يراهن الأساتذة والباحثون المشاركون في منتدى الفكر الثقافي الاسلامي الذي تشرف عليه وزارة الثقافة والفنون، للسنة الثانية على التوالي، على منظومة القيم التي طالما كانت بؤرة اهتمام الباحثين والمفكرين، الذين اهتموا بتهذيب النفس والسمو الروحي والتزكية، وسيركّزون تحت شعار الجلسات الرمضانية الخاصة بالمنتدى الموسوم ب "الحوار والتعايش"، على ترسيخ القيم، كونها ضرورة دينية وحاجة ملحة لا مفر منها ولا بديل عنها، ولا يمكن ذلك إلا عبر الممارسات اليومية الدائمة. النّدوات ستطرح سلسلة من الإشكاليات، وفي المقابل ستأخذ بالحلول الناجعة التي من شأنها أن تكون في صالح الإنسانية، وسيعتمد المشاركون في ذلك على منهج الإقناع العقلي الذي يقوم على توضيح الدليل والبرهان، والتعليل بتأسيس القيم وفق منهج التفكير الصحيح القائم على الاستدلال والمقارنة والنظر في الإيجابيات والسلبيات، وتحمّل العواقب والنتائج. وصرّح الأمين العام للمجلس الاسلامي الأعلى، الدكتور بوزيد بومدين ل "الشعب"، خلال حديث مقتضب قبيل افتتاح الطبعة الثانية من المنتدى الثقافي الاسلامي الذي ينظم برعاية وزيرة الثقافة، صورية مولوجي، بأنه على غرار الطبعة السابقة، ستشهد الجلسات هذه السنة طرح المواضيع المسطرة بعمق أكثر، مع التركيز على مسألة القيم والسلم التي سيتم التطرق إليها من عدة مجالات، قائلا: "ارتأى المشرفون على اللقاءات أن يتم إشراك أكثر من محاضر واحد في الندوة، وعليه سيكون خلال الأربع جلسات من اثنين إلى أربعة محاضرين". وأضاف المتحدث ذاته، بأنّ الجلسات تحتفظ بنفس شعار الطبعة الأولى، ألا وهو "التعايش والحوار"، حيث أوضح قائلا: "في الطبعة الثانية من المنتدى، ركزنا على قضايا القيم والسلم، وعليه سيكون هذه السنة التميز في الجلسة الثالثة المتزامنة مع الاحتفال بيوم العلم، الموافق ل 16 أفريل من كل عام، حيث اتخذ موضوع "العلم والتجديد في الحركة الاصلاحية الجزائرية" كمحور أساسي للمتدخلين". وذكر الدكتور بوزيد بومدين، بصفته رئيس جلسات منتدى الفكر الثقافي الاسلامي، أن المداخلات تتمحور حول ماهية القيم الروحية عموما، سواء كانت دينية أو اجتماعية، وكيف تؤثر على السلم الاجتماعي والسلام الدولي، وأيضا ما هو دور هذه القيم أو منظومة القيم بترقية المجتمع المدني؟ لأن العالم اليوم يتحدث عن الدبلوماسية الجديدة وهي دبلوماسية الدين والقيم والثقافة، وهو ما يمنح للأمة دورا جديدا في العالم كون أن قيم الحق، الجمال، الخير، التضامن، المواطنة..تستغل سواء في إدماج مواطنين في أوروبا مثلا، منهم المسلمين في مجابهة الإسلاموفوبيا، وهو عنوان ندوة مبرمجة في الجلسات الرمضانية للمنتدى الثقافي الإسلامي، نتحدث فيها عن كراهية الاسلام والمسلمين، وهذا على ضوء ما شهده العالم مؤخرا، حول قضية حرق المصاحف، فالوزارة تعكف حاليا على تنشيط ندوة في ذات الموضوع". ومن هنا يمكن القول - يضيف المتحدث - إن العلم يتوجه اليوم نحو ضرورة السلم كحل، ولكن السلم لا يرتبط بقضية الحروب فقط، فهناك ما يعرف بالنزاعات العرقية الموجودة في إفريقيا، إلى جانب قضايا البيئة، كون أن العداء للبيئة هو أيضا حرب، ومن هنا تقع مراجعات اليوم سواء في الخطاب الديني أو الخطاب الفلسفي، حول: كيف تكون هذه القيم مدعاة للسلم أو عاملا للسلم؟ وسنستغل ما تزخر به الجزائر من تراث صوفي وتراث اجتماعي تتميز بعض التجمعات، وعليه فكل هذه الأمور ستدرس خلال هذه الندوات. وختم المتحدث عرضه بقوله: "يمكن باختصار أن نقول إن دراسة موضوع السلم هو ليس جديدا عن العالم، ولكن بالنسبة لنا نحن كعرب وجزائريين، أصبح من أبرز المواضيع التي نوليها اهتماما في الفترة الأخيرة، مستدلين بدور القيم الدينية في المجال السياسي، وفي مجال العلوم الاجتماعية والفلسفية والأدبية". للإشارة، فإنّ أبرز الشخصيات التي ستشارك في الجلسات، حسبما صرح رئيس جلسات منتدى الفكر الإسلامي: مبروك زيد الخير من جامعة الأغواط، عمار طالبي، مولود عويمر، مصطفى راجعي من جامعة مستغانم، وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي، المأمون القاسمي عميد جامع الجزائر الذي سيكون ضمن المتدخلين في الجلسة الرابعة والأخيرة من جلسات منتدى الفكر الاسلامي.