافقة الجزائريين فيها من خلال مشاركتي في مختلف وسائل الإعلام، على اختلاف أنواعها بإعطائهم كل التفاصيل المتعلقة بكوفيد-19، وكذلك الوقاية من حوادث المرور، والحمد لله استطاعت الجزائر الخروج من الازمة بأقل الأضرار الممكنة منها». وعن تطلّعاته لسنة 2021، كشف كواش أنّه سيعمل أكثر على توعية وتحسيس المواطنين بكل ما له علاقة بالجانب الصحي لحياتهم من خلال تكثيف العمل الإعلامي «بغية الوصول الى مستوى أرقى وأعلى في تعاملاتنا، وبلوغ السلامة المرورية في طرقاتنا،» وتمنى في ذات السياق وصول الجزائر الى مرحلة تتبنى فيها سياسة وطنية للسلامة المرورية والوقاية من حوادث المرور لتكون أولوية وطنية، حيث سيعمل على إعداد حصص إذاعية أو تلفزيونية تهتم بهذا الموضوع حتى يكون مثل قدوته المرحوم محمد العزوني، كما يأمل في الوقت نفسه أن تكون 2021 سنة تزدهر فيها الحياة، تعرف الجزائر فيها نهضة اقتصادية واجتماعية وسياحية لأنها بلد يزخر بالكثير من الخصوصيات والامتيازات تمكّنها من الانطلاق نحو جزائر جديدة، راجيا من الله عز وجل زوال البلاء عن الجميع وعاما سعيدا لكل الجزائريين. الدكتور خالد عبد السلام: «2021 الصحة، العافية، العلم، العمل والتضامن» قال الدكتور خالد عبد السلام في اتصال مع «الشعب ويكاند»، إن عام 2020 كان عاما متميزا وغير مألوف بالنسبة للجزائريين، لم يسبق وأن عرفوا مثله من قبل، لا سيما إجراءات الحجر الصحي المنزلي التي جعلتهم يعيشون وضعا نفسيا مضطربا كالترقب، القلق، التوتر، الهلع لدى البعض مع الخوف من الإصابة بالفيروس. لم يعرفوا مثل هذه الصرامة في تطبيق الإجراءات الوقائية لمنع انتشار العدوى، كاستعمال القناع الواقي، الغسل الدوري لليدين بالماء والصابون، استعمال المواد المعقّمة، تنظيم المحيط والبيت والعمارات، المكاتب، الحافلات، المصانع والمحلات التجارية، والأسواق والطرقات وغيرها، علما أنه لا تتوفر للكثير من الأسر الإمكانيات المادية التي تسمح لها بشرائها وتوفيرها لأفرادها. «حرب مجتمعية» ضد عدو مجهول كشف المتحدّث أنّها إجراءات «حرب مجتمعية» ضد عدوّ مجهول لا يُرى بالعين المجرّدة، أظهرت شراسته وسرعة انتشاره أنّ الإنسانية عاجزة عن مواجهته، لا تنفع معه الأسلحة العسكرية التقليدية وغير التقليدية التي تتسابق عليها كل الدول لإخضاع دول اخرى. لقد تمكّن فيروس كوفيد-19 من إخضاع جميع الدول والشعوب متقدمة كانت أو متخلّفة ونامية، بل نبّه الجميع إلى ضرورة إعادة النظر في فلسفة الحياة المبنية على القيم المادية واللاّ-أخلاقية كالسيطرة، الهيمنة، التحايل والتزوير، وتدمير البيئة، حيث أصبح ربح المال الهدف الأسمى في الحياة، لتعود إلى رشدها وتؤسّس لقيم جديدة تضع صحة، سلامة وأمن الانسان وسعادته هي هدف كل تطور علمي وحضاري. وفي هذا الإطار، قال الأستاذ: «لقد عاش الجميع حربا على المستوى الفردي والجماعي ضد عدو لا يستثني أحدا من دائرة تهديداته، تطلب تجنّد وحيطة الجميع، فإصابة شخص يعني احتمال العدوى لكل من يحيط به من أفراد عائلته، أصدقائه أقاربه وجيرانه وكل من يحتك به في الشارع والأماكن العمومية والمحلات التجارية وغيرها». عام يُسجّل في الذّاكرة الجمعية أضاف الدكتور أن إجراءات التباعد الاجتماعي والتباعد الجسدي حرمت الجميع الدفء والعواطف العائلية التي تعتبر مصدرا مهما من مصادر تعزيز المعنويات والسعادة في الحياة، وتلعب دورا إيجابيا في تقوية المناعة النفسية للأفراد والأسر، فأصبحت الكثير من الأسر تتحسّر، تتألّم وتتأسّف عن عجز أقاربها وأهلها مشاركتها الأفراح والأحزان معا، «هي مأساة ومعاناة عشناها جميعا، زادتها الجروح النفسية والقلبية ألما خاصة عندما تفقد عائلة واحدة عدة أفراد في أسبوع واحد، ولا يستطيع أي واحد منهم حضور جنائزهم ومؤانسة أهلهم. لذلك هو عام ليس كسائر الأعوام سيسجل في الذاكرة الجمعية وفي التاريخ بأنه من أسوء السنوات التي عاشها الجزائريون في حياتهم:. وفي هذا الصدد، قال الدكتور إنّ الغلق الاحترازي للمؤسسات الاقتصادية والإدارية الخاصة والعمومية لمنع انتشار العدوى، ترتب عنه وضع اجتماعي واقتصادي صعب للكثير من الأسر، حيث وجدت الكثير منها نفسها وبصفة فجائية محرومة من مصادر رزقها اليومي، فدخلت في خانة المحتاجين والمساكين والفقراء. إدمان التكنولوجيات..بديل مفخّخ أثّر غلق المدارس، الجامعات ومراكز التكوين المهني لمدة تجاوزت ثمانية أشهر، على المتعلمين والطلبة نفسيا سلوكيا واجتماعيا وحتى قيميا، حيث انتشرت مظاهر الإدمان على التكنولوجيات المعاصرة كوسيلة لملء أوقات الفراغ، فتغيرت الوتيرة البيولوجية للكثير من المتعلمين والشباب بالسهر ليلا والنوم نهارا، وما ترتب عن ذلك من ضعف في العمليات المعرفية، لاسيما ضعف الانتباه والتركيز والتذكر والفهم. وكشف خالد عبد السلام أن الكثير منهم ى الكثير من العادات الدراسية المكتسبة بسبب صعوبة تنظيم أوقات فراغ للمراجعة، وعدم فعالية برامج التكوين عن بعد، بسبب عدم التخطيط والإعداد لها مسبقا وضعف تدفق الأنترنيت وانقطاعها في غالبية الأحيان، وانعدامها في بعض المناطق والقرى. وفي السياق ذاته، أشار إلى تفشي مظاهر الملل والتوتر والضغوط النفسية نتيجة تجمّع كل أفراد الآسرة في شقق صغيرة مع عدد كبير من الأفراد (متوسّطها في كل عائلة جزائرية يتراوح بين 7 و8 أفراد، خاصة في المدن داخل العمارات، عكس الأرياف الذين وجدوا أنفسهم أقل تضررا من سكان المدن لكون الفضاء فيها مفتوح على الطبيعة وقضاء الأوقات في الفلاحة والزارعة والتجول وغيرها). علما أنّ اهتمامات وانشغالات كل فرد ليست كبقية الأفراد، وهو ما أحدث نزاعات وصراعات، حتى ارتفعت نسبة العنف الأسري ضد النساء والأطفال والشباب خلال هذه الفترة لدى الكثير من الأسر ليس في الجزائر فقط بل في كل دول العالم، حتى تقارير الاممالمتحدة واليونيسيف أشارت الى مثل هذه الأخطار الناتجة عن إجراءات الحجر المنزلي لمدة طويلة، وعليه فالجزائريون يأملون أن لا تتكرّر مأساة عام 2020 لأنه رمز للتشاؤم، الخيبات، الآلام، الأحزان والمخاوف والقلق غير المعهود. 2021..تغيير إيجابي في مناحي الحياة عن تطلّعات الجزائريين في سنة 2021، قال خالد عبد السلام إنهم يستقبلون العام الجديد بأماني جديدة، أملا في حدوث التغيير الإيجابي في كل مناحي الحياة، بالاستفادة من كل الاخطاء والعيوب التي كشفها فيروس كوفيد-19 في مختلف المجالات والميادين الحياتية، لاسيما الصحة، التربية التكوين والاقتصاد. هم يأملون في تنمية وتطوير أكبر لمستوى الوعي المجتمعي في الثقافة الصحية والبيئية وتعزيز قيم التضامن والتآزر، لا سيما «التويزة» باعتبارها أنموذجا اجتماعيا للعمل التطوعي والتضامن الاجتماعي، عبر كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية لاكتساب قيم ثقافية ومهارات سلوكية جديدة تمكّنهم من القدرة على التأقلم والتكيف مع المستجدات والطوارئ والكوارث والأوبئة مستقبلا. وأضاف الدكتور أن الجزائريين يأملون أيضا في تطوير شخصية الفرد الجزائري عبر تكوين نوعي في كل المجالات لإعداده جسديا، نفسيا، معرفيا وعقليا، مهاريا وسلوكيا، قيميا، خلقيا واجتماعيا بتطوير قطاع التربية والتعليم والتكوين وتوفير كل الهياكل والوسائل والإمكانات المناسبة، ليكون أكثر فاعلية وفعالية، انضباطا ومسؤولية في كل مجالات الحياة يستطيع رفع التحديات ومواجهة كل الأخطار، عن طريق توفير كل الهياكل القاعدية والوسائل البيداغوجية، ويأمل أيضا في تطوير قطاع الصحة بتطوير نوعية الخدمات عن طريق التكوين النوعي لطواقمها لا سيما في الأبعاد الإنسانية مع بناء المستشفيات والمصحات بمعايير دولية تؤمنهم من كل الاخطار والامراض والأوبئة. تطوير الاقتصاد بعيدا عن الريع البترولي قال الأستاذ إن سنة 2021 ستكون لتحقيق آمال الجزائريين في تطوير الاقتصاد الوطني باعتماد مقاربات، خيارات وسياسات جديدة في إنتاج الثورة والابتعاد عن ثقافة الريع البترولي، مع الاستثمار في الطاقات اللامتناهية، يعني العقول والذكاء البشري لضمان الامن الغذائي والرفاهية الاجتماعية. علما أنّ بلدنا من أغنى الدول بكل الثروات الطبيعية والبشرية، حيث يزخر بتنوع المناخ، المنتوجات الفلاحية، تنوع السياحة، مع التنوع الثقافي والاجتماعي تحتاج فقط إلى من يهندسها ويوجّهها، ويستثمر فيها لتحويلها الى ثروة واقتصاد قوي. ومن جهة أخرى، يأمل الشعب الجزائري أيضا في ضرورة إعادة النظر في القيم والمبادئ المتبعة في المعاملات التجارية وفي كل الصناعات والعمران، بما فيها بناء المؤسسات والمدارس والجامعات، بفرض معايير جديدة مع إجراءات رقابية صارمة تجعل من صحة وسعادة وكرامة ورفاهية الانسان هي الهدف الأسمى قبل أي ربح مادي، فلا معنى لأي تطور حضاري يساهم في تهديد وتدمير الانسان. لكن أكثر ما يأمله الجزائريون في السنة القادمة هو التعاون على بناء دولة قوية بشرعية شعبية، وعمق حضاري وتنوع ثقافي، اجتماعي، بيئي واقتصادي، وبموقع استراتيجي جنوب القارة الأوروبية وعلى ضفاف البحر الأبيض المتوسط لتكون بوّابة القارة الافريقية، من خلال تعزيز الحريات والحقوق مع عدالة مستقلة تمنع الظلم والاستبداد، حتى تستطيع فرض سيادتها على كل خيراتها، ثرواتها وقراراتها بعيدا عن كل الوصايات الأجنبية، وبالتالي فرض كلمتها ووجودها علميا، ثقافيا، تكنولوجيا، اقتصاديا، سياسيا، دبلوماسيا، وعسكريا على المستوى الإقليمي الإفريقي، العربي والدولي، فعندما نريد نستطيع.