بين تحمس السلطة المركزية لمالي ودول الايكواس وفرنسا، للاسراع في تدخل عسكري، يمكن من استعاد السيطرة على شمال البلاد التي تحتله جماعات إرهابية ، وبين ما كشفته ساحة المعركة في مراحلة الحرب الاولية، فوارق كبيرة، تنذر بتفاقم خطير للازمة اكثر مما كان متوقعا. والى جانب الانعكاسات الكارثية على الوضع الانساني، اي يتوقع بلوغ عدد اللاجئين أزيد من مليون لجئ بحلول العام المقبل، برزت مؤشرات جديدة، لم تطرح من قبل، وترتبط اساسا بالقدرة القتالية للجيش المالي، الذي يفترض ان يكون نواة التدخل العسكري وفق ما تنص عليه اللائحة الاممية 2085 . على ان يقتصر دور القوات الافريقية المشكلة للبعثة الدولية (مسما) في دعمه على جبهات القتال، واعادة هيكلته، ولم يتوقف الرئيس الانتقالي ديونكوندا تراوري ومعه قائد انقلاب 22 مارس النقيب امادو هايا سانوغو على الاشادة بقدرات جيش الجمهورية ذات الاركان الهشة، لكن هجوم الجماعات الارهابية على مواقع القوات المالية في محافظة دوينتزا، ابانات عن عجز كبير في قدرة الجيش المالي على المواجهة، وخوض هذه الحرب المعقدة. وان كان في نداء الاستغاثة الذي وجهه الرئيس المالي فرنسا وللامم المتحدة نوع من التواطئ لاشعال فتيل الحرب قبل اوانها، فانه يدل كذلك الى هشاشة هذا الجيش، فقد فر من مدينة كونا تاركا خلفه عتادا حربيا استفادت منه الارهابيون ومكنهم من اسقاط مروحيتين، ولولا القوات الخاصة الفرنسية التي قدمت من كوت ديفوار وطيرانها الحربي ما استطاع القوات المالية ان تتقدم شبرا تجاه الشمال، وهذه حقيقة دون شك كات تدركها جميع الدول لكن ظروف اعلان نشوب الحرب كشف عن ارقام صعبة بدات تتكشف في معادلة اشعال الساحل الافريقي. لقد حافظت القوى الغربية من خلال مجلس الامن، على القياديتين العسكرية والمدنية لمالي رغم افتقادها للشرعية، فالاولى معينة لتسيير مرحلة انتقالية خلفها الانقلاب العسكري على الرئيس تومانو توري، واكتفت بعقوبات متفاوتة الاهمية، اكثرها خدمة لمصلحة دعاة الحرب، تلك المتعلقة بمنع بيع الاسلحة، وبقيت سفن الناقلة للعتاد الحربي راسية في موانئ خليج غينيا، ورغم ان السبب الرئيس للانقلاب هو عدم تقوية الجيش وتعمد افشاله امام المتمردين والارهاب، لكن لم يتغير شيئا منذ تلك المدة، واستمرت الحكومة الانتقالية التي تراسها الشيخ مديبو ديارا في تجاهل اعادة هيكلة وتقوية الجيش، ما كلفه الاعتقال ودفعه لتقديم الاستقالة، ولم تصل لحد الان فرقة المكونيين العسكريين المقرر ان يرسلها الاتحاد الاوروبي، رغم ان المعارك اندلعت فيالجبهة المحادية لاقليم ازواد. المعطيات المتعقلة بالجاهزية العملياتية للاطراف التي ستشارك في عملية تحرير شمال مالي، تؤكد ان التصور الاستراتيجي الذي اعدته مجموعة الايكواس للتدخل العسكري، لم يكن مجديا الى حد بعيد، وتم العمل على تهيئة الارضية لقيادة فرنسا هذه الحرب وان بدت صورة المكتفي بدور الداعم المساند، فعدد قواتها عل الارض سيصل الى2500 جندي مع نهاية هذا الشهر، اضافة الى عدد معتبر من الطائرات الحربية، وهو رقم يقل ب800 جندي عن القوة التي سترسلها 15 دولة افريقية، وقال الرئيس هولاند ان تواجد قواته سيستمر الى غاية الانتصار على الارهاب. فرنسا اذا، هي العنصر الذي استثمر الرقم الاكبر من المال والجهد، ومن المؤكد انها ستنال حصة الاسد من الغنائم، لكن الشيء الاخطر على دول المنطقة هو ذلك المرتبط بانشاء قواعد عسكري في الساحل، تحت مبرر مساعدة الجيش المالي في حماية المدن الشمالية لانه غير قادر على فعل ذلك بمفرده ولا حتى القوات الافريقية التي لن يكون مرحب بها من طرف الاهالي، وستضع بالموارزة مع ذلك الشركات البترولية الاجنبية قواعدها هناك وهي الغاية الكبرى من التدخل.