حرصت الجامعة العربية منذ نشأتها قبل أكثر من 70 عاما على أن تكون البيت الجامع للدول العربية وسعت جاهدة طيلة هذه السنوات للحفاظ على وحدة الصف العربي وحماية الاستقرار الإقليمي، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها المنطقة والرهانات الجيو سياسية التي يشهدها النظام الدولي وانعكاساتها على الساحة العربية. التزمت المنظمة في سياستها بانتهاج السبل السلمية لحل المنازعات بين أعضائها عبر اعتماد الوساطة والمساعي الحميدة وإرسال لجان تحقيق لتقصي الحقائق والتحكيم، وفقا لما تنص عليه المادة الخامسة من ميثاقها لعام 1945 والتي تؤكد أنه "لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض النزاعات بين دولتين أو أكثر من دول الجامعة". وفي هذا الإطار، تدخلت الجامعة العربية من أجل حل أزمة الضفة الغربية في 1950 والنزاع بين الجمهورية العربية المتحدةولبنان في 1958 وكذا لتسوية النزاع الكويتي-العراقي في 1961 والنزاع بين سوريا ومصر في 1961-1962. كما تدخلت لوضع حد للحرب الأهلية باليمن في 1962 والحرب بين اليمن الشمالي والديمقراطي في 1972 والحرب الأهلية بلبنان في 1975 والعدوان الصهيوني على لبنان في 1978 وغزو الكيان الصهيوني للبنان في 1982-1985، وطالبت في 2006 مجلس الأمن الدولي بوقف شامل لإطلاق النار في لبنان وتحميل الكيان الصهيوني مسؤولية الخسائر والدمار الذي نتج عن عدوانه. وفيما يخص الحروب الصهيونية على غزة، دعت الجامعة العربية في كل مرة إلى وقف فوري للعدوان على القطاع وإنهاء الحصار عليه وفتح جميع المعابر، مناشدة دول العالم لإعادة إعمار المنطقة. وبالموازاة مع ذلك، ساندت الجامعة الشعوب العربية في كفاحها من أجل الحرية والاستقلال، حيث قامت بحراك واسع، سواء على صعيد المنطقة العربية أو في أروقة المنظمات الدولية الأخرى للمرافعة ودعم نضال الشعوب على امتداد الوطن العربي الذي كان يرزح تحت نير الاستعمار. وظلت الشعوب العربية على امتداد أقطارها - وخلال معارك الاستقلال التي خاضتها - تنظر إلى الجامعة العربية باعتبارها "رمزا قوميا" مساندا لها. فمنذ تأسيسها عام 1945 وحتى اليوم، لا تزال القضية الفلسطينية تشكل "القضية المركزية" في انشغالات المنظمة الاقليمية على اختلاف أجهزتها ومؤسساتها. وغداة احتلال الكيان الصهيوني للأرض العربية الفلسطينية في أعقاب حرب 1948، بادرت جامعة الدول العربية بالتدخل لمواجهة هذا الوضع الجديد ولم تتردد في اتخاذ مجموعة من القرارات لمقاطعة هذا الكيان. وتؤكد جلّ قرارات المنظمة على اعتبار الكيان الصهيوني "الخطر الأساسي" الذي يهدد الدول العربية في مجملها وليس فقط الشعب الفلسطيني، وهو ما يستوجب عملا عربيا جماعيا لمواجهته، وتشدد على ضرورة الحفاظ على الأمن القومي العربي المشترك والتضامن العربي باعتباره السبيل "الأول والوحيد" لدرء المطامع التوسعية والعدوانية للكيان المحتل. وفي هذا السياق، أولت جامعة الدول العربية مكانة خاصة لقضية القدس، نظرا للأهمية الدينية والتاريخية لهذا المكان المقدس للعرب جميعا، وظل هذا الموضوع يشكل "أحد البنود الأساسية والدائمة" في كل اجتماعات المنظمة الإقليمية، مع الإصرار على وجوب دعم النضال الفلسطيني لتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وفيما يتعلق بالملف الليبي، أعرب مؤخرا الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، عن ثقته في التعاون مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الدعم الأممية في ليبيا، عبد الله باثيلي، لمواصلة الجهود الدولية والإقليمية لإخراج ليبيا من حالة الانسداد السياسي التي تمر بها. كما اتفقا على استمرار التواصل والتشاور بين جامعة الدول العربية والأمم المتحدة لدعم الجهود الرامية لتحقيق إعادة الاستقرار إلى ليبيا.