تخطو دولة تشاد التي تعتبر الخامسة إفريقيا من حيث المساحة، والتي أثخنتها الحروب والصراعات والتدخلات الخارجية، منذ استقلالها قبل ستة عقود، خطواتها الأولى نحو المصالحة الشاملة. بعد أقل من عام، من مقتل الرئيس السابق إدريس ديبي الذي حكم لثلاثة عقود، كانت العاصمة القطرية تحتضن، ولخمسة أشهر، محادثات بين المجلس العسكري الانتقالي برئاسة محمد إدريس ديبي ومعارضيه، لتتوج في 8 أوت الجاري بالتوقيع على اتفاقية الدوحة للسلام، تمهيدا للحوار الوطني الشامل بتشاد الذي انطلق في العشرين من الشهر نفسه، ويؤمل منه أن يقود إلى مصالحة وطنية شاملة. وافتتح يوم السبت الماضي بالعاصمة التشادية مؤتمر للحوار الوطني الشامل شاركت فيه عدة أحزاب وجمعيات مدنية، ونحو 40 من الحركات المسلحة التي وقعت مع المجلس العسكري الانتقالي، اتفاقية الدوحة للسلام في تشاد برعاية قطرية. وانطلق الحوار -الذي يستمر لمدة 3 أسابيع- بحضور منظمات دولية وإقليمية، وكل من رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، ومستشار أمير قطر للشؤون الأمنية محمد بن أحمد المسند. وتتواصل عملية اقناع الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية المتردّدة في المشاركة في الحوار، للحاق بقطار المصالحة والاستقرار. وفي هذا الإطار، التقى محمد بن أحمد المسند، مستشار أمير قطر والوسيط في مفاوضات السلام التشادية، رئيس حزب «المحوِّلون» التشادي المعارض. وقال رئيس حزب «المحوِّلون» سوكسيه ماسرا، إنه شرح للوسيط القطري موقف حزبه الرافض للمشاركة في الحوار الوطني بصورته الحالية، وإن حزبه منفتح على الجهود والوساطة القطرية، وينتظر ما يمكن أن تحققه في المصالحة بين التشاديين، ليكون الحوار في تشاد شاملا بمعناه الحقيقي. ويشكل حزب «المحوِّلون» تحالفا مع الأحزاب والجمعيات المعارضة للمشاركة في الحوار، والتي تطالب بتعهد المجلس العسكري الانتقالي والسلطة الانتقالية بعدم الترشح في الانتخابات المقبلة. للتذكير، وقّع المجلس العسكري التشادي وحركات معارضة مسلحة، في 8 أوت الجاري بالعاصمة القطرية، اتفاق سلام يرمي إلى إنهاء التوترات المسلحة التي تشهدها البلاد. ونص الاتفاق على وقف إطلاق النار قبل انطلاق الحوار الشامل في العاصمة التشادية، كما تعهد المجلس العسكري بعدم القيام بأي عمل عسكري ضد الحركات الموقعة على الاتفاق. ونص الاتفاق أيضا على برنامج لنزع السلاح، والعفو عن المتمردين الموجودين في الخارج وتأمين عودتهم إلى البلاد. أما النقاط الخلافية الأخرى، فقد أحالها اتفاق الدوحة إلى جلسات الحوار الوطني الشامل التي اقترحها رئيس المجلس العسكري الحاكم ووقع مرسوما بشأنها لتكون قراراتها سيادية وقابلة للتنفيذ.