أكد أساتذة في القانون على أهمية المساعي التي تقوم بها الجزائر على الصعيدين القانوني والدبلوماسي لوقف العدوان الهمجي على غزة، ولمحاكمة مجرمي الحرب المهندسين والمنفذين للجرائم غير المسبوقة التي مست 85٪ من سكان القطاع، في ظل استمرار الصمت الدولي المتواطئ حيال الكارثة الإنسانية في غزة. اعتبر أستاذ القانون الدستوري محمد بودهان، في تصريح ل»الشعب»، التصويت بالإجماع ضد المخطط الصهيوني وأي مشروع يتضمن التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم وممتلكاتهم في مجلس الأمن، قرارا إيجابيا وسابقة تاريخية. قال بودهان، إن الكيان الصهيوني محاصر الآن بعدة آليات قانونية، قضائية، سياسية ودبلوماسية، لأنه فشل فشلا ذريعا في التعقيب على الدعوى التي قام بها محامو جنوب إفريقيا، ولم يستطع الرد على الاتهامات المؤسسة والمدعمة بالأدلة القاطعة والبراهين عن جرائمه. وأضاف في هذا الصدد، أن محكمة العدل الدولية قد جهزت قرارا بإدانة الاحتلال الصهيوني، فيما يتعلق بالإبادة الجماعية التي يمارسها على مدنيين عزل بالقطاع، خاصة وأن دولة جنوب إفريقيا، بموازاة الدعوى الأولى التي أقامتها على مستوى محكمة العدل الدولية، تقيم دعوى أخرى أمام المحكمة الجنائية الدولية، ودعاوى من دول أخرى على غرار لبنان.. وهذا ما سيشكل ضغطا على الاحتلال الصهيوني، ليخضع للعقاب الذي تعود الإفلات منه، من خلال الحماية التي توفرها له الولاياتالمتحدةالأمريكية. كشف ألاعيب واعتبر بودهان في معرض حديثه، أن ما تقوم به الجزائر على جميع المستويات والأصعدة الدبلوماسية، القانونية والمؤسساتية، مساعي وطنية ودولية كبيرة، خاصة وان الأمر يتعلق بالقضايا العادلة، كالقضية الفلسطينية وما تتطلبه من نصرة وتكثيف جهود الجميع على المستوى الجهوي والإقليمي والدولي، وبالتالي لها مسؤولية تاريخية، قانونية، سياسية ودبلوماسية أمام الأفارقة والعرب والمسلمين وأمام العالم. وقال في السياق، «تسجل الجزائر، من خلال خطاب ممثلها الدائم للجزائر لدى الأممالمتحدة وغيره من المبادرات ومواقف إنسانية، حضورا لافتا على المسرح الدولي، إذ تندرج مساعيها في إطار القانون الدولي الإنساني، وفي إطار الاتفاقيات والمعاهدات والنصوص والصكوك الدولية، لاسيما ما تقضي به نصوص محكمة العدل الدولية وميثاق روما، وكذا النصوص الواردة في ميثاق الأممالمتحدة، أو تلك النصوص المتعلقة بالحقوق الأساسية والحريات العامة وحقوق الشعوب. وأشار إلى أن ما يتكبده الشعب الفلسطيني، يصنف في خانة الجرائم الأكثر قسوة وبشاعة التي عرفتها الإنسانية، وأن الصمت الدولي حيال الدمار الشامل في غزة هو تواطؤ بالفعل. وأفاد بأن تحرك الجزائر ومساعيها من خلال مجلس الأمن الدولي والمحكمة الجنائية الدولية، من شأنه كشف ألاعيب بعض الدول، وتحميل المسؤولية الأخلاقية والسياسية والدبلوماسية للجميع، لاسيما منظمة الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي والمجلس الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية. ويعتقد المتحدث، أن العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن، فرصة للجزائر لتقوم بدورها الريادي في مسألة حماية الحقوق والحريات للدفاع عن الشعوب المكافحة والتواقة للاستقلال، لافتا إلى أن أول قضية دافعت عنها الجزائر، بعد استلامها مقعدها غير الدائم بمجلس الأمن، هي القضية الفلسطينية، وسيستمر الدفاع عن فلسطين حتى تتحصل على عضوية كاملة ودائمة في منظمة الأممالمتحدة. ضغط دبلوماسي من جهتها، تعتقد الأستاذة المحامية ليندة سعد العود، أن ما يحدث في غزة من دمار شامل وخرق صارخ وعلني مدوٍّ لحقوق الإنسان هنا، يجعل من الضروري المرور الى السرعة القصوى، خاصة وأنه تم تحريك 85٪ من سكان القطاع، ولم يتبق سوى 15٪ في مساكنهم ولا تزال الجريمة متواصلة. المرور إلى السرعة القصوى يكون، بحسب ما أوضحت المحامية، من خلال استمرار الجزائر في الضغط دبلوماسيا في مجلس الأمن، وعن طريق تأسيس لجان تقوم بإعداد التقارير بالأدلة لإضافتها للشكوى الموجودة، كما يمكن للمنظمات والجمعيات الانضمام لهذه الأخيرة، مثل نقابة مستخدمي الصحة ونقابة الأطباء... من أجل الضغط. ولفتت الى ان الجزائر لم تقم بتقديم دعوى أمام محكمة الجناية الدولية كشخص معنوي، لأنها ليست عضوا في هذه الهيئة الدولية. وأضافت في السياق، أن الدعوى الاستعجالية التي رفعتها جنوب إفريقيا لمحكمة الجنايات الدولية، تقضي بضرورة اتخاذ تدابير استعجالية ومؤقتة، تريد من خلالها إجبار الكيان على تطبيق هدنة للسماح للمساعدات الإنسانية بأن تصل القطاع الذي يعاني كارثة إنسانية غير مسبوقة، ريثما يتم النظر في الأدلة والبراهين التي قدمتها. كما اعتبرت المحامية سعد العود صمت المجتمع الدولي على ما يحدث في غزة، يسمى بلغة القانون «عدم مساعدة الأشخاص في خطر»، وقالت إن هذا الصمت ليس تواطؤا، وإنما شراكة في الجرائم غير الإنسانية التي يعاقب عليها القانون الدولي والتي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في غزة والضفة.