في ظلّ هيمنة العالم الرقمي والصورة المثالية الزائفة للجسد المثالي، تحديدا عبر منصات التواصل الاجتماعي وتبادل الكم الهائل من المعلومات الخاطئة؛ يقع الكثيرون فريسة لحميات غذائية تضر الصحة، وتدمرها أحيانا، كل ذلك بعيدا عن أهل الاختصاص أصحاب الخبرة. يندفع الكثيرون نحو الرغبة بالفقدان السريع للوزن أملا بالوصول إلى جسم مثالي، حيث يقعون أحيانا كثيرة ضحية اتباع برامج غذائية وحميات عشوائية متداولة عبر هذه المنصات، وهو ما يحذّر منه الخبراء. فاطمة (40 عاما)، اتبعت حمية الكيتو لمدة تزيد على عام بالتزام مفرط، شهدت فيها فقدانا ملحوظا بالوزن، ولكن ما لبثت أن ظهرت عليها علامات المرض والتعب، مثل ارتفاع الكولسترول وارتفاع في فحص وظائف الكلى، إضافة إلى تسارع نبضات القلب. تداركت فاطمة الأمر بالندم واللجوء إلى المختص لتبدأ رحلتها في العلاج، ولكن حتى بعد خضوعها للعلاج والالتزام بنظام غذائي صحي آخر لم تحصل على نتيجة مرضية في نزول الوزن. ويعرف المختصون في التغذية حمية "الكيتو": بأنها نظام غذائي ينتج عنه مستويات عالية من أجسام الكيتون في الدم، حيث تعتمد هذه الحمية على رفع نسبة البروتين والدهون إلى أعلى حد في الجسم، مع التقليل من معدل الكربوهيدرات بنسبة لا تتجاوز ال 5 %. ويمثل السكر "الغلوكوز" المصدر الرئيسي للطاقة في جسم الإنسان، إذ يتم تحويل جميع المكونات الداخلة إلى الجسم إلى "نشاء حيواني" للاستفادة منها لمد الجسم بالطاقة. وحتى في عملية حرق الدهون المخزنة يتم تحطيم الدهون المخزنة ومن ثم تحويلها إلى سكر لتتحول إلى طاقة. في الحمية الكيتونية يحدث الآتي، نتيجة إلى قطع الكربوهيدرات بشكل كبير أو نهائي، يدخل الجسم في حالة اضطرابية للبحث عن مصدر طاقة بديل للسكر. ويكون أنسب خيار له، تحطيم الدهون والاستفادة من أجسام الكيتون الناتجة عنه كمصدر طاقة بديل للسكر، ما يسبب عبأ على الجهاز الكلوي والكبد. وهناك أضرار عديدة تنتج عن الحالة الكيتونية، أبرزها كسل البنكرياس وخموله نتيجة إلى عدم إفراز الانسولين لفترات طويلة، إضافة إلى ارتفاع الكولستيرول في الدم نتيجة الاعتماد على الدهون كمصدر غذاء رئيسي. ويمكن أن تتسبب الكيتو في ظهور رائحة كريهة للفم، والتعرق ناتج عن فرط تحلل الدهون، إضافة إلى الإصابة بالإمساك الحاد أو الإسهال الحاد، إلى جانب الشعور بالصداع المستمر وانخفاض المزاج، لذلك من خطورة اتباع حمية الكيتو بشكل عشوائي ولفترة طويلة دون استشارة المختص والمتابعة معه في التطبيق. ويحذر المختصين ايضا من خطورة اتباع الحميات الغذائية بشكل عشوائي غير مدروس. لما تحمله من أضرار جسيمة على الصحة، خاصة بالنسبة للفئات الحساسة، مثل الأطفال في مرحلة البلوغ والمرضعات والنساء الحوامل، إضافة إلى كبار السن وأولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة. ذلك يؤثر على تقبل الجسم لأي برنامج غذائي آخر بعد فترة من اعتياده على الحمية الخاطئة وما سببته من اختلال. إذ من الممكن ظهور استجابة سريعة في فقدان الوزن ثم يعاود الزيادة مرة أخرى وبضعف الوزن المفقود. إضافة إلى ما ينتج عن بعض الحميات من آثار مزمنة، مثل الغيبوبة، اختلال الغدة الدرقية، اختلال نسبة الهرمونات في الجسم، اضطراب مستويات السكر في الدم. وتحديث المياه بطريق خاطئة في الجسم، ولا سيما مع استخدام حبوب التنحيف التي تحتوي على نسبة عالية من الأملاح. حمية الكيتو والصيام المتقطّع الأكثر تداولا هناك عوامل عدة، أسهمت في انتشار الحميات الغذائية الخاطئة أبرزها الترويج لتلك الأنظمة على منصات مواقع التواصل وتداولها من غير دراسة، أو من بعض المختصين بهدف الإعلان والترويج. على وجه الخصوص حمية الكيتو ونظام الصيام المتقطع، اللذان تعدان الأكثر تداولا على مواقع التواصل الاجتماعي، تناسب حالات قليلة ولا يمكن تطبيقها على الجميع. كما أن هناك بعض المراكز التغذية التي تقوم بتجهيز سلسلة مطبوعة من البرامج المجهزة مسبقا وتوزعها على المراجعين دون دراسة للحالة بشكل مفصل. لذلك من الضرورياعتدال وتوازن البرنامج الغذائي، بالاعتماد على حسابات مدروسة بتوزيع نوعي مناسب ما بين البروتين والنشويات والدهون. مع ضرورة الرجوع إلى المختص ليحدد البرنامج الغذائي المناسب تبعا لحالة الشخص الصحية وعمره ونمط الحياة، ووجود الأمراض. وتبين دراسات حديثة، تأثير وارتباط التركيب الجيني للإنسان ومدى استقباله واستجابته للحميات الغذائية. مع تحري الأمانة في تقديم النصيحة، والتعامل بحكمة ووعي مع أجسادنا قبل البدء بأي برنامج غذائي. مع قراءة التفاصيل وتحديد الأهداف من ذلك البرنامج. ثم المتابعة والالتفات لإشارات الجسد، وقياس مدى تفاعله مع النمط الغذائي.