أخذ ملف المزارع النموذجية اهتماما كبيرا من طرف الحكومة في إطار النهوض بالقطاع الفلاحي بالجزائر والمساهمة في ترقية المنتجات المحلية خصوصا المحاصيل الكبرى كالحبوب والبقول الجافة لرفع تحدي تحقيق الأمن الغذائي الوطني، وأيضا إعادة تفعيل وتنظيم مهام هذه المزارع حتى تقوم بدورها المتكامل في انتاج وتحسين البذور والشتائل المختلفة مع فتح آفاق التعاون والشراكة مع القطاع الخاص لدفع بالاستثمار الفلاحي نحو الأمام وهي التجربة التي بدأت تتحقق في الميدان وتعطي ثمارها على المستوى المحلي. تعتبر ولاية بومرداس منطقة رائدة في المجال الفلاحي بمساحة تقارب 63 ألف هكتار، حيث تهيمن شعبة عنب المائدة على المساحة المزروعة بأكثر من 17 بالمائة إلى جانب شعبة الأشجار المثمرة والحمضيات، ويغلب النشاط الخاص على مجمل الأنشطة بفضل الاستثمارات الجديدة التي تجسدت في الميدان، فيما يبقى حضور المستثمرات الفلاحية وعددها حوالي 1047 مستثمرة متفاوتا من حيث الانتاج والمردودية بسبب وضعها القانوني والاداري، حيث تعاني 244 مستثمرة من نزاعات قضائية حسب مصادر الديوان الوطني للأراضي الفلاحية بسبب عدة تجاوزات من قبل الناشطين سواء بتغيير الطابع الفلاحي للمستثمرة وانجاز سكنات فوقها أو استغلال المساحة لممارسة أنشطة نفعية وتجارية. وسط هذا الكم الهائل من المستثمرات الفلاحية التي أنشئت في مرحلة سابقة لما بعد الثورة الاشتراكية، لا تتواجد بولاية بومرداس سوى ثلاثة مزارع نموذجية اثنتين منهما فقط قيد الاستغلال في إطار الشراكة مع القطاع الخاص، حسب ما كشف عنه الأمين الولائي للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين صادق سباوي في اتصال مع الشعب، حيث ثمّن التدابير الجديدة للحكومة الرامية إلى تطوير النشاط الفلاحي ببلادنا استجابة للتحديات الاقتصادية الراهنة. وأشار سباوي في هذا الخصوص "أن مشروع المزارع النموذجية المتخصّصة في إنتاج وتطوير البذور والمشاتل تعرف انطلاقة ايجابية بالولاية بفضل التدابير التي اتخذتها الدولة لتشجيع ومرافقة الفلاحين على تطوير وعصرنة القطاع الفلاحي بطريقة مستدامة وفق النظرة الجديدة الهادفة إلى ترقية الانتاج الوطني وتنويعه، وأيضا فتح آفاق التعاون والشراكة مع القطاع الخاص للرفع من قيمة الاستثمارات وتوفير الدعم المالي والمادي الكافي لتحقيق أهداف هذه الاستراتيجية المستقبلية". وعن طبيعة المزارع النموذجية الناشطة بولاية بومرداس وتخصّصها، أكد ممثل الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين "أن بومرداس تملك حاليا مزرعتين الأولى تقع ببلدية خميس الخشنة أو مزرعة الاخوة حوشين بمساحة 380 هكتار متخصّصة في إنتاج الحمضيات بكل أنواعها، وتعتبر حاليا من بين أهم المزارع النموذجية العصرية التي تساهم في تطوير الشعبة والرفع من مردودية الانتاج، إلى جانب المزرعة الثانية ببلدية رأس جنات وهي عبارة عن مشتلة عصرية تقدّم مختلف أنواع وأصناف الأشجار المثمرة، في حين تبقى المزرعة الثالثة غانم سعيد المتواجدة ببلدية برج منايل تعاني من نزاعات ومشاكل ادارية رغم أهميتها الفلاحية باعتبارها واحدة من بين أهم المزارع المتخصّصة في إنتاج الحبوب وتطوير البذور وهي تتربع على مساحة 700 هكتار. وفي سؤال عن أهمية التخصص ومكانة المحاصيل الكبرى في هذه الاستراتيجية نظرا لأهمية شعبة الحبوب والبقول الجافة التي يتمّ التركيز عليها حاليا من قبل وزارة الفلاحة، أكد صادق سباوي "أن بومرداس معروفة بطابعها الفلاحي المتخصص في انتاج الخضر والفواكه، حيث تسيطر شعبة عنب المائدة على النشاط وبدرجة ثانية تأتي شعبة الأشجار المثمرة والخضروات نظرا لعدة عوامل، بالمقابل لا تستحوذ شعبة الحبوب سوى على مساحة محدودة لا تتجاوز 2400 هكتار من أصل 63 ألف هكتار وهي تتقلص من موسم إلى آخر، وعليه من الطبيعي أن يكون توجّه مشروع المزارع النموذجية حسب نوعية المحاصيل والشعب الموجودة والمساهمة بفعالية في الانتاج المحلي وحتى الوطني".