بعد أيام على استعادة الفلسطينيّين للذكرى 74 للنكبة، والتي تؤرّخ لقيام الكيان الصهيوني باحتلال فلسطين وإعلان دولة الكيان الإسرائيلي في 1948، يستعيد الفلسطينيّون ومعهم العرب اليوم الذكرى 55 للنكسة، وهي تسمية اتخذت تلطيفا للهزيمة التي انتهت إليها حرب جوان 1976، التي أرادها العرب حربا لاستعادة فلسطين من قبضة العدو الجديد، فإذا بها تتحوّل إلى هزيمة كبرى للجيوش العربية أمامإسرائيل التي تغلّبت منفردة في ظرف ستة أيام على مصر وسوريا والعراق والأردن، واحتلت مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية والمصرية والسورية، حيث مدّت سيطرتها إلى سيناء وقطاع غزةوالضفة الغربية والجولان، وقامت بتهجير معظم سكان مدن قناة السويس ومعظم مدنيي محافظة القنيطرة في سوريا، ونحو 300 ألف فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة؛ معظمهم نزح إلى الأردن، كما قام الاحتلال بمحو قرى بأكملها في فلسطين العربية، وفتح باب الاستيطان منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم في القدس الشرقية والضفة الغربية. الشرارة الأولى للحرب، التي أطلقت عليها إسرائيل اسم «الأيام الستة»من باب التفاخر بالمدة الزمنية القصيرة التي هزمت خلالها الجيوش العربية، انطلقت بعد إقدام سلاح الجو الإسرائيلي على شن هجوم مباغت على قواعد سلاح الجو المصري في سيناء، في 5 جوان 1967. وحسب ما يكتبه المؤرّخون، هناك جملة أسباب أدت إلى نشوب هذه الحرب، أهمها جهود التسلح التي تبذلها مصر بقيادة جمال عبد الناصر، ونشاط سوريا ضد المستعمرات الإسرائيلية على الجبهة السورية وأمام الجبهة الأردنية. وأيضا قرار القمة العربية لسنة 1964 في القاهرة بتحويل مياه نهر الأردن في كل من سوريا ولبنان وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية 1965. إضافة إلى قرارات وأحداث مهمة وقعت منذ منتصف ماي 1967، من بينها: مطالبة مصر بسحب قوات الأممالمتحدة من سيناء، وشروعها في حشد جيشها هناك، وإغلاقها يوم 22 ماي «مضايق تيران» بالبحر الأحمر في وجه الملاحة الإسرائيلية، وهو ما اعتبره الكيان الصهيوني بمثابة إعلان رسمي للحرب. اليوم، وبعد مرور أزيد من نصف قرن على النكسة، لا زالت تبعات حرب 1967 السياسية والجغرافية قائمة، حيث استولت إسرائيل على 85 بالمائة من أراضي فلسطين التاريخية والبالغة حوالي 27 ألف كيلومتر مربع، وتواصل نهب مقوماتها، فيما لم يتبق للفلسطينيين سوى 15 بالمائة فقط، وتخضع للاحتلال الصهيوني وبطشه. كما يواصل الكيان الصهيوني احتلال الضفة، ومحاصرة غزة، إلى جانب ضم القدس والجولان، والمضي في مشاريع الاستيطان والتهويد بمدينة القدس بالرغم من أن مجلس الأمن الدولي أصدر في نوفمبر 1967، القرار 242، والذي يدعو إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي احتلتها في جوان من ذات العام. وبعد 55 عاما، لا زال الفلسطينيون صامدون يقاومون وحدهم تبعات النكسة، وعام بعد الآخر، يتراجع التضامن والدّعم العربي،طبعا فكثير من الدول العربية قرّرت امتطاء قطار التطبيع، وإقامة علاقات مع إسرائيلالتي ما زالت - بالرغم مما حققته - تواجه مقاومة فلسطينية باسلة يرفع لواءها شباب مسنود بقوّة الحق عدالة القضية التي ستنتصر يوما مهما كان اختلال موازين القو، ومهما تعدّد الخونة والمطبّعون.