معابر حدودية من أجل تعزيز التواجد التجاري في دول الجوار تواجد المنتجات الجزائرية بالأسواق اللبيبة امتداد لعمق العلاقات التي تجمع البلدين المجمعات الاقتصادية.. انخراط كلّي في المقاربة الاقتصادية القائمة على التصدير تسعى الجزائر إلى حشد الطاقات والموارد من أجل تطبيق سياسة قارّية واضحة ومنسجمة في مجال الصناعة والتصنيع بما يتوافق وأهداف ومضمون أجندة الاتحاد الإفريقي، خاصة بما تعلق ببناء علاقات اقتصادية بينية متينة، ترقى لمستوى المؤهلات والإمكانات الهائلة التي تزخر بها القارة الإفريقية، رغم أنها غير مستغلة، حيث تستحوذ على نحو 30 ٪ من الثروات المعدنية العالمية و12 ٪ من احتياطي النفط العالمي و43 ٪ من الذهب العالمي و50 ٪ من الألماس في العالم و67 ٪ من الأراضي الزراعية الخصبة غير المستغلة. من جهة أخرى تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن حجم التجارة البينية الإفريقية لا تتجاوز 6.8 ٪ من إجمالي التجارة العالمية وهو ما يعادل قرابة 70 مليار دولار سنويا، ما جعل الجزائر تعمل على استحداث مناطق تبادل حدودية للرفع من مستوى تجارة العبور وتشجيع القطاع الخاص للولوج للأسواق الإفريقية، بهدف تعزيز النمو وتنويع الاقتصاد وتوفير فرص عمل جديدة، للحد من وطأة الإنفاق والتمويل الحكومي. إلى جانب تكثيف التظاهرات الاقتصادية التي تجمع المتعاملين الأفارقة، على غرار معرض إفريقيا للنقل وتجارة العبور الذي نظم مؤخرا بقصر المعارض. القرار الذي أصدرته وزارة التجارة بمنع استيراد كل ما ينتج محليا، خطوة كان لها أثرها في تشجيع المنتجين المحليين على تصدير منتجاتهم إلى الخارج بعد إشباع السوق المحلية، وتتجه الحكومة من خلال القرار إلى شد فاتورة الواردات وولوج عالم التصدير بمنح التسهيلات، ومرافقة المصدرين الذين أجمعوا على التأكيد على وجود عراقيل مشتركة تعرقل عملياتهم التجارية أهمها نقص الإمكانيات اللوجيستيكية من أجل نقل وشحن البضائع. ونظرا للأهمية التي يحظى بها النقل في العملية الاقتصادية في العالم، وفي الجزائر خاصة التي تشهد تحولات اقتصادية كبرى وتتطلع إلى ولوج الأسواق العالمية، عملت الجزائر على دعم الأسطول البري والأسطول الجوي وتطوير منظومة النقل بشكل يخضع إلى معايير عالمية. حيث تمتلك الجزائر 20 مطارا دوليا و16 مطارا داخليا. بالإضافة الى35 ميناء موزعة عبر 14 ولاية ساحلية أهمها سكيكدة، جن جن بجيجل، الجزائر العاصمة، مستغانموهران وميناء الغزوات. هياكل قاعدية برّية وبحرية، جُندت لخدمة الاقتصاد الوطني الذي أضحى نموذجا يقتدى به، من أجل الخروج من التبعية للثروات النفطية والمنجمية إلى تصنيع حقيقي وتكامل اقتصادي وبناء نموذج اقتصادي إفريقي جديد، لدول التكتل القاري في ظل الاستغلال العملي لمنطقة التجارة الحرة الإفريقية. فقد آن للبلدان الإفريقية أن تتحد من أجل الالتزام بسياسات اقتصادية واضحة ومشتركة وإستراتيجية، للوصول إلى تكامل اقتصادي وتحقيق الأمن الغذائي والمائي والصحي في إطار التغيرات الجيو- إستراتيجية. كما عمدت الجزائر إلى إنشاء 4 مناطق للتبادل التجاري الحر مع كل من تونسموريتانياومالي، اثنان منها مع دولة مالي بتينزاواتين وتيمياوين في أقصى الجنوب، أما المنطقة الثالثة فتقع بتندوف جنوب غرب البلاد على الحدود الموريتانية، فيما تقع المنطقة الرابعة على الحدود الشرقية مع تونس بمنطقة "طالب العربي". الهدف من هذه العملية، يتمثل في خلق مرونة اقتصادية تسمح بتعزيز الصادرات الجزائرية خارج المحروقات وتعزيز تواجدها بالسوق الإفريقية، من خلال الانخراط في منطقة التبادل الحر الإفريقية لتعزيز حجم المبادلات الإفريقية مع البلدان الإفريقية التي لا تتجاوز حاليا 3.5 مليار دولار. كل ذلك من أجل تذليل الصعوبات وإزاحة العراقيل أمام المتعاملين الاقتصاديين الأفارقة المقتنعين بالمقاربة الاقتصادية الإفريقية الجديدة، المبنية على ضرورة تعزيز التجارة البينية. اقتناع ظهر جليًا في الحضور القوّي للمؤسسات والمجمعات الاقتصادية الجزائرية في المعرض الجزائري الليبي الذي نظمته وزارة التجارة الليبية بقصر المعارض، الأسبوع الماضي. حيث عرف المعرض حضورا قوّيا من كلا الطرفين، أبدت من خلاله المؤسسات الاقتصادية الجزائرية انخراطها الكلي في المقاربة الاقتصادية للبلاد القائمة على التوجه إلى التصدير وولوج الأسواق العالمية بداية من دول الجوار. مدير مجمع بلاط: الاقتصاد الجزائري وصل إلى النضج والتنوّع التقت "الشعب" الخبير الاقتصادي السابق مراد ملاح، والمدير العام الحالي لمجمع بلاط، فكانت لنا معه دردشة حول المقاربة الاقتصادية الجديدة للبلاد، وما حققته من نتائج وصلت إلى 7 ملايير دولار خارج المحروقات، مرشحة أن تصل إلى 10 ملايير دولار سنة 2023. حيث يرى أن الاقتصاد الجزائري قد وصل، عبر شركاته ومصانعه، إلى مستوى من النضج والتنوع والحضور والطاقة الإنتاجية، يسمح له بالتطلع إلى أسواق إقليمية عربية كانت أو افريقية، حيث اعتبر تواجد المنتجات الجزائرية بالأسواق الليبية، امتدادا طبيعيا لعمق العلاقات السياسية، الاجتماعية والتاريخية التي تجمع البلدين، فالجزائر في المخيال الجمعي العربي الإفريقي -يقول محدثنا - دولة شقيقة، وتواجدها الاقتصادي هو طموح يليق بالمؤسسات الاقتصادية الجزائرية التي أثبتت، وما زالت تقدم البراهين على أن لها من المنتجات ذات المعايير والجودة ما يسمح لها بمنافسة كبريات الشركات العالمية. إلا أن حجم المبادلات التجارية مع الشقيقة ليبيا ما يزال دون المأمول، رغم طموحات القيادات السياسية للبلدين بوصول هذه المبادلات إلى 3 مليار دولار، حسب مراد ملاح، فإن ذلك ممكن إذا ذهب الجانبان، الجزائري والليبي، إلى مستوى معين من التشبيكات الاقتصادية والتجارية من خلال المعارض والتظاهرات الاقتصادية، كمحطات كفيلة بتحقيق قفزات تجاه تحقيق هذا المسعى. اليوم على مستوى مجمع بلاط، يقول المتحدث، بما يراكمه من خبرة تجاوزت عامها ال53، تميزت خلالها بحضور ملفت عبر كامل ولايات الوطن، بمنتجات يسعى المجمع أن تستجيب لمعايير الجودة التي تسمح له بالتطلع إلى دخول السوق الليبية على غرار باقي الأسواق الإفريقية، حيث تمت مباحثات جدّية في هذا الصدد مع عديد الشركاء. ويبقى الطموح الأهم لمجمع بلاط، تعزيز الحضور الاقتصادي الجزائري في محيطه العربي الإفريقي، تتويجا لمشهد عام تميز بحركية وديناميكية، ستذهب بالجزائر إلى الخروج من اقتصاد الريع إلى اقتصاد متنوع يسمح للبلاد من تعزيز وارداته المالية وصادراته. وفي ردّه على سؤال يتعلق بالمعابر الحدودية، وما تسمح به من تسهيل وتعزيز للتجارة البينية بين الدول الإفريقية، أوضح مراد ملاح، أن الأمر لا يختلف حوله، بالنظر إلى أهمية المعابر الاقتصادية باعتبارها الشريان الحقيقي لإنجاح أي مبادلة تجارية. وما بذل خلال السنتين الأخيرتين من تطوير وترقية للمنشآت القاعدية للمعابر الحدودية، وحزمة الإجراءات القانونية، دليل على اهتمام السلطات العمومية على مستويات متعددة، وهذا سيشكل رافدا يسند التحركات الاقتصادية للبلاد من أجل تعزيز تواجدنا التجاري في دول الجوار. وفيما يخص مستقبل التجارة البينية الإفريقية، قال مراد ملاح إن جموع الخبراء والملاحظين قد أجمعوا على مستقبل واعد للسوق الإفريقية التي قوامها أكثر من مليار نسمة، في ظل اقتصاد عالمي يمر بركود وتباطؤ. واعتبر السوق الإفريقية منفذا حقيقيا وفرصة واعدة للجزائر خاصة بعد ترسيم انضمامها لمنظمة التجارة الحرة الإفريقية. وثمّن المدير العام لمجمع بلاط، الخطوات الجدّية التي تبذلها الجزائر من أجل تعزيز التضامن الإفريقي في مستوياته الاقتصادية والسياسية. حيث يحرص مجمع بلاط - بحسب مديره العام - على التواجد الدائم في التظاهرات الاقتصادية التي تنظم على المستوى الدولي، كفضاء يسمح بتوسيع رقعة تواجده، خاصة وأن ثمة منسوبا من المرافقة أبدته السلطات العمومية، ولو أنه يحتاج إلى المزيد من الجهود، خاصة وأن المبادلات التجارية كالتصدير تخضع لتفاصيل يمكن أن تؤثر على توازن الجسم الاقتصادي، باعتبار أن الربحية هدف شرعي لجميع الشركات التي تتحمل حزمة من المتاعب والتكاليف، يجعلها تطمح في مزيد من الدعم في سبيل تعميم الفائدة بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية والاقتصاد الوطني على حد سواء. مدير التسويق الاستراتيجي بمجمع "براندت": الشريك اللّيبي مهتم بمنتجاتنا رغم الصّيت العالمي الذي تتمتع به منتجات العلامة الجزائرية "براندت"، إلا أنه لا يفوّت أي فرصة للمشاركة في التظاهرات الاقتصادية من أجل الظفر بعقود تصدير جديدة، بحسب ما جاء على لسان مدير التسويق الاستراتيجي بالمجمع، شكيب آيت حمودة، الذي يعتبر أن التصدير اليوم خيار لا مناص عنه، خاصة بالنسبة لمجمع بحجم "براندت" الذي ينتج 5 ملايين وحدة سنوية، رقم بإمكانه تلبية السوق المحلية والتوجه إلى التصدير كهدف رئيسي، بعد التجارب الناجحة التي خاضها المجمع نحو العديد من البلدان الأوربية كفرنسا والبلدان الإفريقية على غرار الجارة تونس. معتبرا حضورهم في معرض إفريقيا للنقل وتجارة العبور، فرصة لإعادة بعث علاقات المجمع مع الشريك الليبي التي توقفت اضطراريا لمدة سنتين بسبب جائحة كورونا، لتعود اليوم بنفس جديد، من خلال التحفيزات والتسهيلات الممنوحة من طرف الدولة للمصدرين المحليين، ومرافقة هذه الأخيرة للمؤسسات الاقتصادية التي تطمح إلى تصدير منتجاتها. حيث ستكون مشاركة ثانية للمجمع بمعرض المنتجات الجزائرية الذي سينظم بالعاصمة الليبية طرابلس، في الفترة الممتدة من 6 إلى 9 فيفري المقبل. وبالمناسبة، أكد المتحدث التزام مجمع "براندت" بتوجيهات السلطات العمومية للبلاد بضرورة التوجه إلى التصدير التي يتطلب تكريس المزيد من الجهود حيث بلغت صادرات "براندت" 1.5 مليون وحدة من الغسالات. رئيس مجمع إيمتال: مواكبة المرحلة الجديدة بالتوجّه نحو التصدير كان مجمع إيمتال من بين المجمعات الجزائرية العملاقة الحاضرة في المعرض الجزائري الليبي، بحثا عن فرص للشراكة، حيث يطمح رئيسه، بوسلامة، تنفيذا لتعليمات السلطات العمومية، إلى الوصول بالمنتج الجزائري إلى العالمية، خاصة وأنه يستجيب للمعايير الدولية، ومن أجل تحقيق ذلك، تم تجنيد الفروع ال17 للمجمع التي تتمتع بكل المؤهلات البشرية والتقنية من أجل ولوج الأسواق العالمية، بما فيها السوق الليبية المتعطشة للمنتجات الجزائرية. وتقول مديرة الاتصال لمجمع ايمتال، دليلة بن بلقاسم، إن المشاركة في التظاهرات الاقتصادية والمعارض الدولية، أصبحت تقليدا يهدف المجمع من خلاله إلى التعريف بمنتجاته التي استقطبت العديد من الشركاء الأجانب، لميزتها التنافسية من حيث الجودة والأسعار التنافسية. حيث يطمع المجمع إلى تحقيق مساهمة في النمو الاقتصادي تقدر ب4٪، في ظل المزيد من التحفيزات الممنوحة، خاصة ما تعلق بالصفقات العمومية. من أجل تحقيق الأهداف المسطرة التي يعتبر التصدير أكثرها أولوية في هذه المرحلة من تاريخ الاقتصاد الوطني.