شددت الإجراءات المتخذة في سبيل تعديل الدستور على تحديد العلاقات بين مختلف السلطات بطريقة تقضي على التداخل الوظيفي وتناقضات المهام وتعارضها. وهي مسالة عرفها الدستور الحالي الذي أسس في فترة أزمة وطوارئ انعكست على بعض مواده ومضمونه. وتظهر هذا جليا في السلطة التنفيذية التي تتدحرج بين رئاسة الجمهورية والحكومة. ولم يعط رئيس الجمهورية القاضي الأول للبلاد الصلاحيات الواسعة التي يحتاجها وتسمح له بممارسة مهامه الدستورية بصفة تعطي استقامة اكبر للهيئة التنفيذية وتكسبها التوازن والقوة والتناسق. ولهذا جاءت التدابير بمراجعة هذا الوضع، بتنظيم اكبر للعلاقات بين مكونات السلطة التنفيذية وتقضي المراجعة إلغاء منصب رئيس الحكومة وتعويضه بوزير أول يساعده نواب له لتأدية الوظيفة. وحسب مشروع التعديل الذي يتضمن توضيحات دقيقة تبعد كل شبه ولبس، فان رئيس الجمهورية هو وحده صاحب الصلاحيات في تعيين الوزير الأول، وإنهاء مهامه، وهي ذات الصلاحية الممنوحة للرئيس في تعيين نائب أو أكثر للوزير الأول في ممارسة مهامه، وهو الذي ينهي مهامهم بنفس الطريقة والأداء. ويحمل التعديل الجديد إيضاحات أخرى حول وظيفة الوزير الأول وموقعه في دواليب السلطة التنفيذية ومصالحها ومكوناتها. ويؤكد أن الوزير الأول يقوم بتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية ولأجله ينسق عمل الحكومة التي يقوم باختيار أعضائها، ويحدد برنامج عملها وعرضه على مجلس الوزراء. وهو ما تنص عليه صراحة المادة .79 وعلى صعيد آخر، يعرض الوزير الأول برنامج عمله على البرلمان للمصادقة عليه بعد نقاش مستفيض، ويجوز له أن يكيف مضمون البرنامج وبعض محاوره وبنوده بالتشاور مع رئيس الجمهورية على ضوء ما جاء من نقاش ومداخلات واستفسارات. وتكشف هذه المسالة ، وتحسمها المادة .80 وهكذا أضفت التعديلات الجزئية في جانب تنظيم العلاقات بين مكونات السلطة التنفيذية وضوحا اكبر على مهام الحكومة وصلاحيتها. وتتمثل في تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية الذي زكاه الشعب عبر اقتراع مباشر. وجاء بعد حملة انتخابية تبارت فيها مختلف برامج المرشحين للرئاسيات. وقدمت الدلائل والبراهين على أنها الأنسب لحمل الهموم وتسيير شؤون الرعية. والشعب السيد يختار ما هو اقرب وأكثر تمثيلا وجدوى على حمل المشروع الوطني. وتقر التعديلات أخيرا بوضوح أيضا الإبقاء على وظيفة السلطة التشريعية في مراقبة الحكومة ومتابعتها بدقة والنظر فيما إذا كانت تنفذ بصرامة البرنامج الذي عرضته عليه وحظي بنقاش وحوار قبل المصادقة عليه دون القبول بمروره مرور الكرام. وعليه يبقى عمل الحكومة من هذه الزاوية خاضعا لمراقبة الغرفة البرلمانية لا سيما عبر عرض بيان السياسة العامة التي تحدد التوجهات ومحاور التكفل بانشغالات القاعدة وتراكمات المشاكل. وتحدد السياسة الوطنية التي وان تتجاوب مع المتغيرات وتتكيف مع الصيرورة تبقى تحكمها ضوابط وثوابت لا تقبل المساس والتجاوز. المهم فوق كل هذا أن التعديلات التي جاءت لسد فجوات في بعض مواد الدستور الحالي تحمل مغزى واحدا وهدفا وحيدا، وتضفي على السلطة التنفيذية التماسك والتوازن وتبعد عنها حالة التداخل المألوفة المعاشة وما ينجر عنها من آثار سلبية على التنمية كل الرهانات. ------------------------------------------------------------------------