يجب الحرص على عدم تحويل اللجنة إلى هيئة بيروقراطية ربط الخبير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، البروفيسور نور الصباح عكنوش، نجاح عمل اللجنة المشتركة الجزائرية-الفرنسية للتاريخ والذاكرة، بتفعيل أسباب المصداقية والروح العلمية والشفافية لتجاوز فشل صيغ الآليات السابقة في حلحلة هذا الملف الهام. اعتبر البروفيسور نور الصباح عكنوش، في حديث مع "الشعب"، اللجنة المشتركة الجزائرية-الفرنسية للتاريخ والذاكرة، نِتَاج قرار وإرادة سياسية عليا من قادة البلدين، وتمثل آلية حقيقية لمعالجة الملفات المطروحة المُثقلة بالماضي السلبي وحجم الجرائم الاستعمارية الاستدمارية التي كانت جزءا من ديناميكية حضارية غربية بأبعاد مأساوية مزمنة. وقال عكنوش بأن عمل اللجنة ضروري لمستقبل العلاقات بين البلدين، شريطة اضطلاعها بتقديم أجوبة منهجية واضحة دون استهلاك للوقت وتسويق لمفاهيم وأفكار على حساب الحقيقة، منوهاً إلى عدم تضئيلها والحكم عليها مبكراً. وأشار الخبير السياسي إلى أهمية تبنّي اليقظة في طرح الملفات ومعالجتها وفق منظور سيادة وندية دون انتقاء أو فرز أو ضغط، ذلك أنّ عامل الثقة هام جداً ولابد من بنائها بقوة قبل أي مُخرجات. وتابع بالقول: "لا حرج أنْ تسبق النية الآلية، فنحن أيضاً لدينا رأي عام مهتم بمعرفة حقيقة اغتيال الشهيد العربي تبسي مثالا لا حصرا، ولا نختلف إذا قلنا أنه في الأصل لكل مسألة تاريخية خصوصيتها وسياقاتها". وأضاف عكنوش أن فرنسا تُعالج تاريخها المرتبط بالجزائر كشأن داخلي موجه للرأي العام الفرنسي، وتسوّقه انتخابيا وإعلاميا على غرار تقرير ستورا، في حين تتلافى مواجهة الجزائريين كضحايا لمجازر كيمياوية في القرن 19 بالاغواط، جرائم التجارب النووية في القرن العشرين بمنطقة رقان، ومجازر فرنسية أخرى كثيرة ضد الإنسانية لم تشهد لها البشرية مثيلا مصنفة "إبادة" ولا تسقط بالتقادم. كما أبرز محدثنا أن موضوع الذاكرة لدى الجزائريين يدخل في إطار الأمن التاريخي الذي هو جزء من الأمن القومي والتهديدات الصلبة والناعمة التي تواجهها الدولة الوطنية، باعتبارها مخاطر تتطلب وعياً بالراهن، واستشرافاً للمستقبل، واطمئناناً على التاريخ المُعد أهم نقطة ضمن رؤية إستراتيجية شاملة. ولفت الخبير السياسي عكنوش، إلى ضرورة عدم تحويل اللجنة إلى هيئة بيروقراطية لتسجيل معلومات أو حفظ معطيات أرشيفية وتقديم حلولا إجرائية لمواضيع تاريخية حساسة جدا وذات طابع رمزي وأخلاقي، وجعل دورها فعالاً وكآلية مستدامة، مقترحاً ترقيتها لمجلس أعلى للذاكرة مفتوحا أمام المجتمع المدني والباحثين في السياسة والأنثروبولوجيا والحضارة، وكذا إبرام معاهدة كبرى تفصل نهائيا في قضايا الأرشيف والتعويضات والاعتذار والمسائل ذات الصلة قبل حلول الذكرى الحزينة لأمتنا ألا وهي الذكرى المئوية الثانية لاحتلال الجزائر في 2030 .