أكدت مديرة النشر لدى «دار رومنس القرن 21 للنشر والتوزيع والترجمة الأديبة والصحفية» سليمة مليزي، بناء على تجربتها الطويلة ورصيدها من المؤلفات ذات الصلة بأدب الطفل، أن الكتابة للطفل إن لم ندرسها جيدا تدخل في مصف ما يسمى بالورطات الإبداعية، كما أجزمت أنه ليس من السهل أبدا التعامل مع المادة الموجهة للطفل لاسيما المراهق دون أن نخضعها لمقاربات مدروسة بعمق، تتمحور أساسا حول تشكيل وجدان وذوق وفكر الأجيال القادمة. من أبرز المواضيع التي سلطت عليها الأديبة سليمة مليزي الضوء في حديثها مع «الشعب»، هو أدب الطفل، وبالضبط حول دعم آليات انتعاش هذا الحقل الخصب الذي يحتاج إلى رعاية واهتمام كبيرين، وفي نفس الوقت يتطلب المرافقة اللصيقة بالمادة الموجهة لفئة عمرية أقل من 20سنة، فقد شددت المتحدثة على تشجيع الدراسات التي تُعنى بأدب الطفل ذات الصلة بلغته ودعمها. الكتابة للطفل من أصعب الفنون وفي ذات الصدد، صرحت الأديبة سليمة مليزي، أن الكتابة للطفل تعتبر من أصعب الفنون الأدبية، حيث يتطلب على الكاتب أن يدرس جيدًا سلوكيات التربية عند الطفل، حتى يتمكن من الولوج إلى أفكاره الحالمة، كما جاء على حد قولها في هذا السياق: «حيث يعتبر خيال الطفل واسعٌ وليس له حدود في تخيّل الاشياء العادية وأحلامه الواسعة التي يريد دائماً التحلق بها في الفضاء، ومخيلته تذهب بعيدً ا عن الواقع المعاش، خاصة إذا قرأ القصص الخيالية، والعلمية، أو شاهد أفلام الكرتون المحببة للطفل أكثر من الكتاب، فالطفل في أولى مراحل حياته نجده يقلد ما يحدث في محيطه خاصة والديه، لذلك يجب على الأولياء أن يراعوا جيدًا تصرفاتهم أمام طفلهم، ويحسنون التصرف أمامه، ويعاملونه وكأنه شخص كبير، ويسمعون إلى أسئلته التي نجدها عند الأطفال الاذكياء أحيانا غريبة، وتكون أكبر من سنهم، لذلك السلوك الجيد في المعاملة مع الطفل يجعله يظهر ذكائه مبكراً، خاصةً إذا علمناهُ المطالعة، وحببناهُ في الكتاب الذي يعتبر جزءًا لا يتجزأ من أشياءه المهمة في تربيته». وفي ذات السياق، أضافت المتحدثة «من هنا ندرك أهمية الكتابة للطفل، لأنها تخلق له خيالا واسعا، وتكسبهُ المعرفة والعلوم، كما تؤهلّهُ أن يكون تلميذاَ ناجحاَ في دراسته»، وأضافت «وقد ربط بعض الخبراء، أن الطفل الذي يحب مطالعة القصص خاصة إذا قام بتمثيل القصة بينه وبين نفسه على شكل مونولوغ، أو حوار مزدوج، تعلمه كيف يعي نفسه أن يكون كاتباً أو اعلامياً أو أستاذ أو مديراً ناجحاَ في المستقبل، وتُصبح الكتابة عند إتقانها عملية تلقائية؛ حيث يستطيع الطفل التركيز على عمله دون القلق بشأن كيفية تشكيل الحروف». الكتابة ودورها في تغذية الجوانب الفكرية للطفل وأشارت الأديبة في سياق تصريحها، إلى أهمية الإصدارات الأدبية التي من شأنها تغذية مناحي تفكير الطفل والمراهق على حد سواء، حيث قالت: «يحتاج الأطفال أو المراهقون إلى إصدارات أدبية مختلفة تغذي جوانب تفكيرهم وتقوي نواحي الخيال والإبداع والحوار والتفكير الناقد فيهم، وتشبع حاجاتهم وميولهم، وتوجه اتجاهاتهم وتفكيرهم بما يربطهم بأصالة ماضيهم ويكيفهم بطبيعة حاضرهم ويؤسس رؤاهم المستقبلية؛ لتكون وسيلة من وسائل التعليم والتثقيف بالتسلية والمشاركة في الخبرة، وطريقا لتكوين العواطف السليمة، وتنمية المشاعر الوطنية الصادقة، وأسلوبا يقفون به على الحقيقة ويكتشفون مواطن الصواب والخطأ في المجتمع، ويتعرفون على طريق الخير والشر في الحياة، وسبيلا لتوجيه أنواع الخيال وفنون الكتابة لديهم، ليستشرفوا به على عالم باتت المعرفة فيه متجددة، والتقانة العلمية متسارعة حتى يتحقق التوازن النفسي والفكري للأطفال في مراحل نموهم ونضجهم؛ ليواجهوا طبيعة الحياة وما تفرضه عليهم بيئتهم وعالمهم». وفي نفس الإطار، تطرقت الأديبة سليمة مليزي، إلى تجربتها الطويلة في كتابة القصص باللغة العربية الفصحى، إضافة إلى ما تسعى له من خلال ترجمة وطبع ذات الإصدارات إلى لغات أجنبية على رأسها اللغتين الإنجليزية والفرنسية، حيث قالت بأن الهدف هو تحقيق الإضافة النوعية التي تخدم زيادة رصيد الطفل والمراهق لغويا، وتشجيعهم على اكتساب واتقان لغات أخرى مرورا باللغة الأم، كما جاء على لسانها في هذا السياق: «من هنا كان اهتمامي بأدب الأطفال باعتباره من أقوى الدعامات في بناء الإنسان، وفتح معالم المعرفة أمامه، لذلك بحسب تجربتي الطويلة في الكتابة للطفل، أدافع كثيرا عن هذا النوع من الأدب الذي يعتبر مهماً جداً، حيث إذا كتبنا للطفل وتكوّنَ تكويناً سليماً، سيكون رجل الغد الذي يصنع مجد هذا الوطن، لذلك أنا في صدد خوض ترجمة القصص الموجهة للطفل المترجمة إلى اللغة الفرنسية والانجليزية، حتى نعزز تعليم الطفل اللغات الحية منذ نعومة أظافره، حتى تساعده في المستقبل أن يكون تلميذاً ناجحاً، وتسهل عليه تعليم اللغات الحية». بات أكثر من ضرورة، كما ذكرت المتحدثة في الأخير أن التجربة التي تنتهجها «دار رومنس القرن 21 للنشر والتوزيع والتوزيع والترجمة»، تعتبر فريدةٌ من نوعها في الجزائر، رغم غلاء الطباعة بالنسبة لقصص الأطفال، التي تتطلب الرسومات باليد من طرف فنان، والألوان الزاهية التي تجذب الطفل وتحببه في المطالعة. وأكدت مليزي أنه بالرغم من مناشدتهم لوزارة الثقافة من أجل التكفل بطباعة قصص الأطفال، إلا أنهم وجدوا أنفسهم يصارعون غلاء طبع القصص، وتحدي كل الصعاب من أجل انتعاش أدب الطفل في الجزائر، ومن أجل تقول مواصلة «حلمنا أن ننهض بهذا الأدب إلى العالمية، وتوظيف القصص الشعبية الجزائرية المستوحاة من التراث العريق والغني، لذلك أقترح أن يكون منتدى مستقبل للاهتمام بأدب الطفل، وتكون رعايته من طرف وزارة الثقافة والتربية».