دعا رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة، أمس إلى تقييم حصيلة وإنجازات جزائر ما بعد 1962، وفق أسس موضوعية، بعيدا عن تحقير الذات الوطنية وإنكار ما شيده الكثير من النساء والرجال والجنود المجهولين. وقال ولد خليفة، في كلمة ألقاها في اختتام أشغال الدورة الربيعية للمجلس الشعبي الوطني، إن الكثير منا يدرك، مواطن قوة وضعف هياكل الدولة وواضع المجتمع، وما عرفه من هزات وتحولات بعد نصف قرن من الاجتهادات السياسية والإقتصادية والثقافية والتربوية الناجحة، والأقل نجاحا، غير أن الكثير من الإجتهادات لا تخلو أحيانا من ضعف التقدير وتعرضت أخرى لسوء التسيير، قبل أن يضيف أن نقد ''الحصيلة وتقييمها لا يمكن أبدا أن يؤدي إلى نظرة عدمية، أو تحقير للذات الوطنية، أو البحث عن نقطة الصفر عن طريق تأسيس آخر، وترقيم حسابي للجمهوريات''. وأسترسل قائلا: بجملة واحدة نقول أن الأغلبية الساحقة من الجزائريين، لا تأسف على الهزيمة الكولونيالية، ولا ترى بديلا عن جزائرنا الجديدة التي اجتازت بنجاح الكثير من المحن والإمتحانات، ومنها محنة الإرهاب الذي تكالب على تدمير الجزائر، وواجهه شعبنا وطلائعه في الجيش والأمن وانتصر عليه بلا عون ولا نصير من الخارج، وأصبح نهجه وصبره مدرسة لكثير من البلدان وخاصة بعد 2001، حيث أصبحت سياسة الجزائر في هذا المجال نموذجا يحتذى به. وعاد، ولد خليفة وذكر الذين راهنوا على أن التغيير في الجزائر سيأتي من خارج الحدود، ورسموا سيناريو له ما بعد انتخابات العاشر ماي، أن التغيير الأعظم في الجزائر قام به شباب ورواد ثورة التحرير سنة 1954 وأن أبطاله من الشهداء والمجاهدين لم يتسوردوا لا تديولوجية ولا تنظيمات سياسية عابرة للحدود، ولم يصدروا تنظيمهم السياسي إلى بلدان الجوار. وأكد ولد خليفة، أن الثابت الأول والدائم لقوة الجزائر ومناعتها، هو وحدتها الوطنية، كما أن غرس ثقافة الديمقراطية، ومعيار الاستحقاق بالإجتهاد والذكاء والتفوق في الأداء في مواقع العمل والمسؤولية وتنمية الثروة الوطنية وتشييد مجتمع المعرفة، والحرص على المال العام، عوامل من شأنها التقليل بالتدريج من الظواهر المرضية التي يعرفها المجتمع. واعتبر رئيس المجلس الشعبي الوطني، أن من بين أولويات المرحلة المقبلة، التي لا تقبل التأجيل أن تتكاثف جهود الهيئات والمؤسسات على كل المستويات لتحقيق تنمية تصنع الثروة، ولا تكفي باستهلاك الموجود منها، وتحسين شروط اقتصاد تنافسي، ولكن ليس على حساب العدالة الاجتماعية ومنظومة مالية وبنكية حديثة والاستغلال الجيد لما تزخر به الجزائر من ثروات المادية والبشرية، فهذا سيسمح حسبه بانخراط الجزائر في الأمد المنظور، في نادي البلدان الصاعدة في العالم. إعادة النظر في تنظيم هياكل المجلس الشعبي أمر غير مستبعد من جهة أخرى، كشف ولد خليفة، عن إمكانية إعادة النظر في تنظيم الغرفة السفلى للبرلمان، مستقبلا، لتنسجم أكثر مع ما يطرأ من مستجدات في إطار تعديل الدستور. وأكد أن أبواب المجلس، تبقى مفتوحة وبلا حواجز، لكل من يرغب في المشاركة الفاعلة، خاصة وأن البرلمان مقبل على ورشات لتدارس مشاريع وصفها بالهامة، ولا تقبل أن تكون فرض كفاية، أي أنها تعني الجميع في مستوى المجلس أو لجانه أو جلساته العامة. وأبدى ولد خليفة استعداده للإنصات للمعارضة بكل تشكيلاتها، واحترام تعبيرها عن الرأي بلا إقصاء، مشيرا إلى أن تعدد الأراء والاجتهادات يقربنا أكثر مما هو صالح ومفيد لوطننا وترقية مجتمعنا بعيدا عن الانفعالات الاستعراضية والخطابات الديماغوجية في عالم تتزايد فيه الصرعات ووتتفاقم فيه الأزمات. وبشأن العهدة التشريعية الراهنة، قال ذات المسؤول أنها ستكون استثنائية، وساحة خصبة للحوار البناء حول القضايا الكبرى التي تهم دولتنا ومجتمعنا بما فيه من تشكيلات سياسية، مؤكدا أن الأغلبية البرلمانية ستتحمل مسؤولياتها وسيقوم المجلس بمهامه كاملة في اقتراح التشريعات ومناقشة المشاريع وفي مراقبة أداء الحكومة من منظور تكاملي وليس بدافع تعجيزي أو عدائي وذلك بهدف الوقاية من الأخطاء وتصحيح الثغرات أو النقص في تقدير المضاعفات التي تثير الاحتجاجات في أوساط المجتمع.