لا يمكن إلا أن يرحّب الجميع باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 15 مارس من كل عام «يوما لمحاربة الإسلاموفوبيا»، فهذا القرار الذي تمّ تبنيه من قبل الهيئة العالمية المكونة من 193 عضو وبرعاية مشتركة من 55 دولة معظمها بلاد مسلمة، يؤسّس لمرحلة مهمة في مواجهة خطاب الكراهية والعنصرية والتعصّب والتطرّف ضد المسلمين، كما يشجّع المجتمع الدولي على اتخاذ تدابير ملموسة لمكافحة هذه الظاهرة وتعزيز التسامح والتعايش السلمي عبر العالم بما يعود بمزيد من الأمن والازدهار على الإنسانية كافة». اختيار تاريخ 15 مارس ليكون يوما للتعبئة ضدّ التحريض على الكراهية والتمييز والعنف على أساس الدين، لم يكن صدفة بل على العكس تماما، إذ أنه يصادف اليوم الذي اقتحم فيه مسلح مسجدين في «كرايست تشيرتش» بنيوزيلندا في 2019، ليرتكب مجزرة مروّعة ذهب ضحيتها 51 شخصا أثناء أدائهم صلاة الجمعة، وفتح الهجوم ملف الإسلاموفوبيا في الغرب، خاصة بعد أن اتخذ طابعا تجاوز الكراهية لأفعال دموية، و»الإسلاموفوبيا»، هو مفهوم يعني الخوف الجماعي المرضي من الإسلام والمسلمين، إلا أنه في الواقع نوع من العنصرية قوامه جملة من الأفعال والمشاعر والأفكار النمطية المسبقة المعادية للإسلام والمسلمين والمنتهكة لحقوق الإنسان بما يشمل حرية المعتقد والدين. ويدعو نصّ القرار وهو غير ملزم، «إلى تعزيز الحوار العالمي بشأن ترقية ثقافة التسامح والسلام على أساس احترام حقوق الإنسان وتنوّع الأديان والمعتقدات، كما يعبر عن الأسف الشديد إزاء كل أعمال العنف ضد الأشخاص على أساس دينهم أو معتقداتهم والأفعال الموجهة ضد أماكن عبادتهم، وكذلك جميع الاعتداءات على الأماكن والمواقع والمزارات الدينية وفي داخلها، والتي تشكل انتهاكا للقانون الدولي». ويدعو القرار أيضا «جميع الدول الأعضاء، والمؤسسات ذات الصلة في منظومة الأممالمتحدة، والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات الدينية، إلى تنظيم ودعم مختلف الأحداث البارزة التي تهدف إلى زيادة الوعي بشكل فعّال على جميع المستويات في مكافحة الإسلاموفوبيا». إن إقرار يوم عالمي ضد الاسلاموفوبيا، حتى وإن كان غير ملزم،فهو يكتسي أهمّية كبيرة لأنه بالتأكيد سيعزّز الوعي على المستوى الدولي بخطر الكراهية والتعصّب ضد المسلمين، كما سيشجع المجتمع الدولي على اتخاذ تدابير ملموسة لمكافحة هذه الظاهرة وتعزيز التسامح والتعايش السلمي عبر العالم، ويبقى التحدي القائم هو ضمان تنفيذ هذا القرار حتى لا يبقى مجرد وثيقة مهملة في أدراج الجمعية العامة للأمم المتحدة.