تَعُد الفنانة التشكيلية حياة محسن، الرسمَ ملاذا لها؛ تجد فيه الراحة النفسية، وإمكانية الفرار من عالم قد يكون سيئا في بعض الأحيان، إلى حياة جميلة؛ حيث تتشابك الأشكال المتعددة مع الألوان المختلفة في لوحات تعرض بعضها بالمركز الثقافي الجامعي، إلى غاية التاسع جانفي المقبل. لم تتعلّم حياة محسن الرسم، بل نمت هذه الهواية في قلبها منذ صغرها. كما كان من السهل عليها إعادة رسمة ما في المدرسة، بالإضافة إلى حبها للألوان، واحتفاظها دائما بالأقلام الملوّنة؛ لهذا كان من الطبيعي أن تتحوّل إلى فنانة رسامة بعد تقاعدها من التعليم، لتعرض أعمالها كذا مرة، في معارض جماعية، ومعرضين فرديين. ومع ذلك لم يكن من اليسير لحياة عرض لوحاتها؛ ليس لأنّها تهاب هذه الفعلة، بل لأنّها لا تحبّ الجلبة، إلاّ أنّها وجدت نفسها تفعل ذلك بعد أن دعاها صديق لها لعرض لوحاتها في المقهى الأدبي الذي نظّمه بقسنطينة مسقط رأسيهما، لتواصل عرض أعمالها، وهذه المرة بالمركز الثقافي الجامعي. وتعرض حياة في معرضها "عالمي.. حياة ثانية" ، أربع لوحات زجاجية؛ ثمرة التكوين الذي تلقته رفقة مجموعة من النساء بمدينة الجسور المعلقة، واحدة رسمت فيها القصبة، والثانية والثالثة زيّنتهما بالأزهار. أما اللوحة الرابعة فقد كتبت فيها بالخط العربي، الشهادة في شكل رجل يصلي. وفي هذا، قالت حياة ل«المساء " إنّها تلقت تكوينا في فن "فيتراي" ؛ أي الزجاج الملوّن، لمدة عام، بالإضافة إلى فنيّ التزيين على الخشب والفخار، علما أنّها فنانة عصامية؛ لم يسبق لها أن تكوّنت في الرسم بكلّ أنواعه التي استوطنت قلبها، مؤكّدة بذلك موهبتها الفذّة. كما تعرض حياة لوحات رسمتها بتقنيتي الرسم الزيتي والأكريليك، من بينها لوحة رسمت فيها نساء لا تظهر ملامحهن، كل واحدة ترتدي لباسا بلون مختلف عن ألبسة الأخريات، قالت عنها إنّها ترمز إلى الحشود التي ترعبها أو تزعجها كثيرا، والتي تدفع بنا إلى عدم التمييز في تفاصيل هذا الجمع من الناس؛ سواء من ناحية شكل أجسامهم وتفاصيل وجوههم، أو حتى طبيعة لباسهم. لوحة أخرى رسمت فيها حياة سفينة ترسو في بحر تعلوه شمس حارقة، رمز للحرارة المرتفعة في فصل الصيف. أما اللوحة التي رسمت فيها مجموعة من الأشجار وغمرتها باللون الوردي، فتعود إلى شهر أكتوبر الوردي، الذي تنتشر فيه حملة الفحص المبكر ضدّ سرطان الثدي. ورسمت حياة المرأة في أكثر من لوحة؛ مثل المرأة التي تضع الملاية السوداء. واستعملت في هذا العمل تقنية اللصق، في حين اعتمدت في عدّة لوحات أخرى رسمتها بالأسلوب التجريدي، على كمٍّ هائل من الألوان. وفي هذا قالت: "أحبّ رسم الأشكال المتعدّدة، واستعمال الألوان المتنوّعة. صحيح أنّني أميل أكثر إلى الألوان البرتقالية والزرقاء والخضراء، إلاّ أنّني في الحقيقة أحبّ جميع الألوان، وأبتغي، دائما، مزجها ببعضها البعض". وتعرض حياة، بالمناسبة، لوحات تجريدية أثرتها بألوان كثيرة ومتناسقة فيما بينها؛ فهي إمّا تستعمل لونا واحدا بتدرّجاته، أو تمزج بين عدّة ألوان في العمل الواحد، معتبرة الرسم حياتها الثانية التي احتضنتها بعد تقاعدها. أما عن عنوان المعرض "عالمي.. حياة ثانية" فيرمز إلى الحياة التي وجدتها الفنانة بعد تقاعدها، والتي أسعدتها كثيرا، بل شكّلت، بالفعل، ملاذا لها، وعشقا ليس له حدود، تلجأ إليه في كلّ مرة؛ حيث يمكنها أن تفعل ما تريد بكلّ تلقائية وحرية من غير قيد. وذكرت حياة ل«المساء" حبّها للأعمال اليدوية؛ مثل الخياطة والرسم، والتي تجد فيها ضالتها؛ فهي إنسانة صبورة وشغوفة لا تملّ من ممارسة ما تحبه. وبالمقابل، شرعت في الرسم نهاية عام 2017. وأنجزت عدّة لوحات عام 2018. عرضت بعضها على صفحات " فايسبوك"، لتتلقى تشجيعا لعرضها أمام الجمهور. وهكذا شاركت في معرضين جماعيين عام 2022 بقسنطينة، ومعرض ثالث بالعاصمة، وتحديدا بالمركز الثقافي الجامعي؛ احتفاء بتظاهرة "العيش معا في سلام" . كما نظّمت معرضا فرديا هذه السنة بقسنطينة، وثانيا بالمركز الثقافي الجامعي مجدّدا.