لا يضاهي حبّها للتّراث الأمازيغي سوى شغفها اللاّمتناهي للفن التشكيلي، هذه الهواية التي تملكت كيانها هي طفلة ذات السبع سنوات، اكتشفت خطوطها وألوانها الأولى بدار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو مسقط رأسها، فنسجت بينها وبين الرسم والدار أواصر قويّة ما زالت قائمة بعد مرور خمسة وعشرين سنة من مسار فني غني بالعطاء والمعارض والأعمال الراقية. إنّها الفنانة التشكيلية نادية شراق، التي تحمل معها بفخر هويتها الأمازيغية وروحها الوطنية، وعشقها للفن أينما حلّت وحيثما ارتحلت. أنيقة وراقية، ابتسامتها الجميلة تعكس جمال لوحاتها، ولدت بمدينة تيزي وزو سنة 1965 ومازالت لحد الساعة، تكرم تراثها الأمازيغي العتيق من خلال اللوحات والتحف من حفظ وزجاج وطين، تحمل دلالات ورموز وحكايات شعبية، تناقلتها الشفاه عبر الأزمان من جيل لجيل لتدوّن نادية شراق البعض منها على لوحاتها بالفرشاة والألوان. بدأت حكايتها مع الرسم بدار الثقافة مولود معمري، التي أصبحت لها بمثابة المرآة التي تعود إليها بعد كل ابحار للبحث عن التجربة والتقنية والشهرة والظهور. مارست هواية أخرى، الرقص الكلاسيكي، زاولت دراستها وافتكت شهادة ليسانس في العلوم الاقتصادية، الأمر الذي أهلها لدخول بنك الجزائر الخارجي، والعمل به لمدة أربع سنوات، لتقرّر بعدها هجر الحياة العملية تلبية لنداء الشغف والفن التشكيلي. الواقف أمام لوحات وأعمال نادية شراق يسافر دون أن يشعر عبر الزمن، إذ تحتضنه كل الرموز والدلالات التي تشكل التراث الأمازيغي الأصيل، لوحات ضمنتها صاحبتها بإبداع وتقنيات الفنان العصامي بأجمل وأبهى الألوان، كما ترجمت من خلالها نتائج بحثها المستمر في تاريخ تلك الرموز الأمازيغية المتداولة، من خلال الوشم والرسومات في الزرابي والجبة والحلي وعبر جمال الطبيعة وحكايات الجدات.. وتحرص كثيرا الفنانة العصامية على الرموز والدلالات، فهي بذلك ترفع ستار النسيان عن الكثير من جوانب الثقافة الأمازيغية، التي تداولت على مر الزمن بصورة شفهية فقط، فضاع الكثير من إرثها، وأيضا أصبحت نادية من خلال أعمالها سفيرة لشق كبير ومهم من التراث الجزائري، وبعد أن تخطّت حدود الوطن للعالمية، فكانت لها معارض وتكريمات في الكثير من دول العالم، حيت كانت تحرص في كل محفل أن تعرّف بكل فخر بالتراث الجزائري الأصيل عامة والثقافة الأمازيغية على وجه الخصوص، خاصة ذلك الشق منها الذي تحفظه المرأة، وتحاول من خلاله بعث رسائلها. تعدّدت اليوم تقنيات الفنانة العصامية لتشمل الرسم على الخزف والزجاج وغيرها لكن تبقى كل أعمالها مترابطة فيما بينها باسم الدلالة والرموز، التي تسعى يوما ما لإصدار كتاب عنها، معتبرة أن تراثنا كنز لا يزال ينتظر من ينقب عنه. ومن أكبر أحلام نادية أن تسافر في كل أرجاء العالم، حاملة معها تراثنا وثقافتنا لتقديمها للآخر.