وضع رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة حدا لحالة الانتظار الطويل والترقب وأنهى الجدل السياسي بالإعلان الصريح عن تعديل الدستور لتكييفه مع الصيرورة والتطورات واستجابته بشكل اكبر لانشغالات المرحلة. وذكر الرئيس في افتتاح السنة القضائية يوم الاربعاء الماضي بالأسباب والمبررات التي استدعت هذا الخيار الذي أعلن عنه منذ استلامه السلطة وكان محور الحملات الانتخابية، وتصدر قائمة التغيير والتقويم لجزائر تسابق الزمن من اجل أن تعايش ظرفها ولا تتاخر عن ركب التطور في وقت الإصلاحات والتجدد. وتجاوب مع دعوات التشكيلات السياسية والمنظمات وممثلي المجتمع المدني الملتمسة من الرئيس الترشح لعهدة ثالثة لاستكمال المشاريع الكبرى والإصلاحات التي حولت البلاد إلى ورشة كبرى للبناء والإنماء متجاوزة تداعيات العشرية السوداء بالمصالحة والتضامن الوطني. وهي مسالة توقف عندها مجاهدو الولاية الخامسة التاريخية مؤخرا. وذكروا الرئيس في لقاء بالمركز التاريخي المدشن بأحلى صورة وأبهى هندسة معمارية إسلامية بمرتفعات ''لالة ستي'' التلمسانية بجدوى مواصلة المشاريع الإستراتيجية في تلميح لتأييدهم لعهدة رئاسية ثالثة ضرورية. وظلت هتافات المواطنين ترافق الرئيس بوتفليقة في كل محطات زيارته الأخيرة إلى تلمسان ولاسيما غداة الاستقبال الشعبي للرئيس بشارع العقيد لطفي وبكلية الطب التي تحدث فيها عن المشروع الوطني والتحديات التي تفرض التحضير والمداومة لمواجهة الطوارئ في اجلها دون الانتظار والتردد. وبين الرئيس بوتفليقة بالملموس الدوافع التي أدت إلى إقرار الدستور في هذه الآونة ولم تكن قبل أو بعد. وأرجعها إلى الأولويات التي فرضت فرضا ولم يكن بإمكان الدولة المرور عليها مرور الكرام. منها محاربة الإرهاب وكسر الحصار غير المعلن من جماعة شنغن والحملات المسعورة المرافقة للتطاول على البلاد في مسعى بائس لإبقائها رهن الانتقالية الدائمة. وهي حملة أداها بإتقان وتفان، ورددها ببرودة دم على الملا، تجار الأزمة بترديد العبارة المسمومة ''من يقتل من''. واستبدلوها بمكر وخداع ب ''من يتصالح مع من'' في عهد ميثاق السلم والمصالحة. وأرجعت مسالة التعديل إلى هذه المرحلة بسبب الأولوية الممنوحة إلى معالجة تداعيات الماساة الوطنية والتكفل بانشغالات الأمة وهمو مواطن أنهكته الظروف المعيشية الصعبة وأزمات الماء والتشغيل والسكن. وكلها ملفات حساسة وجدت العناية القصوى والرعاية من قبل الرئيس بوتفليقة الذي توعد الجميع بعلاج هذه التعقيدات من جذورها بعيدا عن المسكنات والتهدئة والترقيع. وحسب الرئيس، فان تعديل الدستور الذي يشمل جانبا من مواده ينهي حالة التداخل الوظيفي بين السلطات بتحديد صلاحيات كل واحدة. وهي وضعية لم يفصل فيها دستور 96 وأبقى التناقض قائما دائما، الأمر الذي تطلب العلاج والتصحيح جريا وراء التسيير الناجع الشفاف لشؤون الدولة والعباد. وحرص رئيس الجمهورية في قرار تعديل الدستور الجزئي، استنادا إلى المادة 176 من الوثيقة الرسمية على إثراء النظام المؤسساتي عبر حماية رموز الجمهورية التي لا تقبل المساس تحت أي عذر أو ذريعة، وضبط العلاقات بين مكونات السلطة وهياكلها ومصالحها. وحسم الرئيس كل تأويل ومزايدة في إقرار التعديل الجزئي للدستور بان مرور الإجراء على البرلمان بعد المجلس الدستوري لا يعني التخلي الأبدي على خيار الاستفتاء الشعبي مستقبلا وهو خيار يلجا إليه في أية فرصة وحاجة وضرورة لان هذا الخيار يكرس مبدأ السيادة للشعب التي تعد من الثوابت شددت عليها كل المواثيق والنصوص التأسيسية للجزائر وغير القابلة للمساس إلى يوم الدين. فنيدس بن بلة