كشفت حملة الحرث والبذر بولاية بسكرة والتي بدأها الفلاحون يتخوفون من موسم قد يكون سيئا، نتيجة عدة عوامل غير مساعدة، منها قلة مياه السقي عن طريق الآبار والجفاف الذي يضرب المنطقة منذ سنوات والذي يؤثر سلبا على المنتجين الذين يعتمدون على مياه الأودية أو ما يعرف لديهم بالحرث عن طريق "الجلف"، زيادة على مشاكل مرتبطة بنوعية البذور وارتفاع أسعار الأسمدة. حملة البذر للموسم 2022-2023 لم تختلف عن الحملات الماضية، فنفس المشاكل تؤرق الفلاحين. وعليه يشير رئيس جمعية الفلاحين الأحرار، الى أن الصعوبات مازالت تعترض تطوير هذه الشعبة الإستراتيجية وترهن الموسم الحالي وفي مقدمتها نوعية البذور المسلمة من تعاونية الحبوب والتي اقتصرت على نوعين من البذور المحلية وهي "واد البارد"و"فيترون". وبحسب نفس المتحدث، فإن هذه النوعية، وهي محلية مطورة في بسكرة، لا تتلاءم مع احتياجاتهم، مما اضطر كثيرين اللجوء إلى السوق السوداء من أجل اقتناء البذور الملائمة، وهو ما يزيد من ارتفاع تكلفة عوامل الإنتاج، يضاف إليها - كما قال - ارتفاع جنوني في أسعار السماد. فالدعم المقدم من الدولة في شراء المنتوج تمتصه أسعار هذه المواد، حيث ارتفعت الأسعار حسب طبيعة الأسمدة من 7000دج للقنطار إلى 12000دج وأسمدة أخرى وصل سعرها 17000دج للقنطار. كما يشكو الفلاحون من تراجع منسوب مياه المناقب. وبحسب أحد الفلاحين بمنطقة نفيضة الرقمة، بلدية الفيض، فقد تحصل على رخصة لتعميق منقب فلاحته 205 متر طولي، وهي مسافة غير كافية، لأن غور المياه امتد إلى أكثر من 200 متر. ويطالب الفلاحون بإعادة النظر في عدد أمتار الرخص الممنوحة زيادة على التأخير في إصدارها، نتيجة البيروقراطية والإجراءات المعقدة التي تستمر في كثير من الأحيان إلى أكثر من خمسة أشهر. كما يشكو العديد من الفلاحين، عبر مناطق مختلفة بالولاية، من صعوبات ومشاكل تعترض طريقهم، وتحدّ من إمكانية مواصلة نشاطهم الإنتاجي. وتتركز هذه الانشغالات، التي يعتبرونها مصيرية، في ظاهرة الجفاف ونقص مياه السقي، وأخطر ما يخيف الفلاحين الجفاف الذي ضرب بقوة وأحال البعض على البطالة، أو البحث عن عمل يومي، على قلته، حيث لاحظنا على مستوى قرى تابعة لبلدية زريبة الوادي الواقعة بالمنطقة الشرقية، وهي منطقة فلاحية مهمة، مظاهر بؤس لانعدام مداخيل النشاط الفلاحي. كما يطرح الفلاحون ظاهرة تلوث مياه وادي العرب، خاصة بمنطقة بلدية الفيض، بمياه الصرف الصحي الآتية من مناطق وبلديات ولاية خنشلة، وتشكل – بحسبهم - تهديدا جديا للفلاحة المعتمدة على مياه الوادي، إضافة إلى خطر تلوث المياه الجوفية في ظل صمت السلطات الولائية، وعدم التدخل لحماية هذه المناطق الشاسعة التي تشكل ثقلا كبيرا في الإنتاج الولائي من الحبوب الإستراتيجية، بما فيها مادة الفريك والمحاصيل الصناعية. وتتوفر ولاية بسكرة على إمكانات كبيرة تسمح برفع الإنتاج، لكن عوامل عديدة تتسبب في تدني المردود، حيث يشكو الفلاحون من عدم قدرتهم على توسيع المساحات القابلة للزراعة، ونقص الكهرباء الفلاحية، إضافة إلى مشاكل تتعلق بالسقي والآبار. وقد سبق للمعهد التقني لتنمية الزارعة الصحراوية، بالتنسيق مع المحطة الجهوية لحماية النباتات، تنظيم أيام ولقاءات تقنية لفائدة إطارات الإرشاد الفلاحي، تحضيرا لحملة الحرث والبذر بالولاية للموسم الحالي، حيث يسعى المعهد من خلال هذه اللقاءات إلى مرافقة الفلاحين، بدءا من عملية الحرث والبذر، إلى حملة الحصاد، من خلال تحسيس الفلاح باستخدام الطرق العقلانية في توفير الأسمدة الكافية والبذور، وعمليات السقي، وهي عوامل أساسية لها تأثير على كمية ونوعية المنتوج. وتندرج هذه اللقاءات، التي تنظم قبل حملة الحرث والموجه لإطارات الفلاحة، حول طرق زراعة الحبوب، وتتضمن شرح طريقة استعمال البذور بهدف تكثيف مردودية إنتاج الحبوب الإستراتجية، تجسيدا لتوجيهات السلطات القاضية بالرفع من معدلات إنتاج محاصيل الحبوب بمختلف أنواعها، بما فيها المحاصيل الصناعية وتقوم الدولة بعمليات دعم خاصة في أسعار البذور والأسمدة وشراء المنتوج.