في عدوانها الهمجي المتواصل منذ يوم السبت السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر على قطاع غزة. واصلت قوات الاحتلال الصهيونى ارتكاب العديد من الجرائم والمجازر البشعة. مستخدمة كافة أنواع الأسلحة البرية والبحرية والجوية، وأكثرها فتكا ودمارا. حيث قصفت المنازل فوق رؤوس سكانها، ودمرت أحياء سكنية واسعة في المدن والمخيميات، وذلك في أكبر عملية تطهير عرقي وحرب ابادة جماعية غير مسبوقة. وقصفت المساجد والمدارس. كما قطعت المياه والكهرباء عن قطاع غزة، وأوقفت ومنعت إمداد السكان بالغذاء وسبل العيش، وشردت مئات الآلاف من المدنيين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ وغيرهم. ولم تكتف بذلك بل طالت جرائمها مهاجمة المستشفيات والطواقم الطبية والمسعفين. وفي هذا الاطار، ارتكبت قوات الاحتلال الصهيوني، مساء يوم الثلاثاء 17 10 2023، مجزرة جديدة أسفرت عن استشهاد وإصابة المئات من أبناء شعبنا في قطاع غزة، بعد قصفها المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) في حي الزيتون بمدينة غزة. حيث قامت طائرات الاحتلال بشن غارة على المستشفى أثناء تواجد آلاف المواطنين النازحين الذين لجأوا إليه، بعد أن دمرت منازلهم، ما أدى لاستشهاد أكثر من 500 فلسطيني غالبيتهم نساء وأطفال اتخذوا من المستشفى ملجأ آمنا من الغارات الصهيونية. وتحولت جثامين بعض الشهداء لأشلاء مبعثرة وتفحم البعض الآخر. إضافة إلى اندلاع حرائق في أجزاء من المستشفى. يتبع المستشفى الأهلي العربي (المعمداني)، للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس، ويقع "المعمداني" في أحد المربعات السكنية في حي الزيتون بقطاع غزة، وتحيط به كنيسة القديس برفيريوس ومسجد الشمعة ومقبرة الشيخ شعبان. ويعد من أقدم مستشفيات مدينة غزة، وقد تأسس نهاية القرن ال19 الميلادي على يد البعثة التبشيرية التابعة لإنجلترا، وأداره القس "أليوت" وخلفه الدكتور بيلي، ثم الدكتور ستيرلينغ، وكان المستشفى الوحيد بالمنطقة ما بين يافا وبورسعيد، ويقدم خدماته لما يقارب 200 ألف نسمة. وكعادتها نفت سلطات الاحتلال مسؤوليتها عن القيام بهذه المجزرة البشعة، وادعى المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاجاري، في مؤتمر صحفي في اليوم التالي للمجزرة، أن صور الرادارات الصهيونية أظهرت إطلاق صواريخ من القطاع، وقت إصابة المستشفى. وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال، أن طبيعة الأضرار وعدم وجود فجوة في الأرض تنفي فرضية القصف الجوي للمستشفى، مدعيًا أن صاروخًا لحركة الجهاد الاسلامي سقط عن طريق الخطأ على المستشفى الأهلي في غزة. وفي مقطع فيديو سبقته تدوينات عدة على حسابه عبر "فيسبوك" تحاول تأكيد الأمر نفسه، نفى أفيخاي أدرعي المتحدث باسم جيش الاحتلال، أن تكون طائرات صهيونية قصفت مستشفى المعمداني، بينما ادعى أن المستشفى أصيب نتيجة تعرضه ل«إطلاق فاشل" لصاروخ نفذه تنظيم الجهاد الإسلامي. ولتأكيد مزاعمه، أعلن "أفيخاي" أنهم توصلوا لهذه النتيجة بعد "تحقيق شامل ودراسة لكل الأنظمة العملياتية والاستخبارية" في جيش الاحتلال، لكنه مع ذلك لم يعرض أي صور أو فيديوهات لمجزرة المستشفى. وتزامنًا مع تصريحات أفيخاي، حاولت عدة صفحات صهيونية، من بينها حساب الناشط المتطرف إيدي كوهين عبر "إكس"، ترويج مقطع فيديو قال إنه يثبت قصف المستشفى خطأ بصواريخ المقاومة الفلسطينية. وشكّك صحفي التحقيقات المرئية بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إريك تولر، في دقة الفيديو الذي بثه الاحتلال، بشأن قصف المستشفى المعمداني، بسبب التوقيت الخاص به. ووفقًا لرسالة نشرها "تولر" على "إكس" فإن التوقيت المصاحب للفيديو الذي شاركته الحسابات الصهيونية، تمّ تسجيله قبل 40 دقيقة على الأقل من حدوث الانفجار. وأوضح أريك أن ضرب المستشفى كان فى تمام السابعة و20 دقيقة بالتوقيت المحلى، بينما الفيديو المنشور للانفجار كان الساعة الثامنة. ونشر الممثل والإعلامي الأمريكي جاكسن هنكل، دليلًا على قصف الكيان لمستشفى الأهلى العربي المعمداني بغزة، وشارك هنكل فيديو عبر حسابه بموقع "إكس"، يوضح كذب الرواية الصهيونية ويثبت أن القذيفة تابعة للاحتلال وليس المقاومة. وقارن "هنكل" بين قوة ونوع صوت الصاروخ الذي وقع على المستشفى، بالذي تحدثه القذائف التي ترسلها حماس إلى الكيان، داعيًا المتابعين إلى اكتشاف الحقيقة بأنفسهم عن طريق التمييز بين قوة الصورتين. أما النشطاء وأهالي غزة فقد نشروا صورًا للقنبلة التي قصف بها الكيان الصهيوني مستشفى المعمداني، وأوضحت الصور أن الفلسطينيين استشهدوا بأسلحة أمريكية، وأوضحت الصورة أن القنبلة المستخدمة تحمل اسم "bomb mk 84". من جهتها، أكدت حركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين أن "فبركة الكيان الصهيوني للأكاذيب بشأن مجزرة المستشفى المعمداني خطيرة وتمهد لاستهداف مستشفيات أخرى". إن كل الوقائع والأدلة تؤكد على مسؤولية قوات الاحتلال بارتكاب هذه المجزرة الرهيبة، وسبق أن تبين كذب سلطات وقوات الاحتلال، في مجازر وجرائم أخرى، من بينها جريمة اغتيال الشهيدة الصحفية شرين أبو عاقلة. إن مجزرة المستشفى المعمداني الأهلي، تعتبر جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كما تعتبر جريمة حرب وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، بشأن حماية المدنيين وقت الحرب. كما أن سلوك قوات الاحتلال منذ بداية عدوانها على قطاع غزة يؤكد الطابع والسلوك الاجرامي والعدواني والانتقامي، ويشير إلى عدم تقيد قوات الاحتلال بأنظمة ولائحة لاهاي لعام 1947 التي تحظر مهاجمة المدنيين أو قصف المدن والقرى والمساكن والمباني المدنية، وكذا الأمر بالنسبة لحظر مهاجمة المسشفيات والطواقم الطبية والمسعفين. إن استمرار توجيه الانذارات للمستشفيات والتهديدات من قبل قوات الاحتلال لها، والطلب منها اخلاء المرضى واللاجئين المتواجدين في المستشفيات لطلب الحماية، يؤكد السلوك الاجرامي والنزعة العدوانية تجاه المستشفيات. ومن هنا ندعو المجتمع الدولي وهيئات الأممالمتحدة ذات الصلة، وكذلك المحكمة الجنائية الدولية، إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والانسانية، للتحقيق في جريمة مجزرة المستشفى المعمداني الأهلي، وغيرها من جرائم الابادة الجماعية والتطهير العرقي، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الانسانية، التي ارتكبتها قوات الاحتلال في قطاع غزة، وتقديم مرتكبي هذه الجرائم الى المحاكمة حتى لا يفلت هؤلاء الجناة من العقاب، وأنه لا يجوز أن يبقى "الكيان" السلطة القائمة بالاحتلال في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، سلطة فوق القانون، ومحصنة من المساءلة والعقاب.