التّراخي والاستهتار نقطة فارقة في تطوّر الوضع التّلقيح درع حماية يغفل الجزائريّون عن نجاعته للمرّة الرابعة يتم تمديد إجراءات رفع الحجر الصحي، مع التأكيد على ضرورة العودة إلى الإقبال على مراكز التلقيح للتخفيف من موجة رابعة محتملة في الأيام أو الأسابيع القادمة، لكن وكما تعوّدنا منذ ما يقارب السنتين لن تكون توصيات المختصين والأطباء كافية لكسر حالة اللامبالاة والتراخي التي جعلت الكثير منا يشعر بالقلق، خاصة وأنّ الإصابات عادت في الأسبوع الأخير في الارتفاع من جديد، فقد أعطى تقديم تمديد العطلة المدرسية الشتوية بأسبوع صورة واضحة عن مخاوف تطور الوضع الوبائي في الأيام القادمة. منذ 14 نوفمبر الماضي (سجّل في 97 إصابة جديدة) لم ينخفض عدد الإصابات الجديدة عن ال 100، حيث كانت أعلى حصيلة مسجلة في ال 2 ديسمبر الجاري بلغت 198 إصابة جديدة، أي أنّه ولما يقارب الشهر الكامل لم تنزل عن ال 100، ما يجعله تطوّر في مهم في منحنى الإصابات بعد أن وصلت إلى أقل من 70 إصابة في اليوم الواحد شهري سبتمبر وأكتوبر الماضي. لذلك يمكن القول إنّ الارتفاع وإن كان قليلا بالنظر إلى منحنى الإصابات الجديدة شهري جوان وجويلية الماضيين، إلا أنّ الحقيقة الواحدة والثابتة هو تحرك سهم المنحنى نحو الأعلى، ولعل تسجيل إصابات جديدة في المحيط الضيق هو صورة حقيقية عن وضع وبائي مهدد بموجة رابعة يحدد الإقبال على التلقيح شدتها وقوّتها وشراستها. وأجمع المختصّون والأطباء أن الوضع الوبائي التي تعيشها الجزائر مستقرة ومتحكم فيها حتى الآن، لكن حالة التراخي والاستهتار تقف حائلا ومانعا قويا أمام بقائها على هذا الحال، بالنظر إلى لامبالاة غير مبررة وتراجع كبير في الإقبال على التلقيح ما يضع الجزائر امام موجة رابعة سيصنع اللقاح والالتزام بالإجراءات الوقائية فارقا فيها، لذلك على الجميع تحمل مسؤولياته اتجاه محيطه ومجتمعه من أجل تخفيف آثار الموجة القادمة. وبالرغم من تأكد الجميع من أنّ تدابير الحجر الصحي مرتبطة أساسا بتطور الوضع الوبائي، إلا أن المجتمع يعيش حالة من الفرح والابتهاج برفع إجراءاته بل أصبح الكثير من أفراده يتحدث عن كورونا وكأنّها ذكرى سيئة في حياته، متناسيا تماما أنّها ما زالت موجودة وحاضرة في المستشفيات وفي مختلف الفضاءات، الفرق البسيط والجوهري أنّه تراجع في عدد الإصابات مع الاحتفاظ ب "حق" العودة الى الارتفاع من جديد، خاصة إذا توفّرت العوامل المساعدة كالتراخي والاستهتار وعدم التلقيح. «حبر على ورق" يخلط الكثير من المواطنين بين العودة إلى الحياة الطبيعية بكل تفاصيلها والعودة الحذرة إليها أي ما اتفق على تسميته ب "التعايش" مع الوباء، لذلك نجد أن غالبا ما ينسى المجتمع وجود فيروس كورونا بمجرد التخفيف في إجراءات الحجر الصحي ويتذكّره في حالة التشديد. وبالنظر إلى تدابير الحجر الصحي نجدها مخففة مقارنة بتلك المفروضة في مارس 2020، بل لا مقارنة بينهما بعد رفع الحجر الصحي أكتوبر الماضي، حيث تمثل التخفيف خصوصا في رفع القيود المفروضة على تنقلات وتجمعات الأشخاص، والتجمعات العائلية والأنشطة التجارية والاقتصادية والاجتماعية. لكن يغفل الكثير منا عن الرفع المشروط باحترام إجراءات الوقاية نظرا لبقاء تهديد الفيروس حتى وان انخفضت عدد الإصابات اليومية، وهو السبب في فرض بروتوكول صحي في مختلف المؤسسات والمدارس والفضاءات العمومية، خاصة ما تعلق بارتداء القناع الواقي ومسافة الأمان. ولعل المتجول في مختلف الشوارع والمساحات العمومية يجد اللافتات في كل مكان واتجاه، لكن الأكيد أنّها مجرد لافتات بلا فعالية ولا جدوى ميدانية، فغالبا ما يقف الشخص أمام لافتة إجبارية ارتداء الكمامة واحترام مسافة الأمان بلا قناع واقي في زحام شديد، دون أي اعتبار لكلمة "إجبارية" ما يجعلها مجرّد "حبر على ورق". وكحال الإجراءات الوقائية صار حال اللقاح الذي عرف تراجعا كبيرا في الإقبال بعد استقرار الوضع الوبائي في الجزائر، فبعد الإقبال الكبير عليه عند بلوغ الموجة الثالثة الذروة، عاد إلى خانة "الإقبال الضعيف" بعد تأكد الجميع خروج الجزائر من موجة كانت الأعنف بين الثلاث موجات السابقة، لكن لم تستطع الموجة الرابعة المحتملة ولا زحف المتحور "اوميكرون" نحو الجزائر بعد وصوله حدودها الشرقية، شد انتباه المواطن نحو الإجراءات الوقائية والحذر والتلقيح بحجة أو بأخرى. وطني، تضامني وأخلاقي عجز المواطن عن استشعار تهديد موجة رابعة رجح الأطباء أن يكون المتحوّر "دلتا" المسيطر عليها من تعديل تاريخ العطلة المدرسية الشتوية من 17 ديسمبر القادم إلى ال 09 منه، حيث فضّلت الوزارة الوصية إخراج التلاميذ في عطلة بعد ارتفاع عدد حالات الإصابة في الوسط المدرسي، فجاء القرار ليدق ناقوس الخطر حتى يلتزم الأفراد بتوصيات المختصين كارتداء القناع الواقي واحترام مسافة الأمان، مع إطلاق حملة تلقيح مكثفة ضد فيروس كورونا في الفترة الممتدة بين 12 و16 من الشهر الجاري بجميع المؤسّسات التعليمية بالتنسيق مع وزارة الصحة، حيث جاء في بيان وزارة التربية والتعليم أنّ "التلقيح ضد كورونا واجب وطني، تضامني، وأخلاقي يلزمنا به واجب الأمن الصحي والوقائي لأبنائنا وبلدنا"، قبل أن يدعو جميع مستخدمي القطاع إلى "هبّة جماعية" لتلقّي اللقاح المضاد لكورونا ضمانا لسلامتهم وسلامة التلاميذ. تطوّرات الوضع الوبائي وتهديد المتحور الجديد أفضى إلى إقرار السلطات الجواز الصحي للتلقيح كحل لرفع الاقبال على حملة التلقيح لبلوغ النسبة المنشودة 70 بالمائة للحد من خطورة الوباء، ومن أجل التعايش "الآمن" معه خاصة للخارجين والداخلين إلى أرض الوطن، فيما تتصاعد الأصوات من أجل فرضه في جميع الفضاءات والمساحات العمومية والأماكن المغلقة لتحفيز المواطن للإقبال على التلقيح.