بن عبد الرحمن: إصدار الصّكوك في شكل أوراق مالية تشاركية قريبا 6 آلاف مليار دينار خارج البنوك نهاية 2020 كشف وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمن، عن إحصاء 133 شبّاك إسلامي بالبنوك العمومية حاليا، ومن المتوقع أن يناهز 320 شبّاك أواخر2021، وفي الوقت الحالي حصلت أربعة بنوك عمومية على ترخيص بالتسويق للمنتجات المالية الإسلامية الموافقة للشريعة، كما باشرت ثلاثة بنوك بالتسويق الفعلي لهذه المنتجات، مؤكّدا أن قيمة الكتلة المالية المتداولة خارج الآليات المصرفية نهاية 2020 بلغت ستة آلاف مليار دينار جزائري. نشّط وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمن، أمس، جلسة مفتوحة خلال يوم برلماني بمجلس الامة، حول الصّيرفة الإسلامية بعنوان «الصيرفة الإسلامية استجابة لمطلب اجتماعي ودور في الشمول المالي»، نظّمته اللجنة الاقتصادية والمالية، شارك فيها وزراء وثلة من خبراء ومديري مؤسسات القطاع المالي وأساتذة بالمجلس الإسلامي الأعلى من الهيئة الشرعية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية. أوضح المسؤول الأول عن قطاع المالية والبنوك، أن الصّيرفة الإسلامية مولود جديد بالجزائر يتطلّب المرافقة وكل التفهم من أجل السماح له بالتمكين لدى المواطن وبالتوطين في المجال الاقتصادي الوطني، إذ تقوم المالية الإسلامية بصفة عامة على مبادئ الشريعة الإسلامية وتعمل على المساواة والعدل والإنصاف. وفي إطار تحسين الشمول المالي، شجعت وزارة المالية البنوك على تحسين خدماتها المصرفية للسكان بشكل أساسي بالرهان على تحسين جودة الخدمات مع إضفاء السرعة اللازمة في التكفل بالمعاملات البنكية، وتنويع المنتجات البنكية لاسيما في الادخار والاقتراض وتطوير الخدمات المصرفية عبر الأنترنت، ومواكبة آليات الدفع الجوارية لتغطية جميع طلبات التجار، وتطوير خدمات ومنتجات الصّيرفة الإسلامية، وتعميم استعمال بطاقة CIB لتسهيل الوصول الى الخدمات الرقمية مع ضمان تخفيض مدة اصدار هذه البطاقات. وأشار بن عبد الرحمان إلى أن المزايا الرئيسية التي تمنحها الصيرفة الإسلامية لا يمكن تلخيصها في مجموعة من النقاط لتعددها، فبالإضافة لكونها مطلبا اجتماعيا، فهي تشكل إطارا مناسبا لتعبئة الموارد في ظل غياب الأدوات التي تستجيب لقناعات شريحة معينة من المجتمع تلجا الى اكتناز أموال هامة. وأما عن صيغ الاستثمار القائمة على الأساليب التشاركية، مثل المضاربة أو المشاركة فهي أكثر فائدة من استثمارات البنوك التقليدية خاصة خلال فترات انخفاض الأسعار الفائدة، كما يمكن أن يضمن الاكتتاب في الصكوك الإسلامية عوائد أكثر من تلك المقدمة من خلال الاستثمارات النقدية والكلاسيكية في البنوك التقليدية، إذ يمكن استخدام الصكوك لتعبئة الموارد المالية للدولة والمتعاملين الخواص مما سيسمح بتمويل المشاريع العمومية الاقتصادية الكبرى بهذه الوسيلة التمويلية. وقال الوزير حول قطاع التأمينات في اطار الصناعة المالية الإسلامية، إن مصالحه باشرت في تعزيز وتنشيط السوق بقوة بفضل منتوج التكافل، الذي صودق عليه في مجلس الحكومة، كما سيعمل على تمكينه على مستوى الوكالات العمومية في المستقبل القريب. وعن شروط تطوير المالية الإسلامية، أكد على وضع إستراتيجية شاملة للنهوض بالصناعة المالية الإسلامية، من خلال التفاعل بين مختلف مكونات النظام المالي: البنوك، شركات التكافل، صناديق الاستثمار..مع إشراك السلطات العمومية في هذه الإستراتيجية ولاسيما البنك المركزي، إضافة إلى وضع إطار تنظيمي كامل ومناسب يحكم جميع الأنشطة المالية الإسلامية، بما في ذلك آليات الدعم والمراقبة والتنظيم، داعيا إلى تجنب نقل التجارب الجاهزة من دول أخرى دون مراعاة الخصوصيات والسياق المحلي. ستة آلاف مليار دينار جزائري خارج البنوك نهاية 2020 كشف الوزير عن الحجم الهائل للأموال المتداولة خارج الدوائر المصرفية، بحيث قدّر بنك الجزائر هذه الأصول بنحو ستة آلاف مليار دينار جزائري نهاية 2020. أربعة بنوك عمومية حصلت على التّرخيص أشار أنّ دائرته الوزارية تهدف من خلال الإطار القانوني لإرساء المصداقية والمطابقة للمنتجات الإسلامية المالية، وتطوير مستدام لها، موضحا أن بنك الجزائر عمل على تأطيره من خلال نظام يحدد العمليات البنكية المتعلقة بالصيرفة الإسلامية وقواعد ممارستها من طرف البنوك والمؤسسات المالية، ومن خلال التعليمة التي تحدد المنتجات المالية الإسلامية والخصائص التقنية لتطبيقها من طرف البنوك والمؤسسات المالية. على المستوى التنظيمي، فقد شرعت مختلف البنوك العمومية على البدء في الإجراءات التنظيمية داخليا لتسويق منتجات المالية الإسلامية، بإنشاء هيكل خاص على شكل مديرية أو مصلحة مكلفة خصيصا بالمالية الإسلامية، ويخضع تسويق البنوك للمنتجات المالية الإسلامية لترخيص مسبق صادر عن بنك الجزائر بعد استيفاء شروط الحصول على شهادة المطابقة، التي تمنحها الهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء في الصناعة المصرفية الإسلامية. مقترح إصدار الصّكوك السيادية ذكر الوزير أنّه في الوقت الحالي حصلت أربعة بنوك عمومية على ترخيص بالتسويق للمنتجات المالية الإسلامية الموافقة للشريعة، كما باشرت ثلاث منها بالتسويق الفعلي لهذه المنتجات، كما بلغ عدد الشبابيك الإسلامية على مستوى البنوك العمومية حاليا 133 شبّاك، ومن المتوقع أن يصل الى 320 شبّاك في آخر السنة الجارية. وأوضح بن عبد الرحمان أن مقترح إصدار الصكوك السيادية في إطار التمويل الإسلامي، يهدف الى تعبئة مدخرات للتكفل بمشاريع البنية التحتية والتجهيزات التجارية للدولة، وجذب الموارد المالية من الاقتصاد الموزاي إلى القطاع المصرفي، كاشفا عن قرب إصدار الصكوك في شكل أوراق مالية تشاركية، من قبل شركة خاصة مدرجة في البورصة، وهي شركة متخصصة في دراسة وتطوير المشاريع السياحية. وبغرض إدراج قطاع التأمين في تطوير المالية الإسلامية، فقد قامت السلطات بوضع الاطار القانوني للتأمين التكافلي، بحيث يمكن لشركات التامين القيام بأعمال التأمين على شكل تكافل، كما يتم حاليا إنشاء فرعين للبنوك وشركات التأمين، أحدهما متخصص في التكافل العائلي والآخر في التكافل العام. من جهته، أوضح رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، بوعبد الله غلام الله، السعي الدؤوب والمتواصل للمجلس لتوطين الصناعة المالية الإسلامية بالجزائر، من خلال تشجيع الصيرفة الإسلامية وإعطائها المكانة التي تستحق، مذكرا أن المجلس منذ تأسيسه سنة 2017، وهو حريص على تذكير السلطات بتجسيد الصيرفة الإسلامية على أرض الواقع. وقال غلام الله إنّ مجهودات المجلس تواصلت من خلال مقترحات لتعديل بعض القوانين، سعيا لتوطين كل مكونات الصناعة المالية الإسلامية بالجزائر، كاعتماد الصكوك التي تعتبر البديل الشرعي للسجلات في النظام الكلاسيكي، آملا في تعديل بعض القوانين كالقانون التجاري ليتضمن الصكوك كورقة مالية قابلة للتداول في بورصة الجزائر. وأكّد أنّ الهيئة الشرعية التي نصّبت لمرافقة الصّيرفة الإسلامية، تتشكّل من نخبة علماء الجزائر في هذا المجال، الذين يعملون بكل تفان لمراجعة جميع العقود والوثائق المقدمة، لتصويب ما تراه مناسبا قبل إصدار شهادة المطابقة الشرعية. من جانبه قال وزير التجارة، كمال رزيق، أن الصّيرفة الإسلامية لن تفي ما تنشده إلاّ بوجود آليات أخرى كالتكافل الإسلامي والذي صدر في الجريدة الرسمية، وهي الآلية التي تحتاج إلى سوق مالية حقيقية، أمّا عن الصكوك الإسلامية قال رزيق إن الصكوك الإسلامية السيادية موجودة، وما يسمى بالصكوك التمويلية الربحية التجارية أشار الوزير إلى إمكانية إنشائها من خلال تعديل القانون التجاري، لنصل إلى ما يسمى بالتمويل الإسلامي الربحي المتكامل، قبل نهاية السنة بأبعاده الربحية، وبأبعاد غير الربحية كسائر الدول الأخرى. وأضاف رزيق أن التمويل الإسلامي ليس تمويلا بديلا، بل هو تمويل تشاركي مرافق، فالشمول المالي يقصد به كل طرق التمويل القابلة للتطبيق، والصيرفة الإسلامية منظومة مالية إسلامية متجانسة ومتواصلة تستهدف الكتلة المالية خارج التعاملات المصرفية ليس المدخرات المتواجدة في الآليات التقليدية. وقال وزير الشؤون الدينية، يوسف بلمهدي، خلال مداخلته أن الحكومة لم تكن لها الشجاعة سابقا لولوج هذا النظام المصرفي، واليوم مع رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي كانت واحدة من التزاماته هذا النظام المالي الجديد، استطعنا تجسيد هذه الصناعة المالية الإسلامية، متسائلا عن سقف الترويج الذي وصلت اليه إعلاميا، ومؤكدا أن الأئمة وشيوخ الإفتاء عبر الولايات سيكونون رافدا للتعريف بهذا المنتوج بصفة قانونية، وأوضح أن دائرته الوزارية حاضرة بالهيئة التي يرأسها غلام الله من خلال منسق الهيئة العليا للفتوى. من جهته، عبّر نائب مجلس الأمة، عبد الوهاب بن زعيم، عن امتعاضه من التسمية التي أطلقت عليها هذه الصيغة الجديدة، داعيا لتغييرها لتجنب التفرقة بين الزبائن، الذين يفضلون السياسة المصرفية التقليدية، ليرد عليه وزير المالية بأن من مبادئ العمل في الجزائر الجديدة هو تسمية الأشياء بمسمياتها، وأن الصّيرفة الإسلامية جامعة لكل الزبائن الذين هم أحرار في اختيارها كوسيلة في الصناعة المالية.