عاد وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، السيد محمد بن مرادي في حديثه مع وكالة الأنباء الجزائرية إلى حقبة الستينات لتقييم الخيارات الاقتصادية الكبرى غداة استقلال الجزائر قبل خمسين سنة، مبرزا كافة المراحل التي مرّ بها القطاع الصناعي من خلال مخططات التنمية إلى مرحلة الاستقرار والانتعاش، والجهود الحالية المبذولة من أجل إعادة هيكلته على نحو يسمح برفع النموّ الاقتصادي. وفي هذا الصدد، قال بن مرادي، أن الدولة خصصت مبالغ مالية معتبرة لإعادة تأهيل وتطوير الفروع الصناعية من خلال مخططات تطوير المؤسسات الوطنية الكبرى في صناعة الأدوية والتبغ والسيارات الصناعية، كلفت الخزينة العمومية 1205 مليار دج خلال سنوات 2002 إلى 2010، واستفاد منه القطاع الخاص بما نسبته 57٪، الأمر الذي دفع الوزير إلى اعتبار أن القطاع الخاص يمثل مستثمرا واعدا ويساهم بقوة في خلق الثروة ومناصب الشغل. أما عن الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فإن الوزير يرى بأنه بفضل أنظمة دعم وتسهيل الاستثمار تمكنت الجزائر من استقطاب الاستثمارات الأجنبية التي رصدت أموالا معتبرة، ولو أنها لم تحقق بعد كل الطموحات والأهداف المسطرة إلا أن إرادة الدولة تبقى حاضرة بقوة من أجل تنويع الاقتصاد وتلخيصه من التبعية نحو المحروقات، ملقيا المسؤولية على عاتق المستثمرين الأجانب لوضع المزيد من الثقة في الاقتصاد الوطني، والاستقرار في الجزائر التي تقدم فرصا استثمارية غير مسبوقة خاصة في القطاع الصناعي. نقل التكنولوجيا الذي يبقى العائق الأكبر في تطوير القطاع الصناعي، قال عنه الوزير بن مرادي، أن السلطات العمومية وضعت سياسة خاصة بهدف الاستفادة من أحدث التكنولوجيات ونقلها من خلال تكوين الإطارات الجزائرية وتثمين نتائج البحث العلمي من خلال تقريب عالم الصناعة من البحث العلمي وخاصة تشجيع المؤسسات للإبداع عبر منح جائزة وطنية للإبداع وإنشاء مراكز لدعم التكنولوجيا. ومن جهة أخرى، فإنه يعوّل على الجالية الجزائرية بالمهجر للمساهمة في نقل التكنولوجيا للاقتصاد الوطني، ولهذا الغرض تم إنشاء الجمعية العالمية للجالية الجزائرية في مارس 2012، هدفها تنظيم الجالية ووضع طرق عملية لكي تساهم في نقل التكنولوجيا، مثلما أشار الوزير الذي شدد على أهمية التكوين في التحكم وكسب التكنولوجيا. وعن المساهمة الضئيلة للقطاع الصناعي في الناتج المحلي الخام والتي لم تتعد 5٪، أكد الوزير بن مرادي أن الدراسة التي أعدت في هذا الشأن بينت أنه في آفاق 2014 فإنه من المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 10٪ من خلال تنفيذ المخطط القيادي والعملياتي الذي يضم العديد من الإجراءات الهيكلية التي سيتم تفعيلها، تتمحور أساسا في إعادة الانتشار وتحسين نظام حكامة القطاع الخاص التجاري وتحفيز المؤسسات على استخدام واكتساب تكنولوجيات الإعلام والاتصال. وعن تأخر صناعة السيارات في الجزائر، رغم أن المشروع يعود إلى حقبة السبعينات، أوضح الوزير أن الشروط متوفرة لاطلاقها في الجزائر متوقعا أن تشهد نهاية السنة الجارية بداية فعلية لصناعة السيارات، مشيرا إلى أن الهدف لا يقتصر على تصنيع السيارات للاستهلاك المحلي، وإنما تصدير قسم من الانتاج الذي سينجز بالشراكة مع مصنع كبير. وفي ذات السياق، تأسف بن مرادي لكون الجزائر تستورد أكثر من 400 ألف سيارة بقيمة مالية تفوق 4 ملايير دولار، دون أن يكون لذلك أي مقابل إقتصادي على مستوى الإقتصاد الوطني. ويبقى المهم بالنسبة للجزائر، هو تقليص فاتورة الإستيراد عن طريق الانتاج الوطني الذي من شأنه توفير مالا يقل عن 20 ألف منصب شغل، فيما لو تجسد مشروع صناعة السيارات الذي لا يزال قيد المحادثات منذ 15 شهرا مع المنتج الصناعي الفرنسي «رونو».