أعلن الدكتور مخلوف عامر، مؤخرا، على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، عن إصدار جديد وسمه بعنوان: "مقدمة للتجربة الأدبية في الجزائر (الأدب المكتوب بالعربية)" الصادر عن دار فكرة للنشر والتوزيع. أشار الدكتور مخلوف عامر في تصريح ل«الشعب" أن محتويات هذا الكتاب ترصد بعض ما ميَّز حركة الأدب والنقد في الجزائر خلال القرن العشرين ومطلع القرن الواحد والعشرين. لعلَّها تجيب عن بعض التساؤلات أو تترك أخرى معلَّقة لمزيد من البحث. وأوضح الناقد أن "الكتابة الأدبية بدأت مناهضة للاستعمار، واختارت لذلك الأشكال المباشرة كالمقالة والخطابة والنظم والمقال القصصي والمسرح الذي اتجه نحو التاريخ تارة وتارة عالج قضايا اجتماعية ثم اتَّجه أخيراً إلى النضال الصريح ضد المستعمِر حتى عبر الأسلوب الفكاهي واعتمد لغة شعبية في الغالب؛ لأنَّ ما كانت تفرضه ظروف الحركة الوطنية لم يكن من النوع الذي يُحلِّق في عوالم التخييل أو يلهو بالغزل وما شابه. وأشار المتحدث، إلى أنه كان من الطبيعي أن يتبنَّى الأديب مفهوم الالتزام، سواء من أجل معركة التحرير أو أملاً في بناء مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية والمساواة، فانتقل إلى التعبير عن طموحاته من منظور اشتراكي بسبب ما وجد في هذا النهج من مبادئ لا تتعارض مع قناعاته. وقال الدكتور عامر في السياق ذاته: "التيار المحافظ كان هو الغالب، ولأنه جعل من التمسُّك باللغة العربية والدين الإسلامي سلاحاً في مواجهة المستعمِر، فقد اكتفى أعضاء جمعية العلماء المسلمين وتلاميذها بإحياء القديم من الفنون الأدبية وفي مقدمتها الشعر، ما جعل الفنون النثرية ومنها القصة والرواية تتأخَّر كثيراً بالقياس إلى بلدان المشرق العربي. وأضاف: "ثم عرفت فترة السبعينيات من القرن الماضي تحوُّلات كبيرة، كان من بينها الحرص على إعطاء اللغة العربية مكانتها اللائقة بوصفها لغة رسمية. فساعدت حركة التعريب واستجلاب المتعاونين العرب ودخول الكتب والمجلات العربية على ظهور مجموعة من الشباب يكتبون في مختلف الفنون الأدبية، بالإضافة إلى نخبة من المثقفين الجزائريين من الذين كانوا يدرسون في بلدان عربية وساهموا بحضورهم في النشاط الثقافي والأدبي". وقال عامر: "أمَّا الحركة النقدية، وإنْ بَدَت باهتة بالقياس إلى الإنتاج الأدبي ولم تواكبْه بما يكفي، إلا أنَّ فيها جهود لا تخفى سواء في اتجاهها التقليدي أو الاتجاه الذي انتصر لتغليب المضمون في فترة معيَّنة ومحدودة أو في محاولات آخر محطَّة في النقد الأدبي وهي التي يمثِّلها باحثون من الجيل الجديد اجتهدوا من أجل استيعاب منجزات المدارس النقدية المعاصرة وعملوا على استثمارها في مقاربة النص الأدبي". وأوضح الدكتور عامر، أن هذه المقالات كانت في جوانب منها انعكاساً لما يجري في الساحة الأدبية وما يُثار فيها من نقاش ومن تساؤلات، قائلا: "تكاد تكون خلاصة لما أوْدعته في أعمالي طيلة عقود من متابعة الشأن الثقافي والأدبي في بلادنا. وكلُّ أملي أنْ تقدِّم بعض الإضاءات لمن يدرسون أدبنا ويهتمُّون به". وأضاف: "تجربتنا الأدبية خطت خطوات واستطاع الكُتَّاب في ظرف قياسي أن يجرِّبوا أحدث فنيات الكتابة في الشعر وفي الكتابة السردية. فقد جرَّبوا الشعر العمودي وشعر التفعيلة وقصيدة النثر وصولاً إلى الهايكو. بالإضافة إلى الكتابة الروائية المعهودة، ظهرت محاولات في الرواية البوليسية ورواية الخيال العلمي وإن بقيت إلى الآن محصورة في نماذج قليلة". وفي ختام حديثه، أشار الدكتور عامر إلى أن الكتاب الجديد موجَّه أساساً للطلبة، وغرضُه أنْ يختصر أمامهم المسافة للاطِّلاع على أهم المحطَّات التي عرفتها الحركة الأدبية في بلادنا، ولعلَّهم يقفون من خلاله على موضوعات غير مطروقة ليبحثوها وينالوا بذلك شرف السبق في سدِّ ثغرات لم يلتفت إليها الدارسون.