أكد الخبيران السياسيان موسى بودهان وعبد العظيم بن صغير، أمس، أن دعوة الجزائر مجلس الأمن لوقف مخطط التهجير القسري للفلسطينيين، في أول مهمة لها على مستوى هذه الهيئة الأممية كعضو غير دائم، ستكون له انعكاسات إيجابية على مسار القضية الفلسطينية، حيث ستعاد إلى واجهة الأحداث بعد محاولات طمسها والدوس على حقوق الشعب الفلسطيني، موازاة مع الضغوط الممارسة على الكيان الصهيوني واتهامه بارتكاب جرائم، ما يعد سابقة تاريخية. قال الخبير في القانون الدستوري موسى بودهان في اتصال مع "المساء"، إن مطالبة الجزائر بوقف التهجير القسري للفلسطينيين، يشكل ضغطا دوليا رهيبا على الكيان الصهيوني، كما ستدفع بالمنتظم الدولي التحرك بسرعة لإيقاف هذا الظلم والجرائم التي يمارسها الكيان الصهيوني في غزة وفي فلسطين إجمالا. وأضاف أن النتائج ستكون حتما إيجابية جدا في ظل مقاضاة الكيان الصهيوني، مشيرا إلى أن الجزائر كانت من أولى الدول التي دعت على لسان رئيسها السيد عبد المجيد تبون بمناسبة افتتاح السنة القضائية أحرار العالم ورجال القضاء والقانون وكذا المنظمات الحقوقية، بضرورة التكتل والتحرك الجماعي، من أجل مقاضاة اسرائيل بسببجرائم الإبادة. وأوضح بودهان أن هناك دعاوى قضائية ضد الكيان الصهيوني على غرار تلك التي رفعتها لبنان بعد اغتيال أحد قادة مقاومة حماس على أراضيها، موازاة مع دعاوى أخرى سترفع في المستقبل، ما سيدفع بالكيان الصهيوني التوقف عن هذه الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية. وأكد المحلل السياسي على ضرورة تفعيل آليات دولية لمحاصرة هذا الكيان، في ظل ورود أخبار مبشّرة مفادها أن محكمة العدل الدولية قد أصدرت قرارا يقضي بإدانة الكيان الصهيوني عن جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، ما يجعلها سابقة تاريخية ولحظة فارقة في حياة المنظومة والشرعية الدولية. وأعرب بودهان عن أمله في أن تجد هذه الإدانة ضد الكيان الصهيوني تطبيقا في الميدان خاصة وأن الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تمتلك حقّ الفيتو لن تتردد في استخدامه من أجل عرقلة تطبيق كل ما سيصدر عن مجلس الأمن الدولي . من جهته، وصف الدكتور عبد العظيم بن صغير أستاذ العلوم السياسية في اتصال مع "المساء"، مداخلة الممثل الدائم للجزائر لدى الأممالمتحدة بالقوية والصريحة، وأنها تعكس الموقف الثابت والمبدئي للجزائر تجاه القضية الفلسطينية التي تعتبر أولوية العمل الديبلوماسي للجزائر خلال عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن . وأضاف أن الجزائر تدرك حجم التحديات والتهديدات المترتبة عن هذا الموقف مع صعوبة تحقيق التوافق داخل المجموعة العربية المشتتة سياسيا وليس لها نفس المقاربة في حلّ القضية الفلسطينية وخاصة في ظل الهرولة نحو التطبيع لبعض الأنظمة التي عجزت حتى عن إدانة العدوان الصهيوني لجريمة الإبادة التي يتعرض لها سكان غزة . وأقر المحلل السياسي بصعوبة مهمة الجزائر بمجلس الأمن والتي وصفها بالشاقة، بحكم التركيبة غير المتكافئة للأعضاء الدائمين الذين يتمتعون بحق الفيتو وكذا لعبة المصالح الدولية التي تخضع لحسابات الدول والتي تتجاوز أحيانا الأوضاع الإنسانية وقيم الكرامة وحقوق والإنسان، بسبب منطق الهيمنة الأمريكية على هذه المؤسسات التي تعطل في كل مرة أي قرار متعلق بوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية أو حتى إدانة الكيان المحتل لما يقترفه من جرائم ضد المدنيين العزل . وأضاف محدثنا أنه رغم ذلك فإن المحاولة وتكرارها وقول كلمة الحق في المحافل الدولية والتمسك بمشروعية الحقوق الفلسطينية وتأسيس الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين، سوف تشكل حرجا وضغطا سياسيا للولايات المتحدةالأمريكية الداعمة بلا حدود للكيان الصهيوني. وأشار بن صغير إلى أن ما قامت به جنوب إفريقيا في رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال الاسرائيلي لوقف جريمة الإبادة، يعد إنجازا تاريخيا في مسار القضية الفلسطينية، موازاة مع زيادة مستوى الإدانة الدولية لجرائم الاحتلال، مضيفا أنه مهما كان القرار فإن مجرد مثولها أمام المحكمة وإطلاع الرأي العام الدولي بفظاعة الجرائم الموثقة من طرف خبراء ومختصين وقضاة ومحامين، له دلالات أخلاقية وقانونية، وقد يدفع بالمحكمة الجنائية الدولية للتحرك في نفس الاتجاه لمتابعة الأشخاص المتورطين في هذه الجرائم.