قبل أن تستفيق من الصّفعة التي وجّهتها لها تونس بفرش البساط الأحمر للرئيس الصحراوي، تلقّت الدبلوماسية المغربية صفعة جديدة أشد قوة وإيلاما، جاءت هذه المرة من أمريكا اللاتينية وبالضبط من جمهورية البيرو، التي نسفت مزاعم وزير الخارجية ناصر بوريطة، وكشفت زيف تصريحاته. لم تدم طويلا حملة الإشهار والدعاية التي سُخّرت لها كافة الوسائط الإعلامية المغربية بالترويج لانتصار وهمي حققته المملكة في البيرو، وزعم سحب هذه الأخيرة اعترافها بالدولة الصحراوية، حيث فضح الرئيس بيدرو كاستيلو رئيس جمهورية البيرو أكاذيب المخزن، وكشف زيف تصريحاته ليعلن بأنّ بلاده لم تتراجع عن مواقفها بخصوص اعترافها بالجمهورية الصحراوية، ودعمها الثابت والصريح لتقرير المصير ولحقّ الشعب الصحراوي في سيادته على أرضه، قبل أن يقيل وزير الخارجية رودريغيز ماكاي الذي تتهمه الصحافة المحلية بتلقيه رشاوي وهوامش أرباح من صفقات الفوسفاط مقابل سحب الإعتراف بالدولة الصحراوية، إضافة الى تورطه في أعمال مشبوهة تمس سيادة بلده الخاصة بقانون البحار، ممّا دفع بمندوبي البيرو في الأممالمتحدة ومنظمة الدول الأمريكية الى الإستقالة بمجرد تعينه على رأس الخارجية البيروفية. صفقة بوريطة التي استدرجت وزير الخارجية البوليفي الى مربع الخيانة، ورمت به خارج الحكومة، هي نفسها الوسيلة التي استدرج بها من قبل وزير خارجية ليسوتو «ليسيغو ماكغوثي» عندما «قرّر في ديسمبر 2019 تعليق جميع القرارات والإعلانات السابقة بشأن الصحراء الغربية»، حسبما أوردت آنذاك صحيفة «ليسوتو تايمز» عن مصادر حكومية، مضيفة أنّه «يشتبه في أنه تلقى رشاوى من الحكومة المغربية لتغيير من جانب واحد الموقف الذي لا يتزعزع لدولة ليسوتو لصالح حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير»، قبل أن يجد نفسه خارج الحكومة. أنّ افتضاح صفقات نظام الاحتلال المغربي المشبوهة مع بعض الأنظمة لحملها على سحب اعترافها بالدولة الصحراوية، أو فتح قنصليات لها بالاراضي المحتلة من الصحراء الغربية، مقابل اموال طائلة تغدق عليها من خزائن الشعب المغربي، أفقدها مصداقيتها، وجردها مما كانت تستحق من احترام وتقدير، ليس لدى شعوبها فقط، بل ولدى كافة شعوب العالم. وبالتالي فالدول التي تحظى بالمصداقية والاحترام سارعت إلى إبعاد الشبهات، وعزل ذوي النفوس الضعيفة والخونة من صفوفها، حتى لا تسيء لشعبها وتاريخها وعلاقاتها الدولية، كما هو الشان بالنسبة للمثالين السابقين. والدول التي لا تحترم القوانين والاعراف الدولية، ولا تحترم مبادئها ومواثيقها المعلنة، لا تسحق ثقة شعبها ولا ثقة شعوب العالم، وبكل تأكيد ستدور عليها الدوائر، عندما تنكشف صفقاتها المشبوهة، فالعالم كما هو معلوم أصبح يعيش بفعل وسائل التواصل الاجتماعي في قرية واحدة. أما وقع الصدمة على نظام الاحتلال المغربي الذي يحاول بأية وسيلة تكريس احتلاله للصحراء الغربية، بالتآمر على جيرانه، وشراء ذمم الضعفاء، وابتزاز الاقوياء تارة، وأخرى بالتحلل من التزاماته الدولية، والانقلاب على المصالح العليا للأمة العربية والاسلامية، فقد كان قويا خاصة بعد الاعتراف الأخير لدولة كولومبيا بالدولة الصحراوية». الهزائم والصفعات التي ما فتئ المغرب يتلقاها، تمثل بالنسبة للصحراويين مكاسب تؤكد أن دولتهم حقيقة لا رجعة فيها ولا يمكن القفز عليها، والأكيد أن ما بناه المغرب على باطل فهو باطل، والاحتلال طال الزمن أو قصر فهو إلى زوال.