قال وزير الصناعة فرحات آبت علي براهم، إن أكبر تحدي أمام الجزائر لتحقيق الإقلاع الصناعي، هو استغلال المورد أو الرأسمال البشري الذي سيكون رهان المستقبل. فالجزائر تملك الثروات الطبيعية التي تجعلها من أغنى دول العالم، لكن تراكمات عقود من الزمن رسخت سلوكيات خاطئة، جرّت الصناعة والاقتصاد الوطني إلى ركود ب «نية مبيتة»، مؤكدا إحداث القطيعة معها لتحقيق الانطلاقة. أكد وزير الصناعة، عند نزوله ضيفا على منتدى «الشعب»، أن الإنسان أو المورد البشري هو الشفرة السرية لأي انطلاقة صناعية، لأنه الرقم الأهم في معادلة صناعة المستقبل. وأعطى مثالا على ذلك، بدولة اليابان التي لا تملك ثروات طبيعية تسمح لها باستغلالها لوضع قاعدة اقتصادية، لكن العامل البشري صنع الفارق وجعل منها إحدى أهم القوى العالمية في مختلف مجالات الصناعة. وكشف براهم، أن الصناعة بعد ما عرفته من تطور سنوات السبعينيات من القرن الماضي، وجدت نفسها بداية سنوات الثمانينيات ثم بداية الألفية الثالثة في حالة من الهوان بسبب تعمّد كسرها من خلال حل المؤسسات الكبيرة التي وضعت الأساس الأول لصناعة جزائرية تعتمد على المادة الأولية المحلية، لذلك كان لزاما إعطاء الشباب والمؤسسات الناشئة الأولوية لبناء قطاع صناعة قوي يعمل في إطار أهداف كبرى لبناء أمة. وأوضح ضيف منتدى «الشعب»، أن وباء كوفيد-19 أبان عن أزمة اقتصادية عالمية، كان أول تداعياتها انهيار أسعار النفط بطريقة غير متوقعة، وهو ما فرض إنهاء مرحلة الاقتصاد الريعي بإطلاق مختلف المجالات الاقتصادية، حيث تمثل الصناعة أهمها، لأن الجزائر دولة يعتمد اقتصادها على استيراد مواد نصف مصنعة ومصنعة. الصحة العمومية أولوية أكد وزير الصناعة، أن الاستثمار في المستقبل سيأخذ بعين الاعتبار التلوث الصناع،ي سواء كان غازيا أو صوتيا أو سائل، لأنه يتعلق بالصحة العمومية التي تعتبر نقطة أساسية ورئيسة في أي مجال كان، حيث طلبت الوزارة من المجمعات العمومية التي يوجد بها خطر النفايات السامة تحضير محطات تطهير جماعية أو فردية، خاصة وأن بعض المحطات ليست مكلفة، واليوم يتم التحضير للتعامل مع مؤسسات ناشئة تنشط في هذا المجال، فقد تم تبني مشروع مؤسسات ناشئة للمحطات الصناعية. في نفس السياق، أكد فرحات آيت علي براهم، أن كل منطقة صناعية ستخضع لدراسة النفايات التي ستطلقها، سواء كانت سائلة أو صلبة أو غازا، على اعتبار أنها أولوية بالنسبة للوزارة الوصية، خاصة إذا علمنا أن بعض الصناعات لابد من مرورها عبر وزار البيئة لتحصل على الاعتماد، لذلك لابد من إعادة تنظيم هذا المجال. وقال ضيف منتدى «الشعب»، إن الهيئة الجزائرية للاعتماد «ألجيراك» هي مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي لوضع معايير محلية صناعية خاصة مواد التنظيف. أما فيما يخص المجمعات العمومية، يجب تحيين المواد ذات الخطورة على البيئة والصحة العمومية. وكشف في هذا الصدد، أنه راسل مدير هذه الهيئة لتخفيف الأعباء على المؤسسات الناشئة. وأوضح براهم، أن الجزائر اليوم تعيش تحديات كبيرة، تتعلق كلها بمصير الشعوب، من خلال إعادة قطاع الصناعة إلى المستوى الذي وصلت إليه سنوات السبعينيات، حتى نتجاوز عقلية الاستيراد التي جعلت الجزائر تصدر مادتها الخام وتستوردها بخمسة أضعاف السعر الذي صدّرت به، لذلك لابد من استغلال المادة الخام محليا بالاعتماد على الصناعات التحويلية، من خلال الاستثمار في الثروات المنجمية التي تملكها الجزائر، ليس لبيعها ولكن بتحويلها محليا باستغلال الكفاءات الجزائرية التي همشت لسنوات طويلة.