دعا مسرحيون وباحثون بمستغانم، إلى ضرورة الحفاظ على ثقافة مسرح الهواة من خلال تكثيف الدورات التكوينية في مجال التمثيل واتقان مهن فنون العرض والكتابة الدرامية. وتواصلت بالمسرح الجهوي لمستغانم جيلالي بن عبد الحليم، لليوم الثاني والأخير، الندوة الحوارية المنظمة على هامش الطبعة 54 للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم حول واقع وآفاق مسرح الهواة، حيث ركّز المتدخلون على الأداء التمثيلي في مسرح الهواة وأهمية تكثيف الدورات التكوينية لفائدة الممثلين الهواة مع الحرص على تقديم جودة فنية وتقنية في مهن العرض. وترى الأستاذة خديجة بن مسلوك من جامعة مستغانم، أن المهرجان الوطني لمسرح الهواة لمستغانم يجب أن "يواصل مهمته في تكوين الهواة على مدار السنة خاصة بالنسبة للممثلين الذين يحتاجون إلى تكوين الذات وتقوية الأداء"، في المقابل - تضيف - "لا يمكن الاعتماد على الورشات لتكوين متخصصين حقيقيين في مهن العرض خاصة السينوغرافيا والإخراج والكتابة الدرامية". وقال الأستاذ أحمد بغالية، من جامعة سعيدة، إن عنصر التمثيل هو "البوابة التي يلج فيها الهواة إلى المسرح" وحتى مجال السينما، لهذا يجب التركيز على تكوين الممثل وتوسيع ثقافته الفنية باعتباره الوسيط بين النص والجمهور تحت توجيهات المخرج. وأضاف في السياق بأن الممثل الهاوي في الجزائر مازال مرتبط بتاريخ تنظيم المهرجان لتقديم أعماله وهو ما يشكل "إجحاف" في حق هذا المهرجان التاريخي في غياب فضاءات عرص على مدار السنة. كما عاد الكاتب بوزيان بن عاشور للحديث عن تجربته في الكتابة المسرحية، بالقول إن الكتابة بالنسبة إليه هي وليدة تجربة ميدانية وتراكم ثقافي ومعرفي. وأشار إلى أن الهواة في كتاباتهم او اختيار نصوصهم تأثروا بشكل الكتابة عند علولة وكاكي وكاتب ياسين كما نهلوا من المسرح العالمي في نفس الوقت. وقد انطلق رواد المسرح الجزائري في الكتابة الدرامية - وفق المتحدث - من الفكرة ومحاولة بنائها وفق هيكل درامي قابل للتطوير بالاعتماد على الكتابة الجماعية وإشراك الممثلين معهم، وعليه لم يدعوا أنهم مختصين في الكتابة الدرامية، مضيفا بأن المؤلف مجبر عند الكتابة للتفكير في الإخراج والجوانب التقنية. أشبال "الموجة" يتألقون قدّمت الجمعية الثقافية "الموجة" عرضها المسرحي الجديد بعنوان "45-60" الذي جاء عبارة عن استعراض كوريغرافي غنائي لمجموعة من الممثلين استعادوا مجد القارة الإفريقية وتوق شعوبها إلى الحرية والانعتاق من التبعية. وضمن المنافسة الرسمية للفرق المسرحية في صنف "أ" في إطار الطبعة 54 للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم، قدّمت جمعية "الموجة" عرضها الموسوم "45-60" والمستوحى من نص العميد ولد عبد الرحمان كاكي "افريقيا قبل العام واحد" وإخراج طويل عادل، حيث يسرد العمل منارات تاريخية على مرّ حقب زمنية متعدّدة وصراعات ومعارك وأيضا ثورة التحرير الجزائرية في سبيل استرجاع الحرية والهوية. وقد شارك في العرض هذه السهرة أزيد من 20 ممثلا من مختلف الأعمار، توحدت حركاتهم وتناسقت على إيقاع طبول إفريقية وأهازيج رتبها وألفها موسيقيا عبد القادر صوفي والتي أحالت المتفرج إلى الجذور الأولى للمسرح وإلى إرادة الانسان في التعبير من منطلق هويته وتراثه. وبخصوص دلالة الأرقام المذكورة في العنوان، فهي تشير إلى 45 سنة من عمر الجمعية الثقافية الموجة، التي تعد من أهم الفاعلين الثقافيين في مدينة مستغانم، مقابل 60 سنة من تاريخ استرجاع السيادة الوطنية، وهو ما يصنفها ضمن العروض الاحتفائية القابلة للتأقلم في فضاءات متغيرة مفتوحة أو مغلقة. «الشعلة" تحيي أمجاد الهواة ودخلت جمعية الشعلة للمسرح لبرج منايل، غمار منافسة الطبعة 54 للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمسرحية "ذكريات" التي كانت عبارة عن رحلة إنسانية بين الماضي والحاضر للبحث عن معالم تاريخية واضحة تضيء درب المستقبل وتعزز التمسك بالوطن وبطولات أبنائه. وبقاعة ريمة بدار الثقافة والفنون ولد عبد الرحمن كاكي، قدمت فرقة الشعلة للمسرح (بومرداس) عرضها المسرحي ضمن منافسة الصنف "أ" والذي تناول موضوعا له علاقة بتاريخ الجزائر وحاضرها من خلال إبراز أهمية التمسك بالماضي والاعتزاز ببطولات الأجداد حتى تتضح الرؤية بالنسبة للأجيال الصاعدة. المسرحية من تأليف الفنان سفيان عطية وإخراج وسينوغرافيا عبد الغني شنتوف، وهي تسرد لحظات ومشاعر تعلقت في ذهن الجد بوزيد وحفيده عمر وتركت أثارا عليهما. ويقوم الطرفان باسترجاعها عندما يحتد الصراع بينهما وتتعارض أحلامهما وطموحاتهما، حيث يحلم الجد بالبقاء في الأرض حيث استشهد الابناء ويتطلّع الشاب إلى الهجرة بعيدا. وقد بدى نص سفيان عطية محكما من حيث الكتابة الدرامية والتسلسل في الأحداث بحيث كان منهجيا في ترتيب الأحداث وتقديمها للجمهور الذي استقبل الرسالة بسهولة وتفاعل مع الحوار وتعاطف مع المشاهد التي عكست مشاهد أسرة ثورية يتعرض أفرادها للتعذيب والاستنطاق بالعنف على يد جنود المستعمر الفرنسي وما خلّفته السياسة الإستيطانية من تدمير وحرمان أجيال من أبناء الشهداء من ابائهم وأمهاتهم. واستعان المخرج بأربعة ممثلين أساسيين لإدارتهم فنيا فوق الخشبة، إضافة إلى ممثلين ثانويين، بوضعهم في زمنين مختلفين ولكن متوازيين في نفس الوقت، وهو زمن الحاضر بطموحاته وصعوباته مقابل الماضي الذي يعتبر خزان الذاكرة الوطنية والمحفز للتوجّه للمستقبل بكل ثقة ودون خوف. وليعكس هذا الصراع بين الجيلين، اختار المخرج ديكورا بسيطا وعملي يساعد على الانتقال بين الماضي والحاضر قوامه كرسي وسط الخشبة ومرسم في الركن الأيسر يحمل صورتين قديمتين وبندقية ولوحة للنشيد الوطني وساعة قديمة تتعقب عقاربها التغيرات التي مسّت هذه العائلة الصغيرة. وقد بذل الممثلون جهدا كبيرا لتنفيذ الخطة الإخراجية لعبد الغني شنتوف، الذي حاول أن يترجم النص إلى مشاهد بصرية تحرك عاطفة المتلقي سواء من حيث حركات الممثلين وأزيائهم واختياره لإضاءة غير مكلفة. كما أظهرت هذه التجربة حاجة الممثلين إلى تدريبات أكبر في فن الإلقاء والصوت للتغلب على مشكلة النطق للاستحواذ على انتباه القاعة. يذكر أن الطبعة 54 للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم افتتح سهرة الخميس الماضي بحضور وزيرة الثقافة والفنون السيدة صوريا مولوجي ويستمر إلى غاية 18 من نفس الشهر بمشاركة 15 فرقة مسرحية في الصنفين أ وب، ويعرف تنظيم ورشات تكوينية لفائدة أزيد عن 200 متربص.