أكّد وزير العدل حافظ الأختام، عبد الرشيد طبي، أمس، فتح ورشات للإصلاح الشامل للقطاع بدءاً بالتكيف مع الدستور الجديد وصولا لقانون تنظيم السجون، موضحا أنّ استحداث أقطاب قضائية متخصصة يفرض الاعتماد على الكفاءة العلمية، خاصة فيما يتعلق بمعالجة ملفات القضايا المالية والجريمة السيبرانية. فصّل طبي، في مشاريع الإصلاح الشامل والعميق للقضاء، والتي شرعت فيها دائرته الوزارية منذ مدة، مؤكّدا أنّ العمل يتم بكل رزانة وجدية في مراجعة القانونين العضويين المتعلقين بالقانون الأساسي للقضاء والمجلس الأعلى للقضاء من أجل تكييفهما مع الأحكام الدستورية الجديدة. ولفت إلى أنّ دستور نوفمبر 2020، يسمح بتعزيز وتقوية استقلالية السلطة القضائية، "لأنّه لم يكتف بمسايرة التحولات الجارية بما في ذلك تضمينه لجوانب المرجعية الدولية لحقوق الإنسان، واحتواء بعض بنود على مكاسب الجيل الرابع من الحريات". وأفاد، لدى اجتماعه مع رؤساء المجالس القضائية والنواب العامين وإطارات الإدارة المركزية بمقر الوزارة بأنّ الدستور الجديد، أفرد عناية خاصة لمسائل الهوية، وأرسى قواعد "أكثر متانة توضح الأفق لمجتمع منسجم ومتناغم ومنفتح يستجيب بوضوح لتطلعات المواطنين الذين ثاروا ضد الفساد والاستبداد". وفي السياق، شدّد الوزير على تدعيم دولة القانون وتجديد الحوكمة، كونه المحور الأول من دعائم إرساء الجمهورية الجديدة، مضيفا بأنّ الإصلاح المتوخى لقطاع العدالة يرمي إلى "ضمان استقلاليتها وتحديثها بواسطة تعميم الرقمنة، ومراجعة أساليب العمل قصد إضفاء المزيد من الشفافية في تسيير المرافق القضائية". ويراعي البرنامج الإصلاحي أهمية كبرى للكفاءة العلمية للقضاة، "فمع إنشاء الأقطاب المتخصصة لمحاربة القضايا الاقتصادية والمالية ومحاربة الجرائم السيبرانية أصبح من الضروري الاعتماد على أكثر القضاة، الذين يحوزون على شهادات عليا ولهم دراية علمية كافية بهذه التخصصات"، يؤكد المتحدث. ويقتضي الأمر مراجعة منظومة تكوين القضاة بإعادة النظر في شروط الالتحاق بالمدرسة العليا للقضاء، وتعزيزها بما تحتاجه من الكفاءات العليا للتدريس من جهة، والشروع في استحداث نص خاص بتصنيف الجهات القضائية لضمان تغطية متوازية لها واستغلال أفضل الموارد البشرية والمالية من جهة ثانية. وامتدت الإصلاحات بحسب الوزير، إلى مراجعة القانون الأساسي لمستخدمي أمانات الضبط، بعد استشارة واسعة بغية تدعيم السلك بالكفاءات القادرة على التعامل مع مستلزمات العدالة الالكترونية، ومراجعة أساليب التسيير وتحسين نوعية العمل القضائي والمرفقي. التّكفّل بموضوع التّحصيل أعلن الوزير عن التكفل بموضوع "التحصيل"، الذي يشغل بال موظّفي أمانات الضبط "وتمكينهم من الاستفادة بما قرره القانون لهم"، مؤكّدا أنّ تجسيده سيتم في القريب العاجل بعد مراجعة المرسوم الخاص به. كما تمّ فتح ورشة لتعديل قانون الإجراءات الجزائية، "قصد مراجعة إجراءات المثول الفوري بناء على التقييم الميداني للإجراء وإدخال أساليب جديدة للفصل في الدعاوي الجزائية ومراجعة أحكام الطعن بالنقض في قرارات غرفة الاتهام وإصلاح محكمة الجنايات". إضافة إلى "العودة للقضاء الجماعي على مستوى المحاكم في القضايا الخطيرة والمعقدة، وتوسيع طرق التبليغ في المسائل الجزائية بما يمكن من استعمال الوسائل الحديثة". وأفاد طبي، أنّ العمل جار من أجل تعديل قانون الإجراءات المدنية والإدارية بغرض إدخال طرق بديلة لحل النزاعات المدنية، وهذا بالتوازي مع عمليات انجاز وتجهيز الهياكل القضائية لتحسين ظروف العمل وتحسين نوعية الاستقبال والخدمات للمواطنين. وستحظى المنظومة العقابية بالعناية، من خلال إقرار تعديلات على قانون السجون بما يسمح بتعزيز الإدماج الاجتماعي والوقاية من الانحراف "دون إغفال العنصر البشري العامل في هذا السلك الذي يستحق التدعيم والتحفيز بهدف استقطاب الكفاءات من مختلف التخصصات".