توفير مصادر دخل جديدة بالعملة الصعبة يُناقش نواب المجلس الشعبي الوطني، اليوم الثلاثاء، أول قانون يُنظم ممارسة أنشطة رقمية عبر الإنترنيت في الجزائر، يُحدد المفاهيم ويضبط قواعد النشاط، يتعلق الأمر ب «مشروع قانون يتضمن القانون الأساسي للمقاول الذاتي».. فما مضمون هذا القانون وأهميته الاقتصادية، ومن هم الأشخاص المعنيون والمزايا التي يستفيدون منها؟ يستجيب مشروع هذا القانون لمتطلبات إحدى جوانب التوجه الاقتصادي الجديد للجزائر في تشجيع اقتصاد المعرفة وأنشطة لها علاقة بالاقتصاد الرقمي، مثل نشاط مطور تطبيقات الويب والهاتف، والمسوق الإلكتروني. إلى جانب أنشطة سائق سيارة النقل (VTC)، ومسير منصات التواصل الاجتماعي، والانفوغراف، وخدمات الويب والهاتف والتسويق في الانترنيت.. إلخ. يهدف مضمون مشروع هذا القانون، الذي سبق ل «الشعب» تناول محاوره بالتفصيل، إلى تنظيم وتطوير مناخ المقاولاتية الخاص بممارسة أنشطة عبر الإنترنيت، قصد تسهيل ولوج الشباب إلى سوق العمل عن طريق التوظيف الذاتي ودمجهم في الاقتصاد الرسمي، فضلا عن أنه يشكل إطار مُتعدد التخصصات يتوافق مع احتياجات كل القطاعات الاقتصادية، وكذلك أداة قوّية لضمان الإدماج الضريبي والمالي. ..آفاق واعدة يقول المستشار السابق بوزارة البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية، والخبير في تكنولوجيات الاتصال، يونس قرار، «إن الكثير من الشباب الجزائري يشتغل في مهن جديدة لها علاقة بالرقمنة، يوفرون خدمات رقمية لمؤسسات جزائرية وأجنبية، لكن - في غياب إطار قانوني- لا يمكن لهؤلاء المقاولين التعامل بالفوترة أو إبرام عقود عمل مع مؤسسة عمومية، باستثناء التعامل الحر». في هذا الشق، يُشير قرار إلى أن هؤلاء شباب يتعاملون مع مؤسسات أجنبية ويستقبلون أموالهم بالعملة الصعبة، وفي ظل عدم وجود إطار قانوني يلجؤون إلى وسطاء في الخارج لاستقبال ما يربحونه من أموال. وبشكل عام، من شأن «مشروع قانون المقاول الذاتي»، أن يُرسي بيئة أعمال لهذه الأنشطة، وفق قرار، الذي يسترسل»هناك آلاف الكفاءات الجزائرية تقوم بهذا العمل في إطار حر وفردي ويقدمون خدمات لمتعاملين اقتصاديين، داخل الجزائر وخارجها». بخصوص الإطار التشريعي الجديد، الذي قد يُثير مخاوف لدى أصحاب هذه الأنشطة، من جانب الالتزامات خاصة ما تعلق بالشق الضريبي، ولو أن مشروع القانون يُشير إلى نظام تفضيلي، يرى قرار أن الانخراط في الإطار الرسمي بعد دخول القانون حيز التنفيذ، يوفر مزايا كثيرة لأصحاب هذه الأنشطة الذين عليهم الاختيار بين الانخراط في الإطار القانوني وضمان حماية قانونية ومداخيل مقننة. أو النشاط في السوق السوداء خوفا من دفع ضرائب التي تخضع إلى نظام تفضيلي أي قد تكون رمزية، في المقابل، تفويت فرص واعدة وآفاق واسعة». ومن منظور قرار، فإن الانخراط في الإطار القانوني يسمح بالاستفادة من مزايا مادية وقانونية وتغطية اجتماعية، مع دفع مقابل تفضيلي تجاه مصالح الضرائب: « القانون جاء بتحفيزات وتسهيلات كثيرة لاستقطاب أصحاب هذه الأنشطة ويمنحهم تطمينات للانخراط في هذا المسعى». استقطاب العملة الصعبة ولم يغفل المتحدث الإشارة إلى الأهمية الاقتصادية لتأطير هذه الأنشطة الرقمية، من خلال استقطاب «آلاف الكفاءات الجزائرية تشتغل في مجال الرقمنة وتطوير التطبيقات والمواقع الالكترونية وتسيير صفحات الفايسبوك، والعمل في مجالات تخص السمعي البصري، يقدمون خدمات عديدة لشركات أجنبية.» بحسب تقديرات قرار، يمكن لعائدات هذه الأنشطة أن توفر ما يصل أو قد يتجاوز مبلغ 10 مليون أورو شهريا أي ما يعادل 12 مليون أورو سنويا، وبالإمكان بلوغ أرقاما بكثير من ذلك، ويضيف: «هذه الأموال كلها تذهب الآن في قنوات غير رسمية عبر حسابات بنكية أجنبية مثل بايسيرا».. ويتابع: « لو يتم استقطاب هؤلاء الشباب في أطر رسمية، من خلال توفير بيئة أعمال محفزة من أجل تطوير قدراتهم وفتح آفاق جديدة يمكن للجزائر ضمان مداخيل جديدة بالعملة الصعبة وتوسيع مصادر الدخل خارج المحروقات. في المقابل، يشير المتحدث إلى «الشعب»، إلى مشكل غياب الأرقام والإحصائيات حول هذه الأنشطة الرقمية والأشخاص الذين ينشطون فيها «مشروع القانون المطروح يضمن تأطير هؤلاء الشباب». المقاول الذاتي وحقوقه يُقصد بالمقاول الذاتي، وفق ما نشرته «الشعب» سابقا، كل شخص طبيعي يمارس بصفة فردية نشاطا مربحا مدرجا ضمن قائمة النشاطات المؤهلة للاستفادة من القانون الأساسي للمقاول الذاتي والذي لا يتعدى رقم أعماله السنوي حدا يحدد طبقاً للتشريع المعمول به (المادة 02). وتستثنى من قائمة النشاطات المذكورة المهن الحرة والمهن والنشاطات المقننة والحرفيين، على أن تحدد قائمة النشاطات المؤهلة للاستفادة من القانون الأساسي للمقاول الذاتي. وتتضمن المادة 3 من المشروع مؤهلات وشروط الاستفادة من القانون الأساسي للمقاول الذاتي: بلوغ السن القانوني للعمل، أن يكون من جنسية جزائرية ومقيما بالجزائر، أن يمارس نشاطاً مدرجاً في قائمة النشاطات المؤهلة للاستفادة من القانون الأساسي للمقاول الذاتي. وبغرض الاستفادة يجب على المعني تقديم طلب للتسجيل في السجل الوطني للمقاول الذاتي، وفق ما هو منصوص في المادة 4، بينما تأتي المواد 5، 6، 7، 8، لتفصل في تسيير السجل الوطني للمقاول الذاتي، ومراقبة أنشطة المقاول الذاتي، إلى جانب تسليم للمقاول الذاتي بطاقة تحمل رقم تسجيل وحيد. ويمكن لصاحب النشاط أن يقيم نشاطه في محل إقامته أو في فضاءات عمل مشتركة، وعندما يستعمل كمقر نشاط المقاول الذاتي، لا يمكن لمحل الإقامة الشخصية و/أو العائلية أن يكون موضوع حجز بسبب الديون أو الأضرار الناجمة عن النشاط. ومن المزايا، أيضا، ما تعلق بمحاسبة مبسطة على سجل مرقم ومؤشر عليه من قبل مصالح الضرائب المختصة إقليميا والذي يقيد الإيرادات والنفقات المتعلقة بالنشاط: الإعفاء من إلزام القيد في السجل التجاري، نظام ضريبي تفضيلي، فتح حساب بنكي تجاري، وفق ما تضمنته المادة 9 من هذا القانون. واجبات.. وفي الفصل ال 3 المتعلق بالالتزامات، يخضع المقاول الذاتي لإلزامية الحصول على رقم تعريف ضريبي والتصريح لدى هيئة الضمان الاجتماعي لغير الأجراء (مادة 10)، ويلتزم، أيضا، بإيداع طلب التسجيل في السجل الوطني للمقاول الذاتي أو عن طريق البوابة الالكترونية المنشأة لهذا الغرض من طرف المؤسسة. وكذلك التصريح بالوجود لدى المصالح الضريبية المختصة إقليميا من أجل الحصول على رقم التعريف الضريبي في أجل ثلاثين (30) يوما ابتداء من تاريخ الحصول على بطاقة المقاول الذاتي. والتصريح لدى المؤسسة (السجل التجاري) كل ستة (6) أشهر، برقم الأعمال وكذا كشف الحسابات البنكية التجارية و/أو البريدية ذات الصلة بالنشاط، والتصريح أيضا لدى المصالح الجبائية برقم الأعمال وتسديد المستحقات ذات الصلة طبقا للتشريع والتنظيم الجبائيين المعمول بها، بحسب ما جاء في المادة 11. في الفصل ال 4 والأخير، تضمن نص هذا المشروع حالات وكيفيات الشطب من السجل الوطني للمقاول الذاتي وإعادة التسجيل، بحيث يمكن لصاحب النشاط طلب إعادة تسجيله في السجل الوطني للمقاول الذاتي بعد إزالة أسباب الشطب، لاسيما دفع الديون الجبائية المستحقة إن وجدت. ومن هذه الحالات عدم التصريح برقم الأعمال أو التصريح برقم أعمال متعدد خلال السنتين التي تلي التسجيل في السجل الوطني للمقاول الذاتي، عدم الاستيفاء بالتزاماته تجاه هيئة الضمان الاجتماعي خلال فترة سنتين.