أظهرت النّتائج النّهائية لانتخابات منتصف الولاية تحقيق الجمهوريين أغلبية بسيطة في مجلس النواب الأمريكي، مقابل تحقيق الديمقراطيين، في وقت سابق، أغلبية في مجلس الشيوخ. وبذلك بات الكونغرس منقسماً، مما يعقّد أجندة الرئيس جو بايدن. بعد إعلان النتيجة الأخيرة، توعّد الجمهوريون بفتح تحقيقات وإجراءات محاسبة تطال ممارسات عائلة الرئيس الأمريكي، وتحديداً نجله هنتر بايدن، وصفقات أبرمها مع دول أجنبية. كما وعد هؤلاء بعقد جلسات استماع حول انسحاب الإدارة "الكارثي" من أفغانستان، والتحقيق بملف الهجرة غير الشرعية. وسيتمتّع الجمهوريون برئاسة اللجان في مجلس النواب، بعد سيطرتهم على الأغلبية، الأمر الذي سيمكّنهم من التحكم بجدول الجلسات وموضوعاتها. وفي حين هنّأ بايدن زعيم الجمهوريين كيفين مكارثي بالفوز، متعهّداً بالعمل معه، تحدَّث نواب من مناصري الرئيس السابق دونالد ترمب عن نيتهم عزل بايدن، لكنه توجّهٌ لم يدعمه مكارثي حتى الساعة. كما أعلن بعضهم معارضته تخصيص مزيد من الأموال لأوكرانيا، إلا أن هذا سيقابَل بتصدي عدد كبير من الديمقراطيين والجمهوريين لهم. من جهة أخرى، أعلنت نانسي بيلوسي، الرئيسة الديمقراطية النافذة لمجلس النواب، أمس، نيتها التخلي عن تولي هذا المنصب في المجلس المقبل. وقالت بيلوسي (82 عاماً) التي اضطلعت بدور رئيسي في السياسة الأمريكية منذ عقدين: "لن أترشّح للإدارة الديمقراطية في الكونغرس المقبل". وعلَّق الرئيس بايدن على إعلان تخلي بيلوسي عن المنصب، بإصدار بيان أشاد فيه ببيلوسي، مؤكداً أنها "مدافعة شرسة عن الديمقراطية". ماذا يعني انقسام الكونغرس؟ مع بسط الجمهوريين سيطرتهم على مجلس النواب بأغلبية بسيطة وصلت إلى 218 نائباً، أصبحت المعادلة واضحة: الديمقراطيون لهم مجلس الشيوخ، والجمهوريون لهم مجلس النواب. هذا يعني "كونغرس" منقسماً على نفسه، سيجعل من إقرار أي قانون أمراً شبه مستحيل دون تعاون الطرفين، ويضع الديمقراطيين والجمهوريين في موقع التفاوض والتسويات من جهة، والتحديات من جهة أخرى، لتتنقل الكرة بين ملعبي الحزبين، قبل أن تصل إلى شباك الرئيس الأمريكي. ويعلم بايدن جيداً هذه المعادلة، فقد خاض التجربة نفسها عندما كان نائباً للرئيس في عهد أوباما، مع "كونغرس" يسيطر عليه الجمهوريون، كما كان في الجهة المقابلة، خلال فترة وجوده في الكونغرس رئيساً للجنة العلاقات الخارجية في "الشيوخ"، في عهد رؤساء جمهوريين وديمقراطيين. لهذا، بمجرد صدور النتائج التي أظهرت سيطرة الجمهوريين الفعلية على مجلس النواب، سارع الرئيس الأمريكي إلى مد غصن الزيتون إلى الحزب مهنِّئاً زعيمه كيفين مكارثي. وقال بايدن، في بيان صادر عن البيت الأبيض: "أهنّئ زعيم الأغلبية مكارثي على فوز حزبه بالأغلبية في مجلس النواب، وأنا مستعدّ للعمل مع الجمهوريين لتسليم نتائج للعائلات العاملة". لكن لهجة التعاون لم تكن حاضرة في تغريدة مكارثي احتفالاً بالفوز، فقال: "الجمهوريون سيطروا رسمياً على مجلس النواب! الأمريكيون جاهزون لتوجه جديد، والجمهوريون مستعدّون لتقديم ذلك لهم". فمن الواضح أن مكارثي، الذي ينتظر بفارغ الصبر انتزاع مطرقة رئاسة المجلس من نانسي بيلوسي في الثالث من جانفي، سيسعى جاهداً إلى تحدي الإدارة الأمريكية في ملفات عدة، وقد توعّد بذلك في أكثر من مناسبة آخِرها تغريدة له بعد فوزه بزعامة الحزب في انتخاباته الداخلية قال فيها: "بصفتي رئيساً لمجلس النواب سوف أتخذ خطوات لإصلاح ما حطّمته نانسي بيلوسي. عمل الجمهوريين في مجلس النواب سيبدأ فوراً". وعدّد مكارثي 3 محاور: "الوفاء بوعودنا للأمريكيين، ومحاسبة الإدارة، ووقف أجندة بايدن"، كلها محاور تدل على توجهين: المحاسبة، والعرقلة. ففي شق المحاسبة، توعّد الجمهوريون بفتح تحقيقات بممارسات عائلة الرئيس الأمريكي، وتحديداً نجله هنتر بايدن، وصفقات أبرمها مع دول أجنبية، وعقد جلسات استماع حول انسحاب الإدارة "الكارثيّ" من أفغانستان، إضافة إلى التحقيق بملف الهجرة غير الشرعية. وسيتمتع الجمهوريون برئاسة اللجان في مجلس النواب بعد سيطرتهم على الأغلبية، الأمر الذي سيمكّنهم من التحكم بجدول الجلسات وموضوعاتها. وفي شق العرقلة، تحدَّث بعض النواب من مناصري الرئيس السابق دونالد ترمب عن نيتهم عزل بايدن، لكنه توجه لم يدعمه مكارثي حتى الساعة.