سلطتا ضبط للصّحافة المكتوبة والإلكترونية والسّمعي البصري حرية تعبير مضمونة ومجلس أعلى لأخلاقيات المهنة القانون العضوي للإعلام انتظرته الأسرة الإعلامية كثيرا، خاصة بعد أن أخذ حيّزا واسعا من النقاشات والمشاورات، اضطرّت أعضاء مجلس الأمة إلى تأخير المصادقة على كل مواده، بسبب جدل أثارته المادة 22 من القانون، وتمّ تأجيل المصادقة على نص القانون أشهر أخرى لتصحيح الاختلال الحاصل في هذه المادة. تحفّظ مجلس الأمة على المادة 22 من القانون المتعلقة باعتماد المراسلين الأجانب، لاحتوائها على تناقض يتنافى والغرض الذي تنشده أحكام المادة، حيث تشترط من جهة حيازة الصحفي الذي يعمل بالجزائر لحساب وسيلة إعلامية خاضعة للقانون الأجنبي على اعتماد، وتحدّد الرد عليه في أجل 30 يوما من تاريخ إيداع طلبه، ومن جهة أخرى تحيل هذه المادة كيفيات تطبيق أحكامها أو إجراءاتها إلى التنظيم. وتمّ المصادقة على نص المادة الجديدة شهر جويلية، بعد ثلاثة أشهر من المصادقة على نص القانون، وأصبحت الصيغة الجديدة للمادة 22 تنص على أن الصحفي الذي يعمل لحساب وسيلة إعلام خاضعة للقانون الأجنبي يمارس نشاطه بموجب اعتماد مسبق، وتحدّد كيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم. ويهدف قانون الإعلام الجديد الصادر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد 56، إلى تحديد المبادئ والقواعد التي تنظّم نشاط الإعلام وممارسته بحرية. ويقصد بالنشاط الإعلامي في مفهوم أحكام هذا القانون العضوي، كل نشر للأخبار والصور والآراء، وكل بث الأحداث ورسائل وأفكار ومعارف ومعلومات عن طريق أي دعامة مكتوبة أو إلكترونية أو سمعية بصرية، موجّه للجمهور أو لفئة منه. ويمارس نشاط الإعلام بحرية في إطار أحكام الدستور، وهذا القانون العضوي والتشريع والتنظيم المعمول بهما، وفي ظل احترام الدين الإسلامي والمرجعية الدينية الوطنية، الديانات الأخرى، الهوية الوطنية والثوابت والقيم الدينية والأخلاقية والثقافية للأمة، السيادة الوطنية والوحدة الوطنية ووحدة التراب الوطني، والمصالح الاقتصادية للبلاد. وحسب نص القانون، تمارس أنشطة الإعلام من طرف وسائل الإعلام التابعة للهيئات العمومية ومؤسسات القطاع العمومي، والأشخاص الطبيعية من جنسية جزائرية فقط، والأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون الجزائري، ويمتلك رأسمالها أشخاص طبيعية تتمتع بالجنسية الجزائرية فقط أو أشخاص معنوية خاضعة للقانون الجزائري، ويتمتّع مساهموها أو شركاؤها بالجنسية الجزائرية فقط. وفي الوقت الذي يسهل القانون آليات إنشاء الصحف المكتوبة والمواقع الإلكترونية والسمعية البصرية، عن طريق نظام التصريح، يمنع على كل وسائل الإعلام الحصول على التمويل والمساعدات المادية المباشرة وغير المباشرة من أية جهة أجنبية، ويجب عليها أن تصرح وتثبت حيازة رأس مال وطني خالص، ومصدر الأموال المستثمرة وكذا الأموال الضرورية لتسييرها، وفق الكيفيات المحددة في القانون المتعلق بالصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية والقانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري. آلية ضبط جديدة للصّحافة المكتوبة والإلكترونية يستحدث قانون الإعلام الجديد آليات ضبط نشاط الإعلام، حيث يؤسّس لإنشاء سلطتي ضبط للصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية، وللسمعي البصري، تكونان ذات طابع خاص تتمتعان بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي. ويمتد نشاط السمعي البصري إلى النشاط عبر الأنترنتو ويمارس وفق الشروط والكيفيات المحددة بموجب القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري، ويخضع إنشاء كل خدمة اتصال سمعي بصري عبر الأنترنت إلى رخصة مسبقة يسلّمها الوزير المكلف بالاتصال، وكذلك كل خدمة اتصال سمعي بصري والإرسال الإذاعي المسموع أو التلفزي عبر الكابل أو عبر البث الأرضي أو عبر الأقمار الاصطناعية. وتلزم حسب القانون كل وسيلة إعلام بتوظف صحفيين محترفين بالتوقيت الكامل، على أن لا يقل عددهم عن نصف (2/1) طاقم التحرير، ويعد صحفيا محترفا كل شخص يمارس النشاط الصحفي بمفهوم هذا القانون العضوي، ويتخذ من هذا النشاط مهنته المنتظمة ومصدرا رئيسيا لدخله، ويثبت حيازته إما على شهادة في التعليم العالي لها علاقة مباشرة بمهنة الصحفي، وخبرة مهنية لا تقل عن ثلاث (3) سنوات في مجال الصحافة، أو شهادة التعليم العالي في أي تخصص مع تلقي تكوين في الصحافة في مؤسسة معتمدة، وخبرة مهنية لا تقل عن خمس (5) سنوات في مجال الصحافة. ويعد صحفيا محترفا كذلك، كل مراسل دائم يستوفي الشروط المنصوص عليها في هذه المادة، ويربطه عقد عمل مع وسيلة إعلام وفقا لأحكام المادة 24 من هذا القانون العضوي. وتتنافى ممارسة العمل الصحفي مع أي وظيفة إدارية، على أن تثبت صفة الصحفي المحترف بموجب بطاقة وطنية للصحفي المحترف تخول لصاحبها الحق في الاستفادة من التدابير المتخذة لفائدة الصحافة. تحدد الشروط والكيفيات والجهة التي تمنح هذه البطاقة عن طريق التنظيم. بالموازاة مع ذلك، يمنح القانون الصحفي الحماية القانونية، حيث يتمتع الصحفي بالحماية القانونية من كل أشكال العنف أو السب أو الإهانة أو التهديد أثناء وبمناسبة ممارسة مهنته. وفي حال تغيير الخط الافتتاحي لوسيلة الإعلام، يمكن للصحفي اللجوء إلى مجلس آداب وأخلاقيات المهنة لإثبات ذلك قبل فسخ عقد العمل، ويعد في هذه الحالة تسريحا تعسفيا يخوّل له الحق في الاستفادة من التعويض، ويمنع تحت طائلة العقوبات الجزائية المنصوص عليها في هذا القانون العضوي كل شخص من إعارة اسمه لأي شخص طبيعي أو معنوي سواء بالتظاهر باكتتاب الأسهم أو باقتناء الحصص بهدف إنشاء وسيلة إعلام. ويحق لكل صحفي أن يرفض نشر أعماله التي تحمل توقيعه أو بثها للجمهور إذا أدخلت عليها تغييرات في المضمون دون موافقته، ولا يعد ذلك إخلالا بالعقد. وحسب نص القانون يخضع نشر أو بث أي عمل صحفي واستغلاله في صيغته الأصلية، من قبل أي وسيلة إعلام أخرى للموافقة المسبقة من صاحبه، ويستفيد الصحفي من حق الملكية الأدبية والفنية على أعماله طبقا للتشريع الساري المفعول. بالمقابل، يجب على الصحفي في إطار ممارسة نشاطه أن يدقّق في المعلومة، ويتحقق من مصدرها ومصداقيتها وصحتها قبل نشرها أو بثها عبر وسائل الإعلام، ويجب أن يتضمن كل خبر تنشره أو تبثه أي وسيلة إعلام، اسم صاحبه أو الإشارة إلى مصدره الأصلي في حالة نقله أو اقتباسه من أي وسيلة إعلامية أخرى، وعلى الهيئة المستخدمة أن تضمن عملية التكوين المتواصل وتحسين المستوى، وتجديد المعارف للصحفيين ولمهنيي وسائل الإعلام، وأن تثبت سنويا هذه العملية أمام سلطة ضبط الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية أو السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري حسب طبيعة النشاط. ومن أجل تسهيل نشاط الصحفي، يلزم القانون الهيئات والمؤسسات العمومية أن تضمن للصحفي الحق في الوصول إلى المعلومة، في إطار احترام الدستور وأحكام هذا القانون العضوي والتشريع المعمول به المادة 33، التي تنص على أنه للصحفي الحق في الوصول إلى مصدر المعلومة إلا عندما يتعلق الخبر بالمساس بسر الدفاع الوطني، بأمن الدولة و/ أو السيادة الوطنية و/ أو الوحدة الوطنية، بسرية التحقيق الابتدائي والقضائي، انتهاك حقوق الطفل، بالمصالح المشروعة للمؤسسات، بحيث يهدّد استقرارها، أو المساس بصورة المرأة وشرفها وكرامتها، قبول منافع مالية أو عينية، مهما كانت قيمتها، تحد من موضوعيته واستقلاليته المهنية أو رأيه، الرضوخ للضغط المؤدي لإفساد صحة المعلومات، واشتراط نشر المعلومات بالحصول على مكافأة أو أي شكل آخر من أشكال المزايا، المساس بالحياة الخاصة للأشخاص وبقرينة البراءة، بالحياة الخاصة للغير وحقوقهم. مجلس أعلى لآداب وأخلاقيات المهنة بموجب هذا القانون الجديد، سيستحدث مجلس أعلى لآداب وأخلاقيات مهنة الصحفي، يتشكل من اثني عشر (12) عضوا، ستة (6) أعضاء يعيّنهم رئيس الجمهورية من بين الكفاءات والشخصيات والباحثين ذوي خبرة فعلية في المجال الصحفي، وستة (6) أعضاء ينتخبون من بين الصحفيين والناشرين المنخرطين في المنظمات المهنية الوطنية المعتمدة. ويعد هذا المجلس ميثاق آداب وأخلاقيات مهنة الصحفي ويصادق عليه، ويستفيد هذا المجلس من دعم عمومي لتمويله. ويعرض كل خرق لقواعد آداب وأخلاقيات مهنة الصحفي مرتكبيها إلى عقوبات تأديبية، يحدّدها ويأمر بها المجلس الأعلى لآداب وأخلاقيات مهنة الصحفي. يحدد المجلس طبيعة العقوبات التأديبية وكيفيات التظلم فيها. ويجب على الصحفي، خلال ممارسة نشاطه الصحفي، الاحترام الصارم لقواعد آداب وأخلاقيات المهنة المنصوص عليها في المادة 34. وزيادة على الأحكام المنصوص عليها في المادة 3 من هذا القانون العضوي، يجب على الصحفي الامتناع على وجه الخصوص عن نشر أو بث أخبار كاذبة أو مغرضة أو الهيئة المعنية، تعريض الأشخاص للخطر، تمجيد الاستعمار أو الإساءة للذاكرة الوطنية ورموز الثورة التحريرية، الإشادة بصفة مباشرة أو غير مباشرة بالعنصرية والإرهاب والتعصب والعنف.