انتظمت، أمس، بالمتحف الوطني للمجاهد، أربعينية فقيد الساحة الفكرية المؤرخ الراحل «جمال قنان» الذي وافته المنية يوم 12 أوت 2021 عن عمر ناهز 85 سنة، حيث حضر الأربعينية نائب وزير المجاهدين محمد ياحي، الدكتور صالح بلعيد، الدكتور عمار طالبي وكذا أفراد من عائلة الدكتور المرحوم، وبعض زملائه وأصدقائه إضافة إلى بعض الأسلاك الأمنية. انطلق برنامج موكب الأربعينية بآيات بينات من الذكر الحكيم، ثم الاستماع للنشيد الوطني، وبعدها كلمة السيد مدير متحف المجاهد مراد وزناجي، قال فيها إن هذه الندوة العلمية التاريخية تستمد أهميتها من كون الراحل مجاهدا وأستاذا ومؤرخا ومناضلا وطنيا خالصا ومخلصا ساهم في بناء الجزائر وشارك في التأسيس لمدرسة جزائرية لكتابة التاريخ الوطني. وأضاف، أن تكريم الراحل الدكتور المؤرخ «جمال قنان» هو في الحقيقة تكريم لأجيال من المؤرخين الجزائريين الوطنيين المتعاقب الذين غادرونا تباعا أمثال مبارك الميلي، توفيق المدني، عبد الرحمان الجيلالي، أبو القاسم سعد الله، عائشة قطاس... وغيرهم من جهابدة التاريخ والثقافة والفكر في بلادنا. وأكد أيضا أن الراحل كان واحدا من أهل الفضل الذين يتوجب علينا إسداء تحية إكبار اليهم، والتذكير بمناقبهم في كل وقت، معلقين الآمال كلها على طلبة هؤلاء المؤرخين لحمل المشعل واستكمال الرسالة وصون الأمانة. كما ألقى محمد ياحي بالمناسبة كلمة مختصرة نيابة عن السيد الوزير العيد ربيقة، أكد من خلالها أن جمال قنان كان مجاهدا جمع بين البندقية والعلم. من جهته قال الدكتور صالح بلعيد، «هو صاحب الجهادين الأكبر والأصغر ومهما قلت لن أوفي حقه عن ما قدمه لهذا الوطن المفدى»، مضيفا «مجاهد وباحث وطني احترف البحث في العلم والتاريخ وغاب عن الأنظار، وكان لايريد رجع الصدى بالأماني، يعمل في صمت الجدران، أستاذ من القامات السامقات يعمل في الكتمان...». في ذات الصدد، أكد الدكتور عمار طالبي زميله في الجامعة أن الراحل لم يكن باحثا عاديا، فكان لا يلقي محاضرة إلا وقد أعد مراجعها ودراساتها الدقيقة حتى يكون أمينا، وأردف قائلا: «إن الذي يمتاز به جمال هو البحث، هو الدرس، هو التنسيق والتدوين، تدوين الحقائق التاريخية...». أما عميد كلية العلوم الإنسانية الذي تتلمذ على يده، فقد ذكر أن الراحل كان في طليعة الأساتذة المدافعين عن الحرف العربي، ودائما كان يقول إن الحرف العربي ليس عاجزا ان يكون حرف العلوم الدقيقة. من جهته، أشار الدكتور محمد صغير بلعلام رفيقه في الجهاد والمظالم، إلى أن جمال قنان كان كتوما جدا، لعب أدوارا كثيرة داخل الثورة، فكان أول من كُلِّف بتجنيد الطلبة للثورة، كما كلّف برعاية والإشراف على الجالية الجزائرية في تونس، إضافة إلى أنه كلّف أيضا بإرسال الطلبة للتدريب العسكري. كما ذكرت السيدة زهور ونيسي، أنها عرفته من خلال تواضعه... من خلال التأسيس والبناء وتضميد جراح هذا البلد، ومن خلال دفاعه عن الثوابت الوطنية وقيم الثورة. أما الدكتور مصطفى نويصر فقد تحدث في تصريح له عن نشاط الراحل جمال قنان غير المعروف، حيث كان من العناصر المهمة جدا التي ساهمت في تعريب العلوم الاجتماعية في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي، ثم في مراحل لاحقة كان من أبرز مؤسسي الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية، وأيضا كان من أبرز المساهمين في النضال لرفع الحصار عن العراق من خلال اللجنة الجزائرية للدفاع عن العراق، ثم كان من العناصر التي ساهمت في مطلعي الألفية في تأسيس تنسيقية مناهضة التطبيع والكيان الصهيوني. تضمن برنامج الأربعينية أيضا شريطا تاريخيا متكاملا أحاط بحياة الرجل. للإشارة، جمال قنان من مواليد 1936 ببلدة قنزات ببني يعلى بسطيف، التحق بالثورة عام 1955، وتحصل على شهادة ليسانس في التاريخ من جامعة القاهرة سنة 1958، ثم الدكتوراه من جامعة السوربون سنة 1970. وعين سنة 1971 رئيسا لقسم التاريخ بجامعة الجزائر، مديرا لمعهد العلوم الإجتماعية في 1979، وله العديد من المؤلفات والإسهامات في الصحافة الوطنية.